نحو إسلام الرسول

(449) 5/5/2016 (عالم «تافه»، تخلى عن مسئولية إقامة الدين)

إن كلمة «تافه» في لسان العرب، لها أكثر من معنى، والمعنى المستخدم في المنشور هو:

الإنسان الذي يعيش بلا هدف، لا يعلم ما يجب أن تكون عليه حياته، انطلاقا من قاعدة: «ليس في الإمكان أفضل مما كان»!

فإذا أردنا إسقاط هذا التعريف على واقع المسلمين، فإن أول ما يجب أن يكون، هو الالتزام بقول الله تعالى:

« شَرَعَ ( لَكُم ) مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )».

نعم: « أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ »، هذا أول مقتضيات الإسلام، فهل هذا هو واقع المسلمين؟!

هناك من يعتقد أن قوله تعالى « أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ » يعني: أن يكون المسلمون أمة واحدة، على فهم واحد لكتاب الله، وهو اعتقاد غير صحيح، لأن كتاب الله «آية قرآنية»، متجددة العطاء على مر العصور، حسب إمكانات كل عصر.

إن الله تعالى لم يأمر بإقامة «الأمة» وإنما أمر بإقامة «الدين»، لأن إقامة «الأمة» واستخلافها في الأرض مسألة تتعلق بوعد الله ومشيئته، أما إقامة «الدين» فتتعلق بمشيئة المسلمين وإرادتهم.

لقد « وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ »، فما هو هذا الوعد؟!

الجواب: « لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ * وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ * وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا »

ولكن بشرط: « يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا * وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»

ولاحظ أن الله تعالى يخاطب « الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ».

إن ما يجب أن يشغل بال المسلمين وعلمائهم ومفكريهم ودعاتهم، على منابر الدعوة المختلفة، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، هو الالتزام بشريعة: « أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ »، لا يعلو عليه شيء آخر، لماذا؟!

لأن التفرق في الدين شرك بالله تعالى، يجعل «الذين آمنوا وعملوا الصالحات» غير مستحقين لوعد الله، فلا استخلاف، ولا تمكين للدين، ولا أمن، لذلك حذر الله رسوله محمدا، عليه السلام، والمؤمنين من هذا الشرك، فقال تعالى:

« مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ »

إذن فما جدوى أن يتقاتل ويتخاصم أتباع الفرق والمذاهب الإسلامية على أحكام الشريعة، ثم يخرج علينا أصحاب مشاريع الحداثة والمعاصرة والتعايش وحسن العشرة..، بإلغاء نصفها، وتيسير ربعها، ووضع أغلال الربع المتبقى عنهم، ومصيبتهم الكبرى أصلا أنهم « مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا »؟!

إن «التفرق في الدين» ليس من الإسلام، وعلى المفكرين أتباع الفرق والمذاهب الإسلامية أن يتوقفوا عن الحديث عن الإسلام، ويبكوا على حالهم، ويُسوّدوا صفحاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي، حتى لا تتفاقم ظاهرة «التفاهة» ويتسع عالمها، ويكثر معجبيها أكثر وأكثر، « وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا »!!

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى