Warning: Undefined array key 1 in /home/ebtekarr/public_html/islamalrasoul.com/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Undefined array key 2 in /home/ebtekarr/public_html/islamalrasoul.com/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505
(447) 30/4/2016 (عندما تصبح طاعة المحدثين المذهبية طاعة للرسول) – نحو إسلام الرسول

نحو إسلام الرسول


Notice: map_meta_cap تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. نوع المحتوى elementor-hf غير مُسجل، لذلك لا يمكن الإعتماد عليه في التحقق من الصلاحية edit_post على محتوى من هذا النوع. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 4.4.0.) in /home/ebtekarr/public_html/islamalrasoul.com/wp-includes/functions.php on line 6085

(447) 30/4/2016 (عندما تصبح طاعة المحدثين المذهبية طاعة للرسول)

هل يعقل أن يخرج الرسول على قومه ويقول لهم: إن الله يأمركم أن تطيعوا ما ورد في هذا القرآن، الذي عجزتم أن تأتوا بسورة من مثله، كما يأمركم أن تطيعوا «الأحاديث النبوية» التي سيدونها المحدثون بعد قرن ونصف القرن من وفاتي، كلٌ حسب مدرسته في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف؟!

إن علماء «مرصد الأزهر»، يتصورون أننا نعيش مع النبي في عصر الرسالة، ولو كان هذا التصور هو الواقع، ما وسعنا إلا أن نطيع النبي طاعة مطلقة، فقد آمنّا به نبيًا يوحى إليه ورسولا يحمل رسالة ربه.

إننا لم نر رسول الله، عليه السلام، ولم نسمع منه، وأقمنا إيماننا به على أساس الإقرار بصدق «آيته القرآنية» الدالة على صدق نبوته، والمعاصرة لنا اليوم، والتي عرفناه من خلالها، وإن ما حمله التراث الديني من مرويات ظنية الثبوت عن الرواة الذين نقلوها، وعن المحدثين الذين دوّنوها، لا علاقة له بالآيات التي جاءت تأمر بطاعة الرسول، وتنهى عن معصيته، وبيان ذلك في ما يلي:

أولا: يقول علماء «مرصد الأزهر»: «فهناك آيات أمرت باتباعه، صلى الله عليه وسلم: منها قوله عز وجل: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ – قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)».

والسؤال: لماذا لا يُبيّن علماء «مرصد الأزهر» صراحة للناس، من الذين يتبعون الرسول فأحبهم الله، هل هم: أهل السنة، أم الشيعة، أم المعتزلة، أم الأباضية… ومن مذاهب فرقة أهل «أهل السنة والجماعة»، هل هم: الحنبلية، أم الأشعرية، أم الصوفية..؟!

والغريب أنهم يعتبرون قول الله تعالى: «فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» دليلا على حجية مروياتهم، وأن اتباع الرسول وطاعته في اتباع مروياتهم والعمل بها، وأعطوا ظهورهم لقوله تعالى بعدها: «فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ»، الذي يصف الذين تولوا عن اتباع الرسول بالكفر!!

فإذا كان اتباع الرسول وطاعته، من وجهة نظر «أهل السنة والجماعة» على سبيل المثال، يتمثل في العمل بالمرويات التي صحت عندها، إذن فما موقف علماء «مرصد الأزهر» من المحدثين أتباع الفرق الأخرى، الذين تولوا عن مرويات «أهل السنة»، وأنكروا صحتها؟!

الحقيقة، وبناء على فهم علماء «مرصد الأزهر» لهذه الآية، وإسقاطها على «أهل السنة والجماعة»، يصبح المحدثون من أتباع الفرق الأخرى كافرين، لأنهم تولوا عن اتباع الرسول، بعدم اتباعهم المرويات التي صحت عند فرقة أهل السنة والجماعة.

إن من طبيعة وخصائص المصدر الثاني للتشريع، أنه حمل مرويات كل فرقة بما يوافق مذهبها العقدي والتشريعي، مما جعل الصحيح عند مذهب غير صحيح عند آخر، ومن تولى عن اتباع مرويات مذهب، تولى أتباع المذهب عن اتباع مروياته، وهكذا!!

والحقيقة أن كل أتباع الفرق والمذاهب العقدية المختلفة قد تولوا عن اتباع «السنة النبوية»، التي تنطق بها آيات الذكر الحكيم، في كل لحظة من لحظات الزمن، على مستوى العالم، فمن الذي ينكر «السنة النبوية»:

« الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»، أم الذين تعاملوا مع كتاب الله مباشرة، يستنبطون منه «سنة النبي» بمفهومها اللساني والقرآني، الذي بيّناه في المقال السابق، في سياق الرد على بيان علماء «مرصد الأزهر»، وكان بعنوان: «البيان النبوي ليس سنيا ولا شيعيا ولا أشعريا»؟!

ثانيا: يقول علماء «مرصد الأزهر»: «هناك آيات أمرت بطاعته- صلى الله عليه وسلم – منها قوله عز وجل (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، فجعل ربنا – عز وجل – طاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم – طاعة له سبحانه؛ وذلك لأنه – صلى الله عليه وسلم – مبلغ عن الله…، وأن سنته من دين الله، على المسلم أن يلتزم بها، وأن يطيع أوامر القرآن الكريم والسنة النبوية، وأن ينتهي بنواهيهما».

وأنا أسأل علماء «مرصد الأزهر»: لقد جئتم بالآية التي تخاطب المؤمنين، تبين لهم الجزاء الذي ينتظرهم إذا هم أطاعوا الله ورسوله: « جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»، ولم تأتوا بالآية التي بعدها، التي تبين جزاء الذين عصوا الله ورسوله: «وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ».

فهل يعقل أن يكفر المؤمن، ويدخل النار «خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ»، لعدم اتباعه مرويات الفرقة التي ينتمي إليها، وكفره بمدارسها في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف؟!

لذلك كان من الضروري أن نقف على مفهوم «طاعة الرسول» كما ورد في السياق القرآني على النحو التالي:

١- «أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ»، أي أطيعوا الله منزل الكتاب، والرسول مبلغ الكتاب، ولم يخص الله الرسول بطاعة مستقلة، وذلك لبيان أنه لا يمكن فصل التنزيل عن البلاغ، كأصل من أصول الإيمان، واجب السمع والطاعة، يقول الله تعالى:

« آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ، كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ، وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»

٢- « أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ»، أي أطيعوا الله منزل الكتاب، وأطيعوا الرسول القائم على تنفيذ أحكام الكتاب بين الناس، وهنا خص الله رسوله بالطاعة كما قال تعالى في سورة النساء «الآية ٥٩»: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ».

وفي ضوء ما سبق، علينا أن نفرق بين نوعين من الطاعة:

طاعة تتعلق بالسلطة التشريعية: «أَطِيعُوا اللَّهَ»، وهذه لا يملكها إلا الله تعالى.

وطاعة تتعلق بالسلطة التنفيذية: «وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ»، القائمة على إدارة شؤون البلاد وتنفيذ أحكام الشريعة بين الناس، وهي مستوى واحد من الطاعة، لذلك لم يقل الله تعالى: «وأطيعوا أولي الأمر»، لأن طاعة أولي الأمر من طاعة الرسول من طاعة السلطة التنفيذية.

ولذلك فعند التنازع: «فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ»، يكون الرد إلى الله المشرّع، أي إلى الكتاب الإلهي، «وَالرَّسُولِ» القائم على تنفيذ أحكام الكتاب، ولذلك لم يقل الله تعالى: «وإلى الرسول»، حتى لا يُفهم أن للرسول شريعة مستقلة عن شريعة الله يُطاع فيها.

ولقد أكدت الآية «٦١» ما ذهبنا إليه سابقا، فقال تعالى: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً»، فقوله تعالى: «إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ»، يمثل «السلطة التشريعية»، وقوله تعالى: «وَإِلَى الرَّسُولِ»، يمثل «السلطة التنفيذية»، القائمة على تنفيذ الشريعة المنزلة بين الناس.

٣- «وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»: «الآية ٥٦ من سورة النور»، هذه هي الآية الوحيدة التي ورد فيها الأمر بطاعة الرسول دون ذكر لطاعة الله، فإذا تدبرنا السياق بداية بالآية «٤٧» وجدناه يتحدث عن المنافقين، فيقول تعالى:

« وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ – وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ»

والذي يهمنا بيانه في هذا السياق، هو قوله تعالى: « لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ»، والذي يُفهم منه أن المصدر التشريعي الإلهي الحاكم هو مصدر واحد، وليس للرسول مصدر تشريعي مستقل عن هذا المصدر، وإلا لقال تعالى: «ليحكما بينهم»، وهذا ما أكده السياق بعد ذلك عند حديثه عن صفات المؤمنين «الآية ٥١»:

«إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»

إن الذي يحكم بين الناس، على أرض الواقع، هو السلطة التنفيذية المختصة بإدارة شؤون البلاد، وليس السلطة التشريعية المختصة بالتشريع، ولقد كانت السلطة التنفيذية في عصر الرسالة في يد رسول الله محمد وولاة الأمور، لذلك أمر الله المؤمنين بطاعتهم، وحذر من معصيتهم.

ثم بعد بيان كذب المنافقين في ادعائهم أنهم يطيعون الرسول «الآية ٥٣»، تحول الخطاب إلى «الذين آمنوا»، يُبيّن لهم شرط استخلافهم في الأرض، وتمكين دينهم، وتحقق أمنهم، وهذا الشرط هو: « يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا»

لقد حذر الله تعالى المؤمنين من الكفر، إذا هم لم يلتزموا بالشرط: «وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»، فإذا علمنا أن الخطاب في هذه الآية للمؤمنين: « وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»، إذن فلا عصمة من الكفر للذين آمنوا وعملوا الصالحات، إذا هم أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا!!

ثم بين الله أنه لا استخلاف ولا تمكين ولا أمن، دون قيام مجتمع «الذين آمنوا» على أرض الواقع بقيادة رسول الله محمد، بصفته القائم على إدارة شؤون هذا المجتمع، لذلك عطف على ما سبق قوله تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ».

فمن أين جاء أئمة السلف والخلف، أن قوله تعالى في هذه الآية «وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» يعني أن للرسول طاعة تشريعية مستقلة عن طاعة الله، له أن يُحل ويُحرم من خلالها خارج حدود كتاب الله؟!

إننا إذا تدبرنا الآية القرآنية التي بيّن الله فيها أحكام الميراث، «الآية ١٢ من سورة النساء»، فهمنا أن لأحكام الشريعة حدودًا لا يجب تعديها، وأن الطاعة والمعصية لا تخرج عن هذه الحدود، لذلك بدأ الله حديثه عن طاعته وطاعة ورسوله بقوله: « تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ»، إشارة إلى أحكام الميراث التي سبقتها، وعند الحديث عن معصية الله ورسوله قال: « وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ»، لبيان أن المصدر التشريعي الإلهي لا يخرج عن حدود كتاب الله.

ثالثا: يقول علماء «مرصد الأزهر»: «كما تنص أخرى على نفي الإيمان، عمن لم يحكم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما يقوله ويقضي به، ومثالها قوله تعالى في سورة النساء «الآية ٦٥»: «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»

إننا إذا تدبرنا سياق هذه الآية من بدايته، من الآية «٦٢»، وجدنا أن ضمير الخطاب يتوجه في هذه الآيات إلى رسول الله مباشرة، من غير واسطة، فتدبر: « ثُمَّ جَاءُوكَ»، « فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ»، «وَعِظْهُمْ»، « وَقُلْ لَهُمْ»، « وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ».

وتكتمل الصورة إذا ذهبنا إلى «الآية ٦٣»، ففيها البرهان قطعي الدلالة، على أن الأمر بطاعة الرسول يخص المعاصرين للرسول، حيث يقول الله تعالى: « أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا».

فكيف يُعرض رسول الله عن المنافقين بعد وفاته؟! وكيف يكون المعرض المنكر للأحاديث التي نسبها رواة الفرق المختلفة إلى الرسول، معرضا منكرا عاصيا لرسول في حياته؟!

ثم جاءت الآية «٦٥» تؤكد مفهوم المعاصرة، فقال تعالى: «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى (يُحَكِّمُوكَ) فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا (قَضَيْتَ) وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا».

فهل يمكن أن تحل مرويات المحدثين محل الرسول في سياق هذه الآيات؟! ثم هل يمكن أن يمتد ضمير الخطاب « يُحَكِّمُوكَ – قَضَيْتَ» ليشمل المحدثين وعلماء الجرح والتعديل، للفرق والمذاهب الإسلامية المختلفة، وأن على أتباع هذه الفرق ألا يجدوا في أنفسهم حرجا مما حكم به أئمتهم «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»؟!

ولكن لعلماء «مرصد الأزهر» فهما آخر لهذه الآية، قالوا: «ومعلوم أن هذا الذي قضى به – صلى الله عليه وسلم – لم يكن تنفيذا لآية موجودة في القرآن، وإنما كان بحكم من عنده هو صلى الله عليه وسلم بوحي سماوي، ومع ذلك فقد أعلن القرآن أن الإنسان لا يعد – أيا كان – مؤمنا بالله إلا إن قبل حكم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وخضع له، ثم لم يجد أي حرج تجاهه»!!

إن هذا الذي قاله علماء «مرصد الأزهر» هو المرجعية السلفية التي أفرزت فتاوى التطرف والإرهاب وسفك الدماء بغير حق، وبرهان ذلك ما يلي:

١- قولهم: « الذي قضى به – صلى الله عليه وسلم – لم يكن تنفيذا لآية موجودة في القرآن، وإنما كان بحكم من عنده هو، صلى الله عليه وسلم، بوحي سماوي»!!

أقول: إن كل الجماعات المتطرفة والإرهابية تقول إن المرويات التي أقامت عليها تطرفها كانت «وحيا يوحى»، في الوقت الذي تعترف فيه أن هذا الوحي «السماوي» فيه الصحيح والضعيف، حسب مذاهب أئمة الجرح والتعديل العقدية، وقد بيّنا تهافت هذه الشبهة في المقالين السابقين؟!

٢- قولهم: «فقد أعلن القرآن أن الإنسان لا يعد – أيا كان – مؤمنا بالله إلا إن قبل حكم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وخضع له، ثم لم يجد أي حرج تجاهه»

أقول: الحقيقة أن كل أئمة وعلماء الجماعات المتطرفة والإرهابية، ينتزعون أولا صفة الإيمان عن كل من ينكر مروياتها، ثم على هذا الأساس يصدرون فتاوى تكفيرهم واستحلال دمائهم، بدعوى أن المحدثين الذين نقلوا هذه المرويات، هم ورثة الأنبياء، يحكمون نيابة عن الرسول بعد وفاته: «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ»، وقد قمنا بالرد على هذه الشبهة في «ثالثا».

إن الأمر بـ «طاعة الرسول»، في السياق القرآني كله، جاء يخاطب المعاصرين للرسول، الذين كان بإماكانهم سماعه وتنفيذ أمره، يقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ».

إن قوله تعالى: « وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ»، هو البرهان قطعي الدلالة، على أن الأمر بطاعة الرسول خاص بمن عاصروه، فلا يُعقل أن يكون المقصود: وأنتم تسمعون الرواة والمحدثين!!

أما علماء «مرصد الأزهر» فيقولون عن هذه الآية: «ومما تجدر الإشارة إليه أن القارئ المتدبر للقرآن الكريم، يجد أن القرآن في دعوته إلى التمسك بالسنة، وأمر المؤمنين بذلك، قد اتخذ ثلاث صور: الصورة الأولى: فتتمثل في طاعة الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – في آن واحد، وهذا مستمد من مثل قوله عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ».

لقد انشغل علماء «مرصد الأزهر» بمسألة الطاعة، وغاب عنهم شرطها: «وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ»، فكيف يطيع المرء من لم يسمعه؟! ألا يحتمل أن يُحرّف الراوي الكلم عن مواضعه؟! ألم يبين الله تعالى لنا، أن الذين أقروا بأصول الإيمان قالوا: « سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا»، أي سمعوا بأنفسهم فأطاعوا؟!

ألم يُبيّن الله تعالى لنا أن شرط الطاعة السماع، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ»؟! فما معنى «وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ»؟! هل معناها التحذير من التولي عن المحدثين وسماعاتهم، هذه السماعات التي اختلفوا بشأنها اختلافا كبيرا، فمنهم من يشترط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين، ومنهم من لا يشترط؟!

ألم يُبيّن الله تعالى لنا أن من صفات المؤمنين أنهم «إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا»، فهل السمع والطاعة لحكم الله ورسوله، أم لحكم المحدثين كلٌ حسب مذهبه في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف؟!

رابعا: عندما يقول علماء «مرصد الأزهر»: «وأما قوله: إننا لو بحثنا في القرآن كله عن آية واحدة تأمر الناس باتباع كتاب تشريعي مستقل غير القرآن لم نجد ..، فهذا طعن في القرآن وافتراء عليه، لأن القرآن أمر باتباع الرسول – صلى الله عليه وسلم – وطاعته ونهى عن مخالفته وعصيان أمره، وحث على التمسك بالسنة والاعتصام بها، فكيف يدعي بأنه يؤمن به وهو يخالفه؟!»

١- ألا يعتبر قولهم: «فهذا طعن في القرآن وافتراء عليه»، ثم قولهم في نهاية الفقرة: «فكيف يدعي بأنه يؤمن به وهو يخالفه؟!»، اتهام صريح لي بالردة عن دين الله، وتحريض على قتلي، بدعوى مخالفة رسول الله، وهو اتهام باطل من أساسه؟!

إن كاتب المقال لا ينكر دين الله، ولا نبوة رسوله، ولا شريعته، وإنما ينكر تفرق أئمة وعلماء الفرق الإسلامية في الدين، وقد حذرهم الله من هذا التفرق فقال تعالى: «وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ـ- مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»؟!

٢- ما علاقة قولي: «إننا لو بحثنا في القرآن كله عن آية واحدة تأمر الناس باتباع كتاب تشريعي مستقل غير القرآن لم نجد»، بقولهم: «فهذا طعن في القرآن وافتراء عليه، لأن القرآن أمر باتباع الرسول – صلى الله عليه وسلم – وطاعته ونهى عن مخالفته وعصيان أمره، وحث على التمسك بالسنة والاعتصام بها»؟!

ما علاقة الآيات القرآنية التي جاءت تأمر بطاعة الرسول، وتنهى عن معصيته، والتي خاطبت المعاصرين للرسول، ما علاقتها بمرويات الفرق الإسلامية المختلفة، التي دوّنها المحدثون في الكتب بعد وفاة الرسول بقرن ونصف القرن من الزمن، على أقل تقدير؟!

ثم انظر إلى قولهم: «لأن القرآن أمر باتباع الرسول – صلى الله عليه وسلم – وطاعته ونهى عن مخالفته وعصيان أمره، وحث على التمسك بالسنة والاعتصام بها، فكيف يدعي بأنه يؤمن به وهو يخالفه؟!»

فأين هي هذه الآية القرآنية التي حثت «على التمسك بالسنة والاعتصام بها»؟! وعند أي فرقة من الفرق الإسلامية نجد هذه السنة التي حث القرآن على التمسك والاعتصام بها؟!

الحقيقة لولا مسؤولية البلاغ والبيان، التي حَمّلْها الله للذين أوتوا الكتاب: « لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ»، ما كتبت سطرا واحدا في الرد على بيان علماء «مرصد الأزهر»، فقد قرأت وسمعت ما احتواه هذا البيان من شبهات عشرات المرات، خلال ما يزيد عن ثلاثة عقود، وقمت بالرد عليها، دون جدوى!!

ومع ذلك فلهذا الموضوع بقية.

محمد السعيد مشتهري


Notice: map_meta_cap تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. نوع المحتوى elementor-hf غير مُسجل، لذلك لا يمكن الإعتماد عليه في التحقق من الصلاحية edit_post على محتوى من هذا النوع. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 4.4.0.) in /home/ebtekarr/public_html/islamalrasoul.com/wp-includes/functions.php on line 6085
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى