نحو إسلام الرسول

(460) 25/5/2016 (Amjad Omer)

بعد حوار طويل مع الصديق «أمجد عمر»، عن موضوع المقال الأخير: «عندما تحرف القراءات العصرية مفهوم النبوة»، قال في تعليقه الأخير:

«يا استاذي انت لم تأتي بأدلة من القرآن بل أتيت بتفسيرك أنت وفهمك الخاص للآيات والفرق كبير ولو احتجت أن أستدل بآيات من القرآن فمن الممكن أن أستدل بنفس الآيات، ثم أني بنيت ردي على حضرتك على الآية (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) فكيف لم استدل بآيات من القران؟!

وكما يعلم أصدقاء الصفحة، أني لا أخصص منشورًا خاصا، للتعقيب على تعليق أحد الأصدقاء، إلا إذا كان الهدف هو بيان مزيد من الأمثلة على استحالة فهم القرآن بمعزل عن المنهجية العلمية التي تحمل أدوات فهمه.

فتعليق الصديق «أمجد عمر» مثال لافتقاد هذه المنهجية العلمية

فهو يقول: «ولو احتجت أن أستدل بآيات من القرآن فمن الممكن أن أستدل بنفس الآيات»
والمنطق يقول: إذن فلماذا لم تفعل؟! تفضل استدل بنفس الآيات وأتي بتفسيرك لها حسب مذهبك!!! هذا هو الأسلوب العلمي في الحوار

أما عن الآية: « لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ..»

فماذا تعلم عن «علم السياق»؟!

وماذا تعلم من «علوم اللسان العربي»؟!

ولذلك سأجعل هذه الآية مثالا لتعلم كيف نتعامل مع السياق القرآني

لقد جاءت هذه الآية في سياق يُفهم منه أن هناك مشكلة يشترك فيها المسلمون مع أهل الكتاب، نزل القرآن ليضع لها ضوابط، ويبدأ السياق بقوله تعالى في سورة النساء مخاطبا النبي الخاتم:

* إِنّا أَنزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَب بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَينَ النّاسِ بمَا أَرَاك اللّهُ وَلا تَكُن لِّلْخَائنِينَ خَصِيماً

وَلا تجَدِلْ عَنِ الّذِينَ يخْتَانُونَ أَنفُسهُمْ إِنّ اللّهَ لا يحِب مَن كانَ خَوّاناً أَثِيماً

ثم تحدث عن هذا الجدال الخاص بهذا الموقف، وبيّن ميزان الحساب في الآخرة، ثم قال:

* وَمَن يَكْسِب خَطِيئَةً أَوْ إِثماً ثُمّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بهْتَناً وَ إِثْماً مّبِيناً

ثم تدبر ماذا قال بعدها، ومن هم المخاطبين؟!

* وَلَوْلا فَضلُ اللّهِ عَلَيْك وَرَحْمَتُهُ لهََمّت ( طائفَةٌ مِّنْهُمْ ) أَن يُضِلّوك وَمَا يُضِلّونَ إِلا أَنفُسهُمْ وَ مَا يَضرّونَك مِن شىْءٍ

ثم قال بعدها:

* وَمَن يُشاقِقِ الرّسولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَينَ لَهُ الْهُدَى وَيَتّبِعْ غَيرَ سبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلى وَنُصلِهِ جَهَنّمَ وَساءَت مَصِيراً

إذن فالذين لم يتبعوا سبيل المؤمنين في جهنم «وَساءَت مَصِيراً»

ولذلك قال بعدها:

إِنّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَن (يُشرَك بِهِ) وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِك لِمَن يَشاءُ وَ مَن (يُشرِك بِاللّهِ) فَقَدْ ضلّ ضلَلا بَعِيداً
فهل أهل الكتب السابقة، المخاطبين في عصر الرسالة، لم يكفروا بالله، ولم يشركوا به ما لم ينزل به سلطانا؟!

ثم تدبر ماذا قال بعدها عن ميزان الحساب في الآخرة:

وَالّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصلِحَتِ سنُدْخِلُهُمْ جَنّتٍ تجْرِى مِن تحْتِهَا الأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّا وَمَنْ أَصدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً

فهل يمكن أن يكون «الذين آمنوا وعملوا الصالحات» هم الذين كفروا وأشركوا بالله تعالى؟!

هل يمكن أن يكون «الذين آمنوا وعملوا الصالحات» هم الذين قالوا:

لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ( تِلْك أَمَانِيُّهُمْ ) قُلْ هَاتُوا ( بُرْهَانَكُمْ ) إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
هل تعلم معني:

لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى؟!

يعني: لن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا، والسياق يثبت أن الدين الذي هم عليه دين باطل، فكيف يدخلون الجنة؟!

هل يمكن أن يكون «الذين آمنوا وعملوا الصالحات» هم الذين قال الله عنهم:

وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا (أَمَانِيَّ) وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ

فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ

ألم يحرف اليهود والنصارى كتبهم، ولم يحفظها الله تعالى؟!

لقد جاء قوله تعالى:

لّيْس ( بِأَمَانِيِّكُمْ ) وَلا ( أَمَانىِّ ) أَهْلِ الْكتَبِ

يطلب من الملل الثلاث: اليهود والنصارى والمسلمين، إعادة النظر في حقيقة إقرارهم بأصول الإيمان، وحقيقة عملهم الصالح.

ثم وضع الميزان

مَن يَعْمَلْ سوءاً يجْزَ بِهِ وَلا يجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّا وَلا نَصِيراً

فهل يُعقل أن يعاقب الله تعالى من عمل سوءًا، من هذه الملل، ولا يعاقبه أولا على كفره وشركه؟!
لذلك اشترط الله الإقرار بالوحداينة وبأصول الإيمان:

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصلِحَتِ مِن ذَكرٍ أَوْ أُنثى وَهُوَ (مُؤْمِنٌ) فَأُولَئك يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ وَلا يُظلَمُونَ نَقِيراً
انظر إلى معنى وَهُوَ (مُؤْمِنٌ) في هذا السياق الذي قال الله فيه من قبل:

إِنّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَن (يُشرَك بِهِ)

ثم أكد على الإقرار بالوحدانية بقوله بعدها:

وَمَنْ أَحْسنُ دِيناً مِّمّنْ أَسلَمَ وَجْهَهُ للّهِ وَهُوَ محْسِنٌ وَاتّبَعَ مِلّةَ إِبْرَهِيمَ حَنِيفاً

فهل نعلم معنى إسلام الوجه لله تعالى؟!

وهل نعلم الأصول التي قامت عليها ملة إبراهيم عليه السلام؟!

فكيف يدخل الجنة من كفر بهذه الأصول، ولم يتبع النبي الخاتم، الذي أمر الله الناس جميعا اتباعه؟!

هذا المنشور طبعا لمن آمن أن القرآن كلام الله تعالى.

ومنذ تاريخ نشر مقال «عندما تحرف القراءات العصرية مفهوم النبوة»، لم أتلق تعليقا علميا، وها هي التعليقات كلها على الصفحة، وإنما للأسف الشديد كلاما مرسلا، ثم عندما تأتي البراهين القرآنية محكمة، يهرب الأصدقاء من الحوار العلمي لأسباب واهية!!

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى