نحو إسلام الرسول

(417) 8/2/2016 (عندما تزدري السلفية كتاب الله)

لقد تعهد الله بحفظ كتابه من التحريف والتبديل والتغيير، وجعله «آية قرآنية» قائمة بين الناس إلى يوم الدين، تشهد أن الله حق، والرسول حق، والكتاب حق، ولكن المسلمين بعد وفاة نبيهم، وكعادة أتباع الرسل، تفرقوا في الدين إلى فرق ومذاهب عقدية وتشريعية، لكل فرقة مصدرها التشريعي القولي الثاني، الحامل لنصوص «السنة النبوية» التي صحت عندها، والتي جعلتها بعض المذاهب مبيّنة لأحكام القرآن، وجعلها البعض الآخر قاضية عليها!!

جاء في كتاب الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، باب تبيين الكتاب بالسنة: «روى سعيد بن منصور، حدثنا عيسى ابن يونس عن الأوزاعي عن مكحول قال: القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن، وبه عن الأوزاعي قال، قال يحيى بن أبي كثير: السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة»!!

فإذا علمنا أن يحيى بن أبي كثير توفي عام «١٣٢هـ»، والأوزاعي، توفي عام «١٥١هـ»، فهذ معناه أنه حتى منتصف القرن الثاني الهجري كانت هناك إشكاليات حول حجية مرويات «السنة النبوية» وعلاقتها بأحكام القرآن!!

فإذا أردنا معرفة مصدر هذه الإشكاليات، وجدنا مصدرها أهل السُّنة، ورواية عند ابن ماجة تقول: «يوشك الرجل متكئا على أريكته، يحدث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله»!!

أما معظم الفرق الأخرى، كالمعتزلة، والخوارج، والشيعة، فقد ذهبوا إلى أن «الكتاب قاض على السنة»، وأن السنة يجب أن تعرض على الكتاب، استنادا إلى رواية صحت عندهم وهي: «ما أتاكم عني فأعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن خالف كتاب الله فلم أقله»!!

وكان من الطبيعي أن تُضعّف كل طائفة مرويات الطائفة الأخرى، وتقول إن مروياتها من وضع الزنادقة، وعندما سُئل أحمد بن حنبل «ت٢٤١هـ» عن رواية «السنة قاضية على الكتاب»، قال «ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكني أقول إن السنة تفسر الكتاب وتبينه»!!

فهل التزم أحمد بن حنبل، وهو شيخ وإمام السلفية، بقوله: «إن السنة تفسر الكتاب وتبينه«، ولا تكون قاضية على أحكامه؟! أم أنه خشي التصريح بذلك لظروف محنته مع المعتزلة؟!

إن عقوبة «رجم» الزانية والزاني المحصنين، حُكم مستقل تمامًا عن أحكام القرآن، وليس بيانا ولا تفصيلا لعقوبة الجلد الواردة في كتاب الله: «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ»، فكيف يقول أحمد بن حنبل: «ولكني أقول إن السنة تفسر الكتاب وتبينه»، وهو في حقيقة الأمر يؤمن أن »السنة قاضية على الكتاب« بإيمانه بعقوبة الرجم؟!

إنه على الرغم من وضع أئمة السلف كتاب الله في مكانته التشريعية التي أمر الله بها، فإنهم في الوقت نفسه يدّعون أن الله أعطى رسوله مصدرا تشريعيا مستقلا عن القرآن هو «السُّنة النبوية»: «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه»، وهذا المصدر لا يقل في أهميته ومكانته التشريعية عن كتاب الله، بل ويعلوها، لأن أحكامه تكون قاضية على أحكام كتاب الله!!

والسؤال: كيف تكون مرويات الفرق والمذاهب المختلفة، ومدارس الجرح والتعديل المتخاصمة، ومعايير التصحيح والتضعيف المذهبية، ومذاهب الفقه المتصارعة، حَكمًا على اختيار «الرواية» الصحيحة القاضية على حكم آية قرآنية، من وجهة نظر المذهب العقدي أو التشريعي؟!

كيف تكون مرويات الفرق والمذاهب المختلفة، ظنية الثبوت عن الرواة أنفسهم، قبل أن تكون ظنية الثبوت عن النبي، هي المكوِّن الرئيسي لمفهوم «السُّنة النبوية» القاضية على أحكام الكتاب، فهل تتساوى حجية الظني عن البشر بحجية القطعي عن الله؟!

كيف تكون مرويات الفرق والمذاهب المختلفة، المكوّن الرئيسي للمصدر الثاني للتشريع، والبنية الأساسية للأصول التي قامت عليها المذاهب الفقهية، وقد تداولها الرواة شفاهة قرنًا من الزمن قبل تدوين المحدثين لها، كلٌ حسب مذهبه العقدي أو التشريعي؟!

لقد جاء عصر التدوين، وأمام أئمة الفرق والمذاهب الإسلامية المختلفة كم هائل من المرويات، تحمل إشكاليات عقدية وتشريعية، تهدمها من قواعدها كشريعة إلهية واجبة الاتباع، ومع ذلك أقاموا على أساسها العلوم الدينية المختلفة، من تفسير وحديث وفقه وتاريخ وسيرة، وإن مما يهدم حجية هذه العلوم ما يسمى بعلم «الناسخ والمنسوخ» الذي حمل معه بدعة «السنة قاضية على الكتاب»، وقد سبق أن أشرت إلى بعض إشكاليات هذا العلم في مقال سابق بعنوان: «علم الناسخ والمنسوخ وسيلة السلفيين للتلاعب بالدين».

ثم أرسل إليّ بعض الأصدقاء عدة روابط لمقاطع فيديو منشورة على «اليوتيوب» خاصة بموضوع النسخ، وطلبوا مني الرد عليها، وسأكتفي بعرض ثلاثة منهما، الأول للشيخ محمد حسان، والثاني للشيخ أبي اسحاق الحويني، والثالث للمهندس فاضل سليمان مدير مؤسسة جسور للتعريف بالإسلام!!

أولا: ينقل الشيخ محمد حسان، عند تفسيره لقوله تعالى «الآية ٢١٩»:

«مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

ما ذكره القرطبي، في سياق حديثه عن القسم الأول من أقسام النسخ، قوله عن معناه، وهو إبطال الشيء وإزالته، وإقامة شيء آخر مقامه، ومثاله في كتاب الله قوله تعالى في سورة البقرة «الآية ٢٣٤»:

«وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»

هذه عدة المتوفى عنها زوجها، هذا الحكم نَسَخَ حكمًا آخر في قول الله تعالى في سورة البقرة «الآية ٢٤٩»:

«وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ»

أي أن حكم الآية الأولى: «يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» نسخ حكم الآية الثانية: «مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ».

أقول: الذي يستمع إلى حديث الشيخ يفهم أن مسألة النسخ مسألة قطعية الثبوت والدلالة، لا خلاف عليها، في الوقت الذي يقول فيه القرطبي (الذي نقل الشيخ عنه) عند تفسيره للآية الأولى «٢٣٤»: المسألة الثانية: «وأكثر العلماء على أن هذه الآية ناسخة لقوله عز وجل: «وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ …»، وقال قوم: ليس في هذا نسخ وإنما هو نقصان من الحول..، وهذا غلط بَيّن»!!

إذن فالمسألة خلافية، والقوم الذين قال القرطبي عن مذهبهم إنه «غلط بَيّن«، هم الذين خالفوا مذهبه، وقد ذكر أبو جعفر النحاس «ت ٣٣٨هـ» في كتابه «الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم»، الخلاف حول هذه المسألة، بما يُسقط حجية هذا العلم من قواعده!!

فإذا تدبرنا سياق الآيتين، علمنا أنه لا نسخ فيهما مطلقا، فالآية الأولى «٢٣٤»، تتحدث عن «العدة»، وهي أربعة أشهر وعشرة أيّام، بعدها يحلّ للمتوفى عنها زوجها الخروج من بيتها!! أما الآية الثانية فتتحدث عن «الوصية»، أي عن حق المرأة في الاستفادة من وصية زوجها، من نفقة وسكنى، سنة كاملة، إن أرادت ذلك!!

وعند حديثه عن القسم الأول من أقسام النسخ، وهو «نسخ الحكم وبقاء التلاوة»، قال الشيخ محمد حسان:

«خلي بالكم يا أمة القرآن، هذا حكم من أجمل وأجَلّ أحكام القرآن الكريم كله، الحكم لا يُعمل به، وتبقى الآية التي اشتملت على هذا الحكم تتلى إلى قيام الساعة»!!

أقول: انظر كيف تقبل المذهبية السلفية القول بأن الله ينسخ «يمحو» حكما من أحكام الشريعة القرآنية، مع بقاء الآية القرآنية التي حملت الحكم تتلى في المصحف!! وهناك نوع آخر من أنواع النسخ، كما سنُبيّن، تُنسخ فيه الآية القرآنية التي تحمل الحكم، أي »تُمحى» من المصحف، ويبقى حكمها يُعمل به إلى قيام الساعة!!

والأغرب من ذلك أن يتهم القرطبي من لا يقبلون هذا النسخ بالغباء، فيقول في المسألة الثانية: «معرفة هذا الباب أكيدة، وفائدته عظيمة، لا يستغني عن معرفته العلماء، ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء، لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام، ومعرفة الحلال من الحرام»!!

فهل لم يقرأ الشيخ محمد حسان هذه الجملة من كلام القرطبي، وهو المرجع الذي نقل عنه موضوع النسخ؟!

أهذه هي »السنة النبوية» التي يكفر منكرها؟! وإذا لم يكن هذا ازدراءً لكتاب الله فماذا يكون؟!

ثم ينقل الشيخ عن القرطبي قوله: «وحذاق الأئمة من أهل السنة متفقون على أن القرآن يُنسخ بالسنة»، ويقول:

«أنا عارف إن الحكم ده شديد شوية، وقد أنكره إمامنا الإمام الشافعي، وقال لا يُنسخ القرآن إلا قرآن، واستدل بالآية التي نحن بصددها: »مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا»، على أن القرآن لا يُنسخ إلا بالقرآن!!

أقول: إذن فهناك من أئمة السلف، مثل الشافعي، من تدبر القرآن، فوجد أن «الناسخ» يجب أن يكون «آية» وليس «رواية»، لأن الله تعالى يقول: «نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا«، أي الآية، فلماذا أعطى معظم أئمة السلف والخلف ظهورهم لهذا الرأي؟!

الجواب: بسبب أزمة التخاصم المذهبي، التي جعلت الشيخ يعطي ظهره لقول الشافعي، ويقول نقلا عن القرطبي:

«وحذاق الأئمة من أهل السنة متفقون على أن القرآن يُنسخ بالسنة»،

واستدل على ذلك برواية: «لا وصية لوارث»، وقال: «هذا الحكم النبوي ينسخ حكما قرآنيا آخر، في قول الله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ»، فلا وصية لوارث، وقد اتفق أئمة أهل السنة على ذلك!!

أقول: إن أئمة أهل السنة لم يتفقوا على ذلك، فقد أورد أبو جعفر النحاس في كتابه «الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم» الخلاف الكبير حول هذه المسألة، ثم قال: «فتنازع العلماء معنى هذه الآية، وهى متلوة، فالواجب أن لا يقال إنها منسوخة، لأن حكمها ليس بناف حكم ما فرضه الله عز وجل من الفرائض، فوجب أن يكون: «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ»، كقوله: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ»!!

وأقول: إن حكم الوصية في الآية قائم إلى قيام الساعة، وذلك حسب تقدير الموصي لظروف الوالدين والأقربين، إضافة إلى أنصبتهم بعد ذلك في الميراث!!

ثم يقول الشيخ محمد حسان: «وأيضا حكم الجلد ساقط في حد الزنى عن الثيب: «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ»، هذا الحكم ساقط عن الثيب بـ «السنة»، بفعل النبي، كما إقامته الحد على ماعز والغامدية، فهذا الحكم ساقط في حق الثيب والثيبة بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم»!!

أقول: انظر ماذا فعلت المذهبية في قلوب أصحابها، إلى درجة التقول على الله بغير علم، وذلك بمرويات ظنية الثبوت عن أصحابها، فيقول: «هذا الحكم ساقط عن الثيب بـ »السنة«، فإذا أردت معرفة حدود هذه «السنة»، وجدت نفسك في بحر متلاطم الأمواج!!

ولن أتحدث عن تهافت وسقوط رواية «الرجم» بأحكامها، بنزول قوله تعالى: «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ»، لأني سبق أن بينت ذلك في مقال بعنوان: «عندما يكون الرجم شريعة يهودية، لبست ثوب السنة النبوية».

أما أن تكون هناك آية قرآنية نزلت بحكم الرجم، ثم ينسخها الله تعالى من كتابه، »يمحوها«، ويبقى حكمها قائمًا إلى قيام الساعة، ثم يأتي محدث العصر، الشيخ أبو اسحاق الحويني، ويؤكد صحة هذه الرواية، فهذا سقوط بعد التهافت!!

فيضرب الشيخ أبو إسحاق مثالا عما نُسخ لفظه وبقي حكمه، فيقول: «والبخاري فيه برده، وهذا صح من طرق، أن عمر بن الخطاب كان يقول كنا نقرأ «إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة نكالا من الله، والله عزيز حكيم»!!

ويقول: «فهذه كانت آية تُقرأ في كتاب الله، وهذا مثل يضربه الأصوليون على نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، فالرجم ثابت بـ «السنة»، وكان قرآنا يُتلى، وأنا قرأت لكم نص الآية: »إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة نكالا من الله والله عزيز حكيم«، هذا اللفظ رُفع كله، وبقي حكمه، وأي واحد يستطيع أن يذهب إلى كتب الأصول في باب النسخ علشان يعرف أن نوع من أنواع النسخ أن يُرفع لفظ الآية ويبقى الحكم الشرعي»!!
أقول: تدبر قول الشيخ «وكان قرآنا يُتلى، وأنا قرأت لكم نص الآية: »إذا زنى الشيخ والشيخة…»، فأي عقل يقبل أن يعلق الله تعالى حكمًا قرآنيًا في الهواء دون نص قرآني يقوم عليه؟!
ولكن هذه هي المذهبية السلفية، فإذا ذهبنا إلى المهندس فاضل سليمان، في سياق رده على شبهات الإسلام، نجده يهدم القول بوجود آية قرآنية تحمل حكم الرجم، اسمها «الشيخ والشيخة»، ودليله على ذلك شيوخ الوهابية، فيقول:

«أما مسألة رفع الحكم مع بقاء اللفظ فهذا يُسمى الإنساء، يقول الله تعالى: «مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

قدير على إيه؟!

قدير أن يُنسي الصحابة ما أنزله من قبل: «سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ»، إذا رُفعت آية لفظا لا تبقى في ذاكرة أحد، وده موجود فعلا في حالتين: حالة حكم الرجم، وحالة حكم العشر رضعات بقوا خمس رضعات، لكن الآيات نفسها لا تكون موجودة»!!

ثم يقول: «ولذلك الشيخ رشيد رضا يرى إن مسألة «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة»، هذا لا يمكن أن يكون قرآنا، وتعالَ نشوف الشيخ ابن عثيمين قال إيه في فتاوى نور على الضرب: والخلاصة أن قوله «والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة»، وإن كان مشهورا، معروفا في السنن..، إلا أن في نفسي من صحته شيئا!!

أولا: لأنه يخالف الحكم الشرعي الثابت، إذ الحكم معلق بالإحصان لا بالشيخوخة، يعني لو شيخ وشيخة زنيا وهمه مش محصنين، شيخ عازب هل يرجم؟! طيب فرضنا شاب عنده ١٥-١٦ سنة ومحصن متزوج، هل لا يرجم لأنه مش شيخ؟!

ثانيا: أن لفظ حديث عمر الثابت في الصحيحين ذكر أن آية الرجم على من زنى إذا أُحصن، وليس إذا شاخ، إذن الآية المنسوخة، إلي احنا منعرفهاش، تتعلق بحكم الإحصان لا بالشيخوخة، هذا مما يدل على ضعف هذا الحديث المروي، فيجب التثبت فيه!!

ثم يقول المهندس فاضل: «يمكن الشيخ ابن عثيمين غلط، الشيخ الفوزان، إلي يفتح النهاردة الموقع بتاعه «رسالة الإسلام»، أثبت إن كل الأسانيد إلي جه فيها ما يُسمى بآية الرجم، وهي ليست آية، كلها أسانيد ضعيفة..، يبقى احنا يا اخونا عايزين نتقي الله ونفهم ديننا كويس»!!

أقول: فما رأى الشيخ أبو إسحاق في ما قاله الوهابيون؟!

لقد قمنا بجولة سريعة استعرضنا فيها آراء بعض رموز السلفية والوهابية، حول مسألة واحدة تتعلق ببدعة اسمها «السنة قاضية على الكتاب»، ووقفنا على مدى الخلاف بين أئمة السلف حولها، وهو مفصل في كتاب «الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم»، للنحاس، ونختم بمقطع للدكتور علي جمعة، يقول عند حديثه عن النسخ، وعن رواية «لا وصية لوارث»:

«الفقهاء المصريون الذين وضعوا الوصية في سنة ١٩٤٦م لم يروا أن حديث »لا وصية لوارث« صحيح، ولذلك ذهبوا إلى أنه يمكن الوصية للوارث..، فأبقوا الآية على عمومها، وهذا لابد منا أن ننكر رواية الحديث لما فيه من مقال … والنسخ يمكن أن يقع في السنة، والقرآن ينسخ السنة، ولكن السنة لا تقوى على نسخ القرآن، وذلك أن القرآن قد وصل إلينا بطريق متواتر قطعي، وأن السنة وصلت إلينا بطريق الآحاد، والآحاد هو الظن، والمتواتر هو القطع، والظن لا يقوى على أن ينسخ أو يُغير القطع»

ويقول في مقطع آخر: «فيه علماء قالوا القرآن فيه نسخ، وعلماء قالوا لا نسخ في القرآن، وأنا بقول زي سيدنا الشيخ محمد الغزالي لا نسخ في القرآن، زي شيخي الشيخ عبد الله الغماري في كتابه «ذوق الحلاوة في امتناع نسخ التلاوة»، مفيش نسخ في القرآن، القرآن ده محكم، يُستفاد من كل كلمة فيه..، فالقرآن ليس فيه ناسخ ولا منسوخ..، وكل آية قيل فيها إنها منسوخة قيل إنها غير منسوخة!!

أقول: إذا كانت كلمة «ازدراء»، حسب ما ورد في معاجم اللسان العربي، تعني: العتاب، الانتقاص، الاستهانة، التحقير..، ألا يمكننا اعتبار قولهم إن »السنة قاضية على الكتاب« انتقاصا واستهانة بكتاب الله، باعتبار أن الكتاب الإلهي يستحيل أن تنسخ أحكامه روايات دُوّنت بعد وفاة النبي بقرنين من الزمن، بدعوى أنها حملت «السنة النبوية»؟!

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى