نحو إسلام الرسول

(437) 3/4/2016 (أسئلة مشروعة، ولكن )

السؤال الأول: هل الإسلام دين فطرة؟

الجواب: الإسلام دين «شريعة»، وليس دين «فطرة»، دين «شريعة إلهية» نزلت على النبي الخاتم محمد ليتبعها الناس، وليس دين «فطرة بشرية» يتبعها الناس حسب أهوائهم!!

يقولون: ولكن الله تعالى يقول عن الدين الإسلامي: « فِطْرَتَ اللّه الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا »؟!

وهنا أقول: هذه هي فائدة أن يكون متدبر القرآن على دراية بـ «علم السياق»، الذي يجهله كثير ممن يتبعون أهواءهم بغير علم، استنادا إلى بدعة «استفت قلبك وإن أفتاك الناس»!!

إن السياق الذي ورد فيه قوله تعالى: « فِطْرَتَ اللّه الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا »، لا علاقة له بأحكام الشريعة، التي يريد أن يتحلل منها «أهل الهوى»، وإنما يتعلق بملة «الوحدانية» التي قامت عليها أحكام الشريعة، ويستحيل أن نفهم هذا السياق بمعزل عن علم اللسان العربي، وما يحمله من أساليب بلاغية.

يبدأ السياق بمخاطبة «أهل الهوى»، فيقول تعالى:

« بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ، وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ »
ثم تدبر ماذا قال الله بعدها:

« فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا، فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا، لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ، ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ»

ثم تدبر قوله تعالى بعدها:

« مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ »

إن كلمة «فطرة» من «الفَطْر»، أي «الخَلْق»، لقوله تعالى بعدها: «الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا»، أي أن السياق يتحدث عن النظام الذي خلق الله النفس البشرية عليه، والذي بيّنه الله تعالى بقوله في سورة الشمس:

وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا – فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا – قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا – وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا»

إن الفطرة التي فطر الله الناس «جميعًا» عليها، أن خلقهم بأدوات وآليات تجعلهم يهتدون إلى ملة «الوحدانية»، بالوقوف على فاعلية آيات الله في الآفاق والأنفس، هذا لو أنهم عاشوا بمعزل عن «الآبائية» الضآلة المشركة: «بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ».

إن الفطرة التي فطر الله الناس جميعا عليها، تأمر الناس أن يكونوا «حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ»، وذلك باتباع ملة أبيهم إبراهيم، الذي قال عنه الله تعالى:

« إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ »

وبعد أن وضع الله تعالى القاعدة العامة للدين القيم، وهي قاعدة «الوحدانية»، وبعد أن وجه الخطاب إلى النبي والذين آمنوا معه، فقال تعالى:

« مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ »

تدبر ماذا قال بعدها:

« مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ »

وهذا هو ما كان يجب أن يشغل بال «أهل الهوى»، وهم ينظرون حولهم في كل مكان، في بيوتهم، وبين أقاربهم وجيرانهم، وفي الأسواق، وعلى شاشات التلفاز، والله تعالى يصف هؤلاء المشركين بقوله:

« مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ »

ألا تخجلون وأنتم تَدْعون إلى مزيد من التحلل من ملة «الوحدانية»، باتباع أهوائكم، ومن أحكام الشريعة، بدعوى أن الدين يسر، فإذا بالذي يسره لكم هو هواكم، ثم تكون هذه هي القراءة القرآنية العصرية؟!

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى