Warning: Undefined array key 1 in /home/ebtekarr/public_html/islamalrasoul.com/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Undefined array key 2 in /home/ebtekarr/public_html/islamalrasoul.com/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505
(414) 27/1/2016 (شبهات حول لباس المرأة بين خمارها ونقابها) – نحو إسلام الرسول

نحو إسلام الرسول

(414) 27/1/2016 (شبهات حول لباس المرأة بين خمارها ونقابها)

عندما نتحدث عن الشريعة القرآنية، فنحن نتحدث عن الدين الإلهي، الذي ارتضاه الله للناس جميعا: «شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ»، وأمرهم باتباعه: «ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ»، فالشريعة هي ما شرع الله لعباده من الدين، لهدايتهم إلى صراطه المستقيم.

ولم تأت الشريعة القرآنية بلباس للمرأة المسلمة اسمه «النقاب»، والآية القرآنية التي يستدلون بها على ذلك لا علاقة لها بلباس يحجب المرأة عمّن حولها، فقد وردت هذه الآية في سياق الحديث عن آداب الدخول على نساء النبي، وبيان أن التحدث معهن يجب أن يكون من وراء حجاب، أي «ساتر»، يقول الله تعالى:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ … وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ … وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا».

لقد جاءت الشريعة القرآنية تحافظ على العلاقات الاجتماعية بين الرجال والنساء، بعيدا عن إثارة الشهوات، فوضعت لثياب المرأة وزينتها حدودا وضوابط، تصحح ما اعتادت عليه قبل الإسلام، ولم تأت لحجبها عن القيام بشؤونها، أو النيل من حقوقها وحريتها.

وعندما غابت المنهجية العلمية عن تدبر القرآن، ظهرت قراءات غير صحيحة، خرج أصحابها بفتاوى تُحرم على المرأة كشف وجهها، وأخرى تبيح للمرأة أن تظهر أمام الناس بأي صورة شاءت، وقراءة جاءت بتحريم النقاب!!

إن تدبر آيات الذكر الحكيم يقوم على منهجية علمية، تفرض على أصحاب هذه القراءات أن يقفوا أولا على الأدوات التي يستحيل أن يُفهم القرآن وتستنبط أحكامه بمعزل عنها، وفي مقدمتها اللسان العربي، وما حملته «منظومة التواصل المعرفي» من دلالات الكلمة، «اسما، وفعلا، وحرفا»، في إطار السياق الذي وردت فيه.

إن «منظومة التواصل المعرفي» ليست مرجعية دينية، ولا تواترا عمليا حمل السنة النبوية أو الرسالية، وإنما منظومة معرفية، تواصلت حلقاتها من لدن آدم، عليه السلام، كما قال تعالى: «وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ»، فالله تعالى لم يعرض على الملائكة الأسماء فقط، وإنما عرض «المسميات»، شاخصة أمامهم، لذلك قال «عَرَضَهُمْ»، ولم يقل «عَرَضَها»!!

إن «منظومة التواصل المعرفي» تحفظ مسميات الكلمات على أرض الواقع، على مستوى الوجود البشري، لذلك يستحيل فهم القرآن بمعزل عنها، وقد سبق بيان ذلك في أكثر من مقال.

فعلي سبيل المثال: لقد ذكر الله أن من المستثنين من ستر المرأة زينتها أمامهم، كما سيأتي بيانه: «التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ»، فهل بيّن الله في كتابه من هم «أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ»؟! أو هل ورد في كتاب الله معنى « الْإِرْبَة»، أم سنذهب إلى «منظومة التواصل المعرفي»، ومعاجم اللسان العربي، لنعلم من هم؟!

إن تفعيل الشريعة القرآنية قائم بين الناس إلى يوم الدين، ويستحيل أن يخاطب الله الناس بأحكام لا يفهمون مدلولات كلماتها، فقد نزل القرآن بلسان عربي مبين، ومن يريد فهمه واستنباط أحكامه، يجب أن يكون على دراية بهذا اللسان الذي نزل به، وهذه مسألة منطقية قبل أن تكون شرعية!!

لقد جاءت أحكام الشريعة القرآنية في سياق تشريعي، يضع الحدود والضوابط لثياب المرأة، ويحمل الأوامر والنواهي، أي افعل ولا تفعل، ولم تأت في سياق خبري، أو قصصي، وبيان ذلك على النحو التالي:
أولا: يقول الله تعالى في سورة النور:

«قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ» ـ- «وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ…، وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».

فهذه الأحكام، التي يخاطب الله تعالى بها الذين آمنوا: «قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ» ـ- «وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ»، جاءت بأوامر: «يَغُضُّوا ـ- يَحْفَظُوا»، «يَغْضُضْنَ ـ- وَيَحْفَظْنَ»، وخصت المرأة المؤمنة بأمر: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ..»، ونهتها عن: «وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ـ- وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ..».

فهل يمكن أن نُخرج حكما من هذه الأحكام عن سياقه التشريعي، فنقول مثلا بوجوب حفظ الفرج، أما ضرب الخمار على الجيوب، فحرية شخصية، أو مسألة يحكمها العرف؟! والجواب: لا يمكن، فهذه منظومة تشريعية مترابطة، لا يمكن فصل أجزائها عن وجوب الاتباع!!

مثال: لقد ذكر الله تعالى صفات عباد الرحمن، فقال تعالى: «وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا يَزْنُونَ، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا..»، فهل يمكن فصل أجزاء هذه المنظومة التشريعية، من حيث وجوب الاتباع، فنقول: إن الشرك بالله، غير قتل النفس، غير الزنى؟!

إن الزاني الذي يصر على الزنى، والقاتل الذي يصر على سفك الدماء بغير حق، هؤلاء قد أشركوا مع الله إلها آخر هو الهوى، لذلك جاؤوا جميعا في سياق واحد، وكان جزاؤهم واحدا: «وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا» -ـ «يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا».

كذلك تتساوى جميع الأوامر والنواهي التي وردت في سياق آيات سورة النور، فكلها جاءت في سياق تشريعي واحد، عَقَّبَ الله تعالى عليه بقوله: «وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، فأمرهم، رجالا ونساءً، بالتوبة الفورية إن هم خالفوا حكما من هذه الأحكام!!

ثانيا: ماذا فعلت النساء المؤمنات عندما نزلت هذه الأحكام؟! هل كن يعلمن مدلولاتها؟! نعم، لأنه يستحيل أن يخاطبهم الله بأحكام لا يعلمن معناها!! فإذا ذهبنا إلى القرآن فهل نجد تفصيلا لمعنى «الخُمر»، و«الجيوب»، الخاصة بالنساء، التي وردت في قوله تعالى: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ»؟!

لا يوجد في كتاب الله بيان لمعنى خمر النساء، ولا لمعنى جيوبهن، ولا لكيفية ضرب المرأة خمارها على جيبها، لذلك لا مفر من الاستعانة بمعاجم اللسان العربي، وما حملته «منظومة التواصل المعرفي» من دلالات، لنفهم ماذا فعلت المرأة المؤمنة عندما نزل قوله تعالى: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ».

فإذا ذهبنا إلى معاجم اللسان العربي، سنجد للكلمة أكثر من معنى، وعلينا أن نختار المعنى الذي يتفق مع السياق، بشرط أن يكون السياق القرآني حاكما على المعنى المختار، فإذا ذهبنا إلى لسان العرب، لابن منظور، والمفردات للأصفهاني، سنجد الآتي:

ـ «الضرب»: وضع الشيء على الشيء، مع إحكامه.

ـ «الخمار»: أصل مادة خمر الستر والتغطية، يقال لما يستر به «خمار»، وهو ثوب كانت المرأة العربية تضعه على رأسها تستر به شعرها، فأمر الله من أسلمت أن تغطي به جيبها.

ـ «الجيب»: كل شيء قطع وسطه فهو مجيوب، ومنه: جيب القميص للرجال، وجيب الجلباب للنساء، وهو ما ينفتح على النحر، مما يسمح بظهور العنق وشيء من الصدر، وهو ما أمر الله المرأة أن تضرب خمارها عليه.
إذن فالمقصود بضرب الخمار على الجيب إحكام وضعه، بحيث يستر بعض الصدر المكشوف من فتحة الجيب!!

ثالثا: هل كانت النساء المؤمنات يعلمن ما هي الزينة التي جاء الضمير يشير إلى التصاقها بهن، في قوله تعالى: «وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ»، وما «مَا ظَهَرَ مِنْهَا»؟!

إننا إذا تدبرنا قوله تعالى: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ» وجدناه يقع بين نهيين: الأول: «وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا»، ثم قوله تعالى: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ»، ثم جاء النهي الثاني: «وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ…».

نفهم من ذلك أن قوله تعالى: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ»، جاء تخصيصا للعام الذي سبقه: «إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا»، فإذا كان الخمار هو الثوب الذي تغطي به المرأة شعرها، فلا يمكن أن يكون ضربه على جيبها معناه أن تغطي به وجهها، لأنه في هذه الحالة لن يكون لاستثناء «مَا ظَهَرَ مِنْهَا» معنى!!

لقد جاء هذا التخصيص، «إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا»، لبيان استثناء الوجه من التغطية، كي يقوم بوظيفته، وبذلك يصبح الخمار ساترا للشعر والأذن والعنق وأعلى الصدر «الجيب»، ويكون هذا هو الجزء الأول من لباس المرأة، الذي كان العرب يسمونه «الخمار».

إن الله تعالى عندما استثنى من الزينة الخِلْقِية «مَا ظَهَرَ مِنْهَا»، فإن ذلك لحكمة، وهذه الحكمة يعلمها الناس جميعا، فقد خلق الله الوجه، «وفيه الفم، والأنف، والعينان» ليقوم كلٌ بوظيفته، وكذلك الكفين والقدمين، وفي ستر هذه الأعضاء تعطيل لوظيفتها، أما ما عدا ذلك فلن تتعطل وظيفته بستره!!

وعن النهي الثاني: «وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ..»، فإن ذكر الزوج في هذا السياق له حكمة، فمعلوم أن الزوج يحل له أصلا رؤية ما شاء من جسد زوجه، فلماذا ورد ذكره في المستثنين؟!

لقد ورد ذكر الزوج في هذا السياق لبيان أن المقصود بـ «زِينَتَهُنَّ»، في النهيين الأول والثاني الزينة الخِلْقِية، التي خُلقت المرأة بها، وهي معظم جسدها، الذي يُباح للزوج رؤيته، وأوجبت الفطرة السليمة إخفاءه عن الذين استثنتهم الآية، وتتوقف الزينة التي تبديها لهم على درجة قرابتهم من المرأة، فما تبديه للزوج، غير ما تبديه للأب، غير ما تبديه للأبناء والأخوة!!

ولا يصح القول بأن المراد بالزينة ما يُزيّن به الشيء وليس من أصل خلقته، ذلك أن كل شيء تتزين به المرأة وليس من أصل خلقتها، بداية بتزيين شعرها، وحتى ما تضعه على قدميها، هو مما «أظهرته» ووضعته بإرادتها، والله تعالى لم يقل: «إلا ما أظهرن منها»، وإنما قال: «إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا»، أي ما ظهر منها بمقتضى الأداء الوظيفي للأعضاء، وفي ستره تعطيل لوظيفته!!

رابعا: يقول الله تعالى في سورة الأحزاب:

«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا»

وتأتي هذه الآية في إطار وضع الضوابط للباس المرأة المؤمنة، وهي تتحدث عن الجزء الثاني من هذا اللباس، فجاءت تأمر المرأة بإدناء الجلباب، فإذا ذهبنا إلى معاجم اللسان العربي، لنقف على معنى الإدناء، ومعنى الجلباب، نجد ما يأتي:

ـ «الإدناء»: الدنو القرب، ودانيت بين الأمرين وأدنيت أحدهما من الآخر: قاربت بينهما، ومنه أدنت المرأة ثوبها عليها إذا أرخته وأسدلته وتسترت به.

ـ «الجلباب»: ما يتغطى به من ثوب فوق اللباس الأصلي، بغرض ستر ملامح الجسد، وأصل مادة جلبب يفيد التجمع والإحاطة، وتجلببت المرأة: لبست الجلباب.

إذن «الجلباب» ثوب تلبسه المرأة فوق لباسها الأصلي، الساتر لزينتها الخفية، تستر به ملامح جسدها، والخمار ثوب تلبسه المرأة تستر به رأسها وعنقها وجيبها، باستثناء وجهها.

خامسا: يقول الله تعالى في سورة النور:

«وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ»

ولقد جاءت هذه الآية أيضا في إطار نهي المرأة عن إبداء زينتها الخفية، وهي تؤكد ما ذهبنا إليه من أن المقصود من هذه الزينة «الزينة الخِلْقِية، التي هي في الأصل مستورة «مخفية»، فأمر الله النساء ألا يضربن بأرجلهن الأرض، «كالرقص مثلا»، فيترتب عن ذلك إظهار مواضع زينتها، لذلك جعل علة النهي: «لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ».

سادسا: يقول الله تعالى في سورة النور:

«وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»

فإذا ذهبنا إلى معاجم اللسان العربي، لنقف على معنى «تبرج» المرأة، نجد أنه إظهار زينة المرأة ومحاسنها، وأصله من الثوب المبرج، وهو الذي صورت عليه بروج، واعتبر حسنه، فقيل تبرجت المرأة، أي تشبهت به في إظهار محاسنها.

إذن فقد جاءت هذه الآية أيضا في إطار إغلاق باب إثارة الشهوات، حتى أنه شمل المرأة التي أقعدتها الشيخوخة، فلم تعد لها رغبة في النكاح، ولم يعد للرجال رغبة فيها، أي لم تعد محل إثارة للشهوات، فرخص الله لها أن تضع عنها «الخمار»، كاشفة شعرها، وكذلك «الجلباب»، بشرط أن يكون الثياب الذي تحته لا يُظهر شيئا من زينتها الخفية: «غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ».

ومع أن الحديث عن نساء أقعدتهن الشيخوخة، إلا أن هناك احتمالا أن تجد هذه المرأة من يشتهيها، إن هي وضعت الخمار والجلباب، لذلك عقب الله تعالى على ذلك بقوله: «وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ»، أي أن الخير لها أن تتعفف عن الأخذ بهذه الرخصة، وتلتزم بضرب الخمار على الجيب، وإدناء الجلباب!!

فإذا كان هذا هو حال القواعد من النساء اللاتي أقعدتهن الشيخوخة، من حيث الالتزام بأحكام الشريعة، فكيف بحال غيرهن؟!

سابعا: قوله تعالى في سورة النور:

«قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ..» ـ- «وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ..»

فما الذي بقي من زينة المرأة، حتى يأمر الله الرجال أن يغضوا أبصارهم عنه، بعد أن ضربت المرأة الخمار على جيبها، وسترت بالجلباب زينتها الخفية، ولم تقم بحركات تُظهر ملامح جسدها، إلا إذا كان هذا الغض، في المقام الأول، عن «مَا ظَهَرَ مِنْهَا»: الوجه والكفين والقدمين؟!

لقد أمر الله تعالى الرجال والنساء بستر العورات، والالتزام بضوابط اللباس التي تحافظ على كرامة الإنسان وتقواه، فقال تعالى في سورة الأعراف، مخاطبا الناس جميعا:

«يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ»

إن ستر العورات فريضة شرعية، حملها قوله تعالى «أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً..»، وليست عادة أو عرفا، ولقد وصف الله هذا اللباس بأنه: «يُوَارِي سَوْآتِكُمْ»، ثم قال بعدها «وَرِيشاً»، لبيان الصورة العامة التي يجب أن يكون عليها هذا اللباس، والضوابط التي يجب أن تحكمه، وذلك على النحو التالي:

فهناك لباس لستر العورات: «يُوَارِي سَوْآتِكُمْ»، وهو ما نسميه بالملابس الداخلية، وآخر لحماية الجسم من المؤثرات الخارجية، ويسميه العرب القميص، وقال عنه الله تعالى: «وَرِيشاً»، لأنه يغطي معظم جسد الطير باستثناء وجهه ورجليه، ثم فوق القميص يأتي «الجلباب» ليستر ما قد يظهره القميص من ملامح ومفاتن المرأة.

لقد جاء الإسلام يضبط الشهوات المباحة، ويحفظ القلوب من الشهوات المحرمة، ويوجه الشهوات الفطرية إلى مصارفها الآمنة، ويأمر الرجال والنساء بغض البصر، ويأمر المرأة بستر زينتها الخفية، إلا ما ظهر منها، للقيام بدورها في الحياة دون مشقة أو حرج، وليس لحجبها عن هذا الدور بالقرار في البيت، أو بعزلها عن من حولها بتعطيل وظائف أعضائها بالنقاب، أو تركها تثير شهوات الرجال بإظهار مفاتنها!!

إن المرأة لها مطلق الحرية أن تختار اللباس الذي يعينها على أداء عملها، في إطار الأوامر والنواهي التي وردت في الآيات السابق ذكرها، ولن تتعطل إنتاجيتها، ولا مشاركتها الفعالة في جميع مجالات العمل المختلفة، عندما تستر ما حرم الله كشفه!!

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى