نحو إسلام الرسول

(413) 23/1/2016 (واختلط الحابل بالنابل)

عندما تفرق المسلمون إلى فرق عقدية ومذاهب تشريعية مختلفة، تخاصمت وتقاتلت، واستحلوا دماء بعضهم بعضا، غاب المجتمع الإيماني، وغاب الفهم الصحيح لحقيقة الدين الإسلامي الذي ارتضاه الله للناس، وأصبح الإسلام الوراثي هو الصفة الغالبة على المجتمعات الإسلامية، ولبس النفاق والشرك بالله ثوب الإسلام، ولم تعد أخوة الإيمان هي الرابط الذي يربط المسلمين بعضهم ببعض!!

ولكن أن يصل الأمر إلى أن تقوم عقود النكاح بين المسلمين على أساس الإسلام الوراثي، فلا يعرف الرجل حقيقة الدين الذي عليه المرأة التي يرغب نكاحها، ولا تعرف المرأة حقيقة الدين الذي عليه الرجل، فهذه مصيبة كبرى، لأن الله تعالى اشترط لصحة عقد النكاح، أن تتحقق صفة الإيمان في الزوجين، فقال تعالى:

«وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ (حَتَّى يُؤْمِنَّ)، وَلَأَمَةٌ (مُّؤْمِنَةٌ) خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ»

وقال تعالى عن المهاجرات:

«..فَامْتَحِنُوهُنَّ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ، فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ، فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ، لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ، وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ»

فهل قبل اتخاذ أي إجراء لعقد النكاح، يقوم الرجال بامتحان النساء اللاتي يرغبن نكاحهن، للوقوف على حقيقة إيمانهن، فإن علموا أنهن مؤمنات عقدوا النكاح؟!

لا يحدث!!

لذلك لم يقل الله تعالى «وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ (حَتَّى يُسلِمنَّ)، وإنما قال: (حَتَّى يُؤْمِنَّ)، لأنه سبحانه حرّم أن تؤسس عقود النكاح على «النفاق»، أو «الشرك»!!

إن الأساس في عقد النكاح، حسب أحكام الشريعة القرآنية، العلم بأصول الإيمان، هذا العلم الذي يجعل الزوجين من أول يوم على دراية بحقوقهما واجباتهما الزوجية.

لذلك فنحن أمام مصيبة كبرى، تجعل عقود الزواج التي يوقع عليها الزوجان على أساس التزامهما بالكتاب والسنة، «باطلة»، لأن هذا الشرط لا أصل له في الشريعة القرآنية، وعقد النكاح عقد مدني، الشرط الشرعي الوحيد فيه هو تحقق صفة الإيمان في الزوجين المسلمين، ،لا يُكتفى بالهوية الإسلامية، لأن المنافقين يرفعونها:

«قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا، قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا، وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا، وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»

إن الإيمان ليس عمل القلب وحده، ثم بعد ذلك يفعل الإنسان ويستحل كل ما حرمه الله تعالى، كما تدعي بعض المذاهب العقدية، كالأشعرية، وإنما هو تصديق عمل الجوارح لعمل القلب: «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»، فلا ينفصل الإيمان عن العمل الصالح مطلقا.

منذ قرون مضت، والمسلمون يَدْعُون ربهم ليل نهار، في البيت الحرام وفي مساجد العالم، أن ينصرهم على أعدائهم، ويرفع عنهم ضنك معيشتهم، ويعيد إليهم خيريتهم، فلماذا لم يستجب الله تعالى لهم؟!

الإجابة: لأن الحابل اختلط بالنابل

الحابل: الذي مهمته أن يمسك بحبال الخيل والجمال في الحروب

النابل: الذي مهمته أن يرمي السهام

فعندما تشتد المعركة، وتلتحم الجيوش، ويعم الغبار أرض المعركة، وتتزلزل الأقدام، لا يمكن وقتها معرفة الحابل من النابل، وهو مثل يطلق على الفوضى واضطراب الأمور.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى