نحو إسلام الرسول

(397) 29/11/2015 (بدعة النسيء، وغياب المنهجية العلمية)

كنت أعلم مسبقا ماذا سيقول الأصدقاء المخالفين لي الرأي، لذلك ولأول مرة أكتب (الملاحظة الهامة) التي ذكرتها عقب المقال، لعلمي أن كل التعليقات المخالفة ستأتي خارج النقاط الرئيسية والبراهين القرآنية التي جاءت في هذا المقال!

لقد أردت بهذه (الملاحظة الهامة) أن أقطع الطريق من البداية أمام هذا النوع من التعليقات حتى لا نضيع الوقت، وندخل في دائرة الجدل العقيم، خاصة أني قد قرأت واستمعت إلى معظم من تكلموا في هذا الموضوع وأعلم جيدا الأدلة التي يستندون إليها!

ويكفي أن يلقي الأصدقاء نظرة على تعليقاتهم على هذا المقال!

إن من مظاهر غياب المنهجية العلمية عن الحوار ترك النقاط الرئيسية التي تحدث عنها المقال، والبراهين القرآنية المؤيدة لها، ثم الذهاب إلى موضوعات فرعية، لم تذكر أصلا في المقال، ليس سهوا مني، وإنما لأنها من المسائل المتفرعة عن النقاط الرئيسية، (كمسألة تحريم الصيد في الأشهر الحرم)، والحقيقة أن المسائل الفرعية كثيرة!
ولكن، هل انتهينا أولا من النقاط الرئيسية التي جاءت في المقال كي نذهب إلى ما تفرع عنها؟

مثال: تعليق للصديق غالب قال فيه:

«استاذ محمد لم يتطرق لتعريف النسيء حسب ابن منظور، بل استرسل في تفسير ابن المنظور للآية حسب تدارك المنظور المعرفي، ومن الخطئ اتباع ماكان عليه القدماء في تفاسير كتاب الله والمعرفة عندهم لاتتجاوز القيل والقال»!

ثم قال الأستاذ غالب: قول ابن منظور: (والنسيء شهر كانت العرب تؤخره في الجاهلية فنهى الله عنه)، هذا ما اورده ابن منظور، وهو يعتقد أن النسيء هو اسم شهر). انتهى

فأقول: يا أستاذ غالب

الذي ذكرته أنا في المقال نقلا عن ابن منظور هو: «.. وَالنَّسِيءُ: شَهْرٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تُؤَخِّرُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ…».

أما أنت فقد افتريت على ابن منظور عندما قلت في تعليقك:

«هذا ما أورده ابن منظور، وهو يعتقد أن النسيء هو (اسم شهر)»، ثم أقمت على هذا الافتراء تعليقك كله!
وعندما صححت لك فهمك لكلام ابن منظور، لم تعتذر عن سوء الفهم، وجادلت وقلت:

«لم نقل النسيء اسم شهر، بل النسيء شهر»!!

ولأني أعلم أنك صححت فقط دون أن تعلم حقيقة ما قاله ابن منظور، سأبين لك ما قاله:

إن قول ابن منظور: (والنسيء: شهر كانت العرب تؤخره)

معناه أن هناك أصلا شهرا من الأشهر الحرم له اسم، وليكن (محرم)، فكان العرب يؤخرون حرمة هذا الشهر إلى (صفر)، فأصبح (محرم) الذي تأخرت حرمته إلى (صفر) هو (النسيء)، وهذا ما قصده ابن منظور بقوله: (شهر كانت العرب تؤخره)!

والغريب أني شرحت ذلك في المقال فقلت:

(وفي الجاهلية كانت العرب تؤخر تحريم شهر (محرم) إلى (صفر)، أي أنهم استحلوا شهر (محرم)، وهو من الأشهر الحرم، وحرموا شهر (صفر) وليس من الأشهر الحرم)!

وعلى كل حال، فهذا هو فهمي لـ (بدعة النسيء)، حسب مشروعي الفكري، وما حمله من أدوات لفهم القرآن، وفي مقدمتها: «منظومة التواصل المعرفي»!

ومن أصول الحوار العلمي، أنك عندما تختلف مع صاحب مشروع فكري في مسألة، عليك أن تترك هذه المسألة جانبا، وتذهب إلى القواعد التي أقام عليها مشروعه، وتهدمها فتكون بذلك قد هدمت المسائل كلها، وليس فقط مسألة واحدة!

ولقد ذكرت مرارا في معظم مقالاتي، أن ما يميز مشروعي الفكري عن سائر التوجهات القرآنية الأخرى، هو ما أسميه بـ «منظومة التواصل المعرفي»، وهي المحور الأساس الذي تدور حوله أدوات فهمي للقرآن، فإذا استطعت أن تهدم هذا المحور فقد هدمت المشروع كله!

فأتعجب من الذين بعد عجزهم عن نقض القواعد والأصول، ذهبوا ينقضون الفروع!

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى