Warning: Undefined array key 1 in /home/ebtekarr/public_html/islamalrasoul.com/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Undefined array key 2 in /home/ebtekarr/public_html/islamalrasoul.com/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505
(404) 29/12/2015 (عندما يصبح الكافر مؤمنا، حسب هوى المذهب) – نحو إسلام الرسول

نحو إسلام الرسول

(404) 29/12/2015 (عندما يصبح الكافر مؤمنا، حسب هوى المذهب)

في اللقاء المفتوح الذي عُقد بجامعة القاهرة، في الأول من ديسمبر ٢٠١٥، أجاب فضيلة الدكتور شيخ الأزهر على سؤال عن حكم تكفير «داعش»، فقال:

الذي يقر بأصول الإيمان لا أستطيع أن أكفره ولو ارتكب فظائع الدنيا كلها، فهل داعش بتؤمن؟! بتؤمن، لكن ارتكبت كل الفظائع، هل أستطيع أن أحكم عليها بالكفر؟! لا أستطيع، وإنما أحكم عليها بالفسق، ويكون حكمها حكم المفسدين في الأرض، وتلى قوله تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا …».

وقال فضيلته: «هذا هو الحكم، وليس الحكم أن أقول إنهم كفار، وإلا كنت مثلهم، لأن داعش بتعمل إيه؟! داعش تؤمن إن مرتكب الكبيرة كافر، وبما أن هذه الشعوب تحكم بغير ما أنزل الله، فهي كافرة، وبالتالي هي حلال الدم، فأنا إن كفرتهم أقع في ما ألوم عليهم فيه الآن»!!

إن ما قاله فضيلة شيخ الأزهر، عن عدم تكفير المؤمن الذي أقر بأصول الإيمان، وإن ارتكب فظائع الدنيا كلها، له جذوره العقدية المفصلة في «علم الكلام»، هذا العلم الذي خاض في مسائل إيمانية معقدة، تتعلق بذات الله تعالى وصفاته، وهل القرآن كلام الله مخلوق أم غير مخلوق، وهل العمل ركن من أركان الإيمان أم ليس ركنا؟!

لقد تشكل «علم الكلام»، بموضوعاته العقدية المعقدة، في القرنين الثالث والرابع الهجريين، وظهر دوره بوضوح عندما تبنّى المأمون «ت ٢١٨هـ»، فكر المعتزلة، وتحدى به «أهل الحديث»، ثم ما ترتب على ذلك من محنة «خلق القرآن»..، إلى آخر الإشكاليات التي حملتها «الطوائف الكلامية» في هذا العصر، ومنها «الأشاعرة».

في حلقة من برنامج «فقه الحياة»، وفي سياق الحديث عن موقف «الطوائف الكلامية» من كلام الله، قال فضيلة الدكتور شيخ الأزهر:

«المعتزلة قالوا: كلام الله مخلوق، والحنابلة قالوا ردا على المعتزلة: كلام الله الموجود في القرآن بمعانيه وحروفه وألفاظه قديم، وليس مخلوقا، وفي الوسط جاء الأشاعرة والماتريدية، وهؤلاء هم «أهل السنة والجماعة»!!

ثم قال فضيلته: «لأن الآن في ثرثرة في الفضائيات حول أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة، من هم أهل السنة إن لم يكن الأشاعرة والماتريدية هم أهل السنة؟! هم أهل السنة، والذين يقولون اليوم إنهم هم أهل السنة، قد وُصفوا في مراحل التاريخ بأنهم مشبهة ومجسمة، وكثير من علماء الإسلام من كفرهم»!!

وفي حلقة أخرى من نفس البرنامج قال فضيلته: «لم يحكم الأشاعرة على الحنابلة بالكفر، وإنما الحنابلة حكموا على الأشاعرة بالكفر، لم يحكم الأشاعرة على المعتزلة بالكفر، وإنما حكم المعتزلة على الأشاعرة بالكفر، الأزهر يستحيل أن يصفهم بالكفر، ولكن ألفت كتب كثيرة في تكفير الأشعري ومتبعيه»!!

إذن فنحن أمام إشكاليات تمتد جذورها إلى عصر الفتن الكبرى، بعد أن قامت الحروب بين المسلمين، وسفكوا دماء بعضهم البعض، وتفرقوا إلى فرق ومذاهب عقدية يُكفر بعضها بعضا، تدعى كل فرقة أنها هي الناجية، ويدعي كل مذهب من مذاهب فرقة أهل السنة والجماعة أنه «أهل السنة والجماعة»!!

إن حصر فضيلة شيخ الأزهر «أهل السنة والجماعة» في الأشاعرة والماتريدية فقط، يُخرج باقي الطوائف من فرقة «أهل السنة والجماعة»، ويعتبرون كفارا من وجهة نظر الأشاعرة، وفي مقدمة هذه الطوائف الطوائف «السلفية»، التي قال عنها فضيلته إنهم يعتبرون أنفسهم هم أهل السنة، بداية بـ «الحنابلة»، ثم «التيمية»، ثم «الوهابية»!!

والسؤال: إذن فمن هم «أهل السنة والجماعة»؟! أنا شخصيا أريد أن أفهم!! لأن هذا المصطلح ترتكب «داعش» تحت رايته «فظائع الدنيا كلها» ومع ذلك لا يستطيع فضيلته تكفيرها، لأنها «مؤمنة»، ومن أصول الإيمان عندها أن مرتكب الكبيرة كافر، وعلى هذا الأساس تستحل دماء الشعوب التي تحكم بغير ما أنزل الله، كما ذكر ذلك فضيلته في حديثه؟!

وإذا كانت «داعش» طائفة من طوائف «أهل السنة والجماعة» فكيف تحمل عقيدة «أهل السنة والجماعة» المتناقضين في وقت واحد: فـ «داعش» تكفر جميع مخالفيها من المسلمين، مع أنهم يقرّون بأصول الإيمان، ويشهدون الشهادتين، ومؤسسة الأزهر لا تستطيع تكفير «داعش» لأنها تقر بأصول الإيمان، وتشهد الشهادتين؟!

ولكن الإشكال الأكبر في مفهوم «الفسق» الذي ورد في كلام فضيلته عن «داعش» حيث قال: «وإنما أحكم عليها بـ «الفسق»، ويكون حكمها حكم المفسدين في الأرض، وتلى قوله تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا …».

فتعالوا نبيّن أولا مفهوم «الفسق» في اللسان العربي والسياق القرآني، ثم نبحث حكم الذين يحاربون الله ورسوله، في ضوء قوله تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا …».

(أولا): مفهوم «الفسق» في اللسان العربي والسياق القرآني:

يتفق الراغب في المفردات، وابن منظور في اللسان، على أن: فَسَقَ فلان: أي خرج عن حجر الشّرع، وأن الفسق أعمّ من الكفر، ويوصف به من أخلّ بجميع أحكام الشريعة أو ببعضها، وقد يكون الفسوق شركا ويكون إثما.

فإذا ذهبنا إلى السياق القرآني، نجد أن «الإيمان» يقابله «الفسق»، يقول الله تعالى في سورة السجدة: «أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ»، وأن «الإيمان» لا ينفصل مطلقا عن «العمل»، فقال تعالى بعدها:
«أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»

وأن منظومة «الإيمان والعمل الصالح» هي المقابلة للفسوق الذي يخرج صاحبه من ملة الإسلام إذا كان مؤمنا، وليس الإيمان وحدة كما يدعي الأشاعرة، فقال تعالى بعدها:

«وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ».

أن معظم الآيات التي تحدث سياقها عن «الفسق» جاءت تخاطب الكافرين والمشركين والمنافقين، ومنها قوله تعالى: «وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»، وقوله تعالى: «كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ»، وتُبيّن أن كل كافر فاسق، وأن المؤمن المصر على فسوقه، وعدم التزامه بأحكام الشريعة، يصبح كافرا، فتدبر قول الله تعالى مخاطبا المؤمنين:

١- في سورة الحجرات: «وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ ٱللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ ٱلْكُفْرَ وَٱلْفُسُوقَ وَٱلْعِصْيَانَ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلرَّاشِدُونَ».

٢- في سورة البقرة: «ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ…».

٣- في سورة البقرة: «وَأَشْهِدُوۤاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ…».
نفهم من سياق هذه الآيات أن «الفسق» يأتي أحيانا بمعنى الآثام التي هي دون الكفر والشرك والنفاق، أي بعيدا عن أصول الإيمان، كما هو واضح من سياق الآيات، كالخروج عن الالتزام بأحكام الشريعة أثناء أداء مناسك الحج، أو الإضرار بالكاتب أو الشاهد!!

إن هذه الآثام لا تُخرج فاعلها من ملة الإسلام، إلا إن أصر على فعلها، لأنه في هذه الحالة يكون قد تعدى حدود الله، ولقد حذر الله المؤمنين من تعدي حدود شريعته، فقال تعالى مخاطبا المؤمنين في سياق بيان أحكام الميراث:

«وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ»

فهذه الآية من البراهين قطعية الدلالة، على أن الذي «فسق»، أي خرج عن الالتزام بحكم من أحكام الشريعة، وأصر على ذلك وأصبح مستحلا له، كافر مخلد في النار، ولن ينفعه إقراره بأصول الإيمان، لأن الله تعالى يقول في سورة البقرة: «بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ».

انظر لقد بدأ «الفسوق» بسيئة، ثم تراكمت السيئات، حتى أحاطت بفاعلها من كل جانب، فماذا ينفع إيمانه وقد انفصل عن عمله الصالح؟! لذلك قال تعالى بعدها مباشرة: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ».

ولذلك عندما قال مفتي نيجيريا، خلال كلمته بـمؤتمر الأزهر لمواجهة التطرف والإرهاب، إن «داعش» حكموا على أنفسهم بالكفر بـ «أفعالهم»، قامت مؤسسة الأزهر ولم تقعد، حتى أصدرت بيانا تنفي فيه تكفير مفتي نيجيريا لداعش، مع أنه قال عن داعش: «فهم حكموا على أنفسهم بالكفر بأفعالهم».

فلماذا نفى الأزهر تكفير مفتي نيجيريا لداعش؟! لأن «الأشاعرة» يفصلون بين أفعال المسلمين، مهما بلغت فظاعتها، وبين كونهم مع ذلك مؤمنين يقرون بأصول الإيمان، فلما قال مفتي نيجيريا إن «داعش» حكموا على أنفسهم بالكفر بـ «أفعالهم»، فهذا يعني أن «أفعالهم» أفعال غير المسلمين، أما قلوبهم عامرة بالإيمان، فكيف يكفرون؟!

لذلك لم تستطيع مؤسسة الأزهر تكفير «داعش»، مع علمها أنه يصر على ارتكاب فظائع الدنيا كلها، الأمر الذي يخرجه من ملة الإسلام شرعا، ولكنهم قالوا:

لقد وصف الله الطائفتين المتقاتلتين بالإيمان، مع ارتكابهم الكبائر، فقال تعالى: «وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا.. الآية»!!

ولكن غاب عنهم، أن هذا الوصف كان قبل أن يقتتلوا، ويسفك بعضهم دماء بعض، مع سبق الإصرار والترصد، لأنه لا يُعقل شرعا، أن يبقيهم الله على إيمانهم، وهو القائل سبحانه: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً»، «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا»..، ولقد بينت هذا الموضوع في مقال سابق بعنوان: «عند السلفيين .. اقتل أخاك المسلم وادخل الجنة»!!

إن المتدبر لكتاب الله، يجد أن كلمة «الفسق» تأتي بمعنى «الكفر»، بحسب الأسباب الموجبة له، وتأتي بمعنى «الشرك»، عندما يشرك المرء مع الله آلهة أخرى، في عبادته وفي مسائله الحياتية، كما تأتي بمعنى «النفاق»!!

أما «الفسق» الذي لا يخرج المؤمن من ملة الإسلام، فهو حالة تلبس المؤمن بالمعصية لفترة زمنية، مثل إتيان المعاصي أثناء الإحرام بالحج، ثم الخروج من هذه المعصية وعدم الإصرار عليها.

مثال: في سياق الحديث عن صفات عباد الرحمن، قال تعالى:

«وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا» – «يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا».

لقد جمعت هذه الآية بين ما يتعلق بملة الوحدانية، وما يتعلق بأحكام الشريعة، في سياق واحد، وجزاء واحد، وهو مضاعفة العذاب، والخلود في جهنم، مع ملاحظة أنها تخاطب المؤمنين.

والسؤال: هل المؤمن الذي قتل مرة، أو زنى مرة، يخرج من ملة الإسلام؟!

هنا يُبيّن سياق الآية أن المقصود هو الإصرار على ارتكاب الكبيرة، لذلك جاء بالفعل في زمن المضارع المستمر: «يَقْتُلُونَ النَّفْسَ»، «يَزْنُونَ»، حتى أصبح «المؤمن»، المصر على المعصية، مع المشرك في ميزان وجزاء واحد، وهذا ما بينه السياق بقوله تعالى بعدها: «إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا».

انظر وتدبر ترتيب الأفعال: أولا «التوبة»، بشروطها، ثم «الإيمان»، ليقابل ما حدث من كفر، ولا يُعتد بهذا الإيمان إلا مع العمل الصالح «وعمل عملاً صالحاً»، وقد قال تعالى مبينا شروط التوبة: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ»!!

فهل أعلن «داعش» توبته عن ما ارتكبه من فظائع الدنيا؟! لا، بل أصبح ما يرتكبه من جرائم يشكل تهديدا للأمن العالمي، حتى إن المسلمين قرروا إنشاء تحالف إسلامي عسكري لمواجهة هذه الجرائم!!

(ثانيا): حكم الذين يحاربون الله ورسوله:

إن مسألة أن يظل المؤمن مؤمنا، فإذا ارتكب فظائع الدنيا كلها يكون من المفسدين في الأرض، ويأخذ جزاءه استنادا إلى قوله تعالى «الآية ٣٣» من سورة المائدة: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا …»، مسألة في غاية الخطورة على مستقبل الإسلام، وأمان المسلمين!!

إننا إذا تدبرنا الآية التي قبلها «٣٢»، نجدها تتحدث عن حكم قتل النفس بغير حق، وإذا تدبرنا الآية «٣٤»، نجدها تتحدث عن وجوب التوبة من هذه الجرائم، ولكن هذه التوبة ليست مما اعتلق بالمفسدين من حقوق النّاس من مال أو دم، لأن هذه الحقوق ستطبق عليهم فيها أحكام الشريعة، وإنما التوبة من محاربة الله ورسوله، والسعي في الأرض فسادا!!

لذلك استخدم سياق الآية «٣٣» الزمن المضارع المستمر: «يُحَارِبُونَ»، «يَسْعَوْنَ»، لبيان أن كفرهم جاء نتيجة إصرارهم على محاربة الله ورسوله، وعلى السعي في الأرض فسادا، والمؤمنون لا «يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»، ولا «وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا»!!

إن الذين «يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»، هم الكفار الذين قال الله فيهم: «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ»، وقال فيهم: «إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ»، فكلهم ملة واحدة، ملة الكفر!!

إنني لا أدافع عن التكفير بمفهومه السلفي، الذي يستحلون على أساسه الدماء والأعراض والإموال بغير حق، وإنما أحرر المصطلحات مما أصابها من لبس وتحريف وتزوير!!

إن التكفير بمفهومه القرآني لا يترتب عليه أية عقوبة دنيوية، قال تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ..»، وقال تعالى: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»!!

ولكن عندما تختلط «الآية» بـ «الرواية»، ويرفع «الكفر» راية «الإسلام»، ويتعامل العالم مع الكفار على أنهم مسلمون، وتخرج المؤسسة الدينية الرسمية تقول للعالم نعم إنهم مسلمون، مؤمنون، فهذا معناه أننا نقول للعالم:

إن الدين الإسلامي، تسمح شريعته للمسلمين بارتكاب فظائع الدنيا كلها، ومنها محاربة الله ورسوله، والسعي في الأرض فسادا، مع الاحتفاظ بإيمانهم، لأن هذا الإيمان القلبي هو الذي يميزهم عن الكفار، وهو الذي سيدخلهم الجنة بعد أن يعاقبهم الله على ارتكابهم هذه الجرائم!!

لقد جاءت الشريعة القرآنية لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، قال تعالى: «كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ..»، فهل الذين «يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»، و«يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا»، سيخرجون بـ «إيمانهم» الناس من الظلمات إلى النور، أم بأعمالهم؟!

 

معلومات:

* الأشاعرة: هم المنتسبون إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري «ت ٣٢٤هـ» الذي كان إماما في الاعتزال، ثم فارق المعتزلة وانتسب إلى السنة، وتوسط في آرائه بين المعتزلة وأهل السنة، وغلا في مخالفة المعتزلة وتطرف.

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى