في أوائل الثمانينيات، وبعد رحلة علمية بين علماء الفرق والمذاهب الإسلامية المختلفة، قمت بوضع أصول وقواعد مشروعي الفكري، الذي يدعو أتباع الفرق والمذاهب المختلفة إلى اتباع الإسلام الذي كان عليه الرسول في عصر الرسالة، وذلك بتفعيل نصوص «الآية القرآنية»، التي جعلها الله برهانًا على صدق نبوة رسوله محمد إلى يوم الدين، وقد سميت هذا المشروع «نحو إسلام الرسول».
ولقد تميز هذا المشروع بمنهجية علمية، تحمل أدوات لفهم القرآن، مستنبطة من ذات النص القراني، لا تخاطب فرقة بعينها، وإنما تخاطب المسلمين جميعًا، وهي مفصلة في مؤلفاتي، وعلى هذه الصفحة، خاصة منشورات «أغسطس ٢٠١٤»، وما بعدها.
ولذلك عندما صادرت مؤسسة الأزهر، «عام ٢٠٠٥»، كتابي «نحو تأصيل الخطاب الديني»، المكون من ثلاثة أجزاء، وسُجنت بسبب هذه المصادرة، سألني المحقق عن مدى استعدادي لمناظرة لجنة من هيئة كبار علماء الأزهر، قلت له:
إن مشروعي الفكري لا يخاطب فرقة أهل السنة والجماعة حتى أناظر علماءها، وهذا مثبت في الكتاب الذي عندكم، والذي سُجنت بسبب نشره، فإذا أردتم المناظرة العلمية، فلن أقبل إلا أن تكون مع لجنة من كبار علماء الفرق والمذاهب المختلفة، هؤلاء الذين أخاطبهم في هذا الكتاب.
ولما عجزوا عن تشكيل هذه اللجنة، أفرجوا عني.
وعندما أصدر «مرصد الأزهر» في «١٧-٤-٢٠١٦م» بيانا يتهمني فيه بإنكار السنة، وقمت بالرد على هذا البيان في خمسة مقالات، منشورة على هذه الصفحة، قلت لهم في أول مقال ما يلي:
«لم يحدث أن وجهت خطابي لفرقة من الفرق الإسلامية، إلا على سبيل ضرب المثل، لبيان مشكلة عامة تتعلق بجميع الفرق، ذلك أن مشروعي الفكري يخاطب أتباع الفرق الإسلامية جميعهم، ولو كان علماء »مرصد الأزهر« على دراية بهذا الأمر، ما أجهدوا أنفسهم في الرد على أي شيء يتعلق بمشروعي الفكري، إلا بعد تشكيل لجنة من علماء الفرق الإسلامية التي أخاطبها»
أرجو أن أكون بذلك قد أعطيت فكرة للسائلين عن مشروعي الفكري، وما يُميّزه عن سائر المشاريع المعاصرة، علما أن المحور الأساس الذي يدور حوله هذا المشروع هو «الوحدانية».
ومن منطلق منظومة «الوحدانية»، أرى من خلال تدبري لآيات الذكر الحكيم، أن كل من لم يخلع ثوب «المذهبية» قبل موته، مات مشركًا، وهذا ليس حكم محمد مشتهري، وإنما حكم الله في كتابه، الذي خاطب رسوله محمدا، والذين آمنوا معه، قائلا:
« مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ » – «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ»
« وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ »
« مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا » – « كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ »
واللافت للنظر، بل والذي أقف عنده كثيرًا مستغربا، أنه بحصر المنشورات والمقالات التي تُبيّن حكم الله في الذين « فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا »، وتحليل أسباب وصف الله لهم بالمشركين، وبغيرها من الصفات، أجد نسبة إعجاب الأصدقاء قليلة، مقارنة بالمنشورات التي تحدثت عن موضوعات عامة..، فهل من محلل نفسي يعرف السبب؟!
محمد السعيد مشتهري