نحو إسلام الرسول

(453) 14/5/2016 (لا عزاء … فقد مات المُعَزّون)

أحيانا أقوم بجولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أتعرف خلالها على أحول المفكرين الإسلاميين، والقضايا التي يناقشونها، ويُعجب بها مئات التابعين، فأشعر أني أعيش في كوكب آخر!
أرى عالما يؤمن بوجود إله واحد أحد، خلقه ولم يرسل له رسلا، ولم يكلفه بشريعة، عالما مسيّرًا نحو هدف واحد مقدس، يعيش من أجله، هو خدمة الإنسانية، والعمل على بناء حضارتها!

أرى عالما يقوم على حرية الفكر والإبداع، والتعايش السلمي بين أفراده، لا شريعة تحكمه، ترفض المرأة فيه أن تستر مفاتنها، لأن ذلك يتعارض مع حرية الإنسان!

ولكنه في نفس الوقت عالم متناقض، ففي الوقت الذي يرفض فيه أن تكون هناك شريعة إلهية تقيد حريته، وتأمره بأداء شعائر تعبدية معينة، نراه يتحدث عن القيم الدينية، وهو لا يعلم مقتضيات «الدين الإلهي»، ونراه يناقش أحكام الشريعة، وهو لا يعلم أين هو الكتاب الذي يحوي هذه الأحكام، وكيف يثبت حجيته!

كوكب لا تعرف له هوية ولا دين، يعيش فيه مفكرون إسلاميون يخرجون علينا كل ساعة، وأحيانا كل دقيقة، بمنشورات تحمل موضوعات لا علاقة لها بمستوى الرقي الفكري والحضاري، الذي يعيشه هذا الكوكب!

فما علاقة أهل هذا الكوكب بمسألة إذا كان الحديث صحيحا أم ضعيفا، وإذا كان مس المرأة، أو مس الفروج، ينقض الوضوء أم لا، وهل يُشترط أن يكون صوت المؤذن جميلا، وهل المعراج حقيقة أم خيال…، وهم لا يعلمون أصلا كيف يثبتون حقيقة «الوحدانية»، ومقتضياتها الواجب العمل بها؟!

عالم لا يعمل بمقتضيات «الوحدانية»، لأن ذلك سيفقده الحرية المطلقة التي يستمتع بها أهل هذا الكوكب!

عالم لا يعمل بمقتضيات «النبوة»، لأن ذلك سيفرض عليه الإيمان بالآية الدالة على صدق «النبوة» الخاتمة، والتي حملها الكتاب الخاتم، القرآن الكريم، والعمل بشريعته، وفي مقدمتها مقتضيات «الوحدانية».

وإن من مقتضيات «الوحدانية»، عدم التفرق في الدين، الذي حذر الله منه، وبيّن أنه شرك بالله، ومع ذلك نرى المسلمون وقد أعطوا ظهورهم لهذا التحذير، وذهبوا يختلفون على أحكام الشريعة، التي لا تقوم أصلا إلا على قواعد «الوحدانية»!

هذه هي أولويات الفكر والعمل الإسلامي، التي يحرم الحديث خارج حدودها، حتى يتحقق العمل بمقتضيات: الوحدانية، والنبوة، والكتاب!

إنك إذا تحدثت عن التغيير، ووجوب العمل بهذه المقتضيات، انفض عنك الحواريون، والمقربون، والأصدقاء، الذين لا تحمل قلوبهم إيمانا صادقا يتحمل عبء التغيير!

لذلك كلفت أحد الأصدقاء بإقامة سرادق أتلقى فيه العزاء، في وفاة القلوب المؤمنة الصادقة، التي أخلصت دينها لله تعالى، وعملت بمقتضياته، ولكنني عندما دخلت السرادق، لم أجد أحدا!

فسألت صديقي: أين المُعَزّون؟!

قال: ماتوا

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى