نحو إسلام الرسول

(452) 11/5/2016 (وبعدين … حعمل إيه لو حبيت اتجوز؟)

سؤال يأتيني كثيرًا، منذ أن كتبت سلسلة منشورات «آية الزواج» في سبتمبر ٢٠١٤، بداية بمنشور (١٧-٩-٢٠١٤) وحتى المنشور الأخير في (٢-١٠-٢٠١٤)

إن ورود الآية «٢١» من سورة الروم: « وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً »، وسط منظومة من الآيات الكونية، تبدأ بالآية «١٧» وتنتهي عند الآية «٢٧»، نفهم منه أن الزواج آية من آيات الله الكونية، يريد الله منا أن نقيمه على هذا الأساس، فتنشأ الذرية في بيئة مسبحة ساجدة لخالقها، الله عز وجل.

فإذا علمنا أن «الآية» تعني البرهان الإلهي، سواء كان خيرًا أم شرًا، نعمة أم عذابًا، فعلينا أن نعلم، أن الله جعل ثمرة «آية الزواج» بيد الإنسان، فإن أحسن الرجل والمرأة الاختيار، وفق ما شرعه الله، عاشا في نعمة السكن: «لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا»، وجعل الله بينهما مودة ورحمة: « وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ».

وإن لم يحسن الرجل والمرأة الاختيار، انفكت عرى الزوجية، حتى ولو رضيا بالأمر الواقع، ولم ينفصلا.

إن البيت المسلم المؤمن جزء من هذا الكون الساجد المسبح، أي أنه جزء من «منظومة العبودية» الخالصة لله تعالى، هذه المنظومة التي سيقوم عليها مجتمع « الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ » الذي وعده الله بدوام «الود» بين أفراده في الجنة، فقال تعالى:

« إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّاً »

إن هذا «الجعل الإلهي»، الذي سيتمتع به أهل الجنة في الآخرة، يشعر به في الدنيا مجتمع « الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ »، الذي خرج منه البيت المسلم المؤمن، لقوله تعالى:

« وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً »، فهل يمكن أن يجعل الله المودة والرحمة بين زوجين أحدهما مؤمن والآخر مشرك؟!

يستحيل، لأن «الزواج» طرفان يتحدان ليكونان نفساً واحدة، متناغمة إيمانياً وفكرياً، وهذا معنى كلمة «زوج»، ولذلك الصحيح أن نقول عن المرأة المتزوجة «زوج» فلان، وليس «زوجة» فلان.

صحيح ممكن أن نجد المودة والرحمة بين زوجين غير مسلمين، وهو أمر طبيعي، ماداما متماثلين فكريا في أشياء أخرى، ولكنهما سيجنيان ثمرة هذه المودة، وهذه الرحمة، في الدنيا فقط، لقوله تعالى:

«مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ، وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ»

لذلك لجأ بعض أصحاب القراءات العصرية إلى تحريف دﻻﻻت «الإيمان»، و«الإسلام» في القرآن الحكيم، لفتح باب الزواج على مصراعيه، يدخل منه كل من اتصف بالأمن والأمان، والسلم والسلام، مهما كانت ملته، كافرا، مشركا، منافقا، وقد قمت بالرد على هذه الشبهة الواهية في منشورات «سبتمبر ٢٠١٤» السابق الإشارة إليها.

ولكن ماذا سنفعل أمام قوله تعالى:

« وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ، وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ »
« وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا، وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ »
« أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ »
« وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ »

إن أتباع الفرق والمذاهب الإسلامية إذا ماتوا ولم يخلعوا ثوب «التفرق في الدين» ماتوا مشركين، استنادا إلى النص القرآني، الذي خاطب الرسول والذين آمنوا معه:

« وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ »

إذن يصبح للسؤال الذي جعلته عنوانا للمنشور أهمية:

وبعدين … حعمل إيه لو حبيت اتجوز؟

الجواب: سأعرض الأمر على الأصدقاء، لعل عندهم وسيلة يمكن عن طريقها التوفيق بين راغبي الزواج، المسلمين المؤمنين، الذين يعلمون معنى أن الزواج آية، ضمن منظومة كونية ساجدة مسبحة، هي البيئة التي تنشأ فيها ذريتهم.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى