نحو إسلام الرسول

(473) 16/6/2016 (هل يجب أن تستمر الحياة، بمعزل عن الشريعة الإلهية؟)

إن دول العالم المتقدم، لا تؤمن بالنبي الخاتم، ولا برسالته، ولا بشريعته الخاتمة، ومع ذلك وصلت إلى مرحلة من التقدم العلمي يعجز الإنسان عن وصفه، ولكن تدبر قول الله تعالى مبينًا فاعلية السنن الكونية في حياة الناس:

«مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا، نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ، وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا، وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ»

و«المسلمون»، الذين يؤمنون بالنبي الخاتم وبرسالته، ويتبعون شريعته الخاتمة، والذين تفرقوا في الدين وكانوا شيعا، يعيشون في ذيل التقدم الحضاري عالة على دول العالم المتقدم، والله تعالى يخاطبهم بقوله:

«مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»

والذين عرفوا الحق وتبرؤوا من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، وأقاموا إسلامهم على الإيمان بمصدر تشريعي واحد هو كتاب الله، هؤلاء نراهم حولنا، لا فرق بين حياتهم وحياة الناس، فالجميع يعيشون مشاريعهم الفكرية، مؤلفات وخطب منبرية ومنشورات، لا فاعلية لها على أرض الواقع.

إن الله عندما وعد الذين عرفوا الحق بشيء، هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات، لم يعدهم بكتب، ولا بخطب ولا بمنشورات، وإنما وعدهم بشيء على أرض الواقع، فحاول أن تتدبره وتقف عليه من خلال هذه الآية:

«وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ – لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ – وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ـ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا – يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا – وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»

فإذا سألت الذين عرفوا الحق، ثم أعطوا ظهورهم له:

فلماذا لم تقيموا مجتمع الإيمان والعمل الصالح، كي تنطلقوا منه في تفعيل آيات الكتاب بين الناس، لإخراجهم من الظلمات إلى النور؟!

قالوا: يصعب علينا جدا أن نُغير واقعنا، ونهجر أهلنا، ونخسر أعمالنا وأموالنا، ونرفض زواج أولادنا من هؤلاء الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا..، (فعلا غلابة ومساكين)

لقد أردت أن أقف على حجم هذه الإشكالية بين الذين عرفوا الحق، فكتبت منشورا في «١١-٥ -٢٠١٦»، بعنوان: «وبعدين … حعمل إيه لو حبيت اتجوز؟!»، وقد كانت مفاجأة لي: كأني لم أكتب شيئًا .. إعجاب فقط!!

هذه هي المشكلة، وهذه هي المصيبة الكبرى، التي جعلت من يعرفون الحق يُعطون ظهورهم لأشياء، ويغضون الطرف عن أشياء، من أجل أن تسير عجلة معيشتهم، حتى ولو كان ذلك على حساب هجر الشريعة الإلهية، الأمر الذي جعلني أضع للمنشورات الثلاثة الأخيرة العناوين التالية:

١- الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ
٢- الطيور على أشكالها تقع
٣- إذا صَدّقْتَ الله، فابكي على حالك حتى تلقاه

لماذا؟! لأن الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به في الدرك الأسفل من النار:

«إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا»

«أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ، نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ، بَل لَّا يَشْعُرُونَ»

ولذلك أمر الله تعالى رسوله أن يتعامل مع هؤلاء المنافقين بغلظة:

«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ، جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ، وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ، وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»
وأمره ألا يستغفر لهم:

«اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ»

بل وأمره ألا يدعو لهم، ولا حتى أن يذهب لقبورهم:

«وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا، وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ، إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ»

واليوم، لا يُعرف المسلم المؤمن، من المسلم المنافق، الذي هو أشد خطرا على ملة الوحدانية من ملل الكفر كلها، وتتداخل العلاقات التجارية والمالية والعائلية، وتسير مركب الحياة، ولكن بشرط ألا تثير قضية تفعيل كتاب الله في حياتهم.

إن المشكلة الكبرى، أن المصطلحات القرآنية المستخدمة في هذه الآيات، والمفاهيم التي حملتها قطعية الدلالة، ومع ذلك تعمدت هذه القلوب هجرها، وتغضب جدا من الذين يثيرونها، لأنها تصيبهم باكتئاب من الدرجة الأولى.

إذن فما هو الحل؟!

الحل: أن تستمر الحياة بمعزل عن الشريعة الإلهية، والمستفيد الأول هو: الشيطان الرجيم

«قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي، لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ، وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى