« نحو إسلام الرسول »، اسم اخترته لمشروعي الفكري، بعد دراسة علمية متدبرة لكتاب الله، كان من أهم نتائجها، أن المسلمين جميعا، أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، إذا ماتوا اليوم ماتوا مشركين، قولا واحدًا، استنادًا إلى آيات الكتاب الحكيم، ذات الدلالة القطعية، التي يستحيل أن يختلف حولها العقلاء.
تدبروا جيدا أيها « المؤمنون»، « المسلمون »، قول الله تعالى الذي يخاطبكم به اليوم، والذي خاطب به رسوله محمدًا والذين آمنوا معه، فقال:
« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ »
تدبر: إن الله تعالى يخاطب الذين آمنوا يأمرهم بتقوى الله، وينهاهم عن الموت على غير الإسلام، ثم يأمرهم بالاعتصام وعدم التفرق:
« وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ »
« وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ»
ثم يؤكد الله تعالى على النهي عن التفرق والاختلاف بقوله:
« وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ »
ثم يبيّن لهم ثمرة هذا التفرق:
« وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ »
وفي موضع آخر، يُفصّل لهم أسباب هذا العذاب العظيم، مع أنهم أصلا قد أقروا بأصول الإيمان، وسلّموا لأحكام الشريعة تسليما، فيقول تعالى مخاطبا أيضا النبي والذين آمنوا معه:
« مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ »
ثم بيّن لهم من هم « المشركون »:
« مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ »
والسؤال: هل تفرق المسلمون في الدين، إلى فرق وشيع وأحزاب؟!
إذا أجبت بنعم، فلا تضع رأسك في الرمال، لتخفي المصيبة الكبرى التي تعيش فيها أنت، ويعيش فيها أهلك وجيرانك وأقاربك، ومن في الأرض جميعًا من أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، وهي أن من مات منهم، ولم يخلع ثوب التفرق والمذهبية، مات مشركًا.
هذا عن « عموم » المصيبة، التي يجب أن يُقام لها سرادق للعزاء في كل بيت، وفي كل شارع، أما عن إسقاط أحكام هذه المصيبة على « أشخاص » بعينهم، فأقول: لا، لأنهم قوم يجهلون مصيبتهم، وإلا ما كان هذا هو حالهم، وعلينا أن نُبيّن لهم.
وأكرر قولي: لا نسقط أحكام هذه المصيبة على « أشخاص » بعينهم، لأن هناك أشخاص لا يبصرون ما أكتب، وإذا أبصروا لا يتدبرون، وإذا تدبروا وفهموا وبيّنت لهم يهربون!
والسؤال: هل يُعقل ونحن جالسون في سرادق العزاء، نُبيّن للناس حقيقة مصيبتهم، ونعظهم، أن ننشغل بغيرها؟!
هل يُعقل ونحن جالسون نتلقى العزاء في مصيبتنا، أن يخرج علينا من يشغلنا عن مصيبتنا، بخلافات فرقته مع الفرق الأخرى، أو بأحكام شريعته، وهل النقاب فرض أم سنة، وهل الكلب ينقض الوضوء أم لا؟!
هل يُعقل ونحن جالسون نتلقى العزاء في مصيبتنا، أن يخرج علينا من «يهزر»، أو يضحك «هههههه»، أو يتكلم في موضوع خارج هذه المصيبة، ويشاركه في ذلك صاحب السرادق، فإذا خرج لهم من ينهاهم عن هذا الفعل المشين، قالوا له: « يا عم، رفقا بالقرارير »؟!
إن سرادق العزاء، هو ما يجب أن تكون عليه صفحات المفكرين الإسلاميين على شبكات التواصل الاجتماعي، يدخله كل مسلم من بيته، أو من عمله، وهو يعلم حجم المصيبة التي يعيشها المسلمون.
إن هذا هو مشروعي الفكري، وهذه هي ضوابطه، وصفحتي هذه سرادق للعزاء، لا أقبل فيها ما يقبله الآخرون، فمن أراد أن يدخل هذا السرادق فليلتزم بضوابطه، ثم بعد أن يخرج منه، يذهب إلى حيث يشاء، فمئات الصفحات التي تؤمن بحرية الرأي المطلقة أمامه، والمعجبون بها بالآلاف!
محمد السعيد مشتهري