نحو إسلام الرسول

(385) 8/10/2015 (شبهات حول قوله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ)

أولا: عندما تحدث القرآن عن الخلافات الزوجية لم يتحدث من منطلق علاجها بعد أن تقع، وإنما من منطلق (الوقاية خير من العلاج)، وعندما أمر الحكمين بالتدخل أمرهما عند الخوف من حدوث (الشقاق) وليس عند الشقاق، وعندما أمر الرجل بالتدخل أمره عند الخوف من (النشوز) وليس عند حدوث النشوز، وعندما أمر المرأة أن تتدخل أمرها عند الخوف من نشوز زوجها أو إعراضه وليس عند تحقق النشوز والإعراض!!

ثانيا: ولذلك عندما ننطلق في فهم الآية من منطلق تحقق النشوز، ويرى البعض أن من معاني نشوز المرأة أن تضرب زوجها وبالتالي على الزوج أن يضربها كما ضربته…، فهذا الفهم لا علاقة له مطلقا بسياق هذه الآية، لأن هذه الآية لا تتحدث عن معركة بين الزوجين قد يكون الضرب فيها بالسكين، لأن الضرب باليد أو السكين من معاني الضرب، وبناء على هذا الفهم يكون من معانى نشوز المرأة!!

ثالثا: إن الشريعة القرآنية لا تنتظر حتى يحدث الشقاق والنشوز ثم تبدأ بالعلاج، وإنما تتحرك مع بداية ظهور أعراض النشوز!! إن التلميذ الذي يأتي من المدرسة ومعه في شنتطته قلم ليس له، ولا يسأله أحد من أين جئت بهذا القلم، فسيأتي غدا بقلمين، ثم يصبح بعد ذلك لصا!!

رابعا: إن النشوز ينشأ عليه الإنسان في طفولته حسب البيئة التي تربى فيها، ويظل يحمله طوال حياته إن لم يجد من يعالجه، ويتزوج وهو يحمله، ولن يظهر فجأة إلا في مستشفى المجانين، فلا يعقل بعد فترة من الزواج أن يجد الرجل امرأته تدخل عليه وتصفعه فجأة على وجهه بدون أي مقدمات، فيقوم هو أيضا بضربها، وتشتعل المعركة بينهما!!!

خامسا: إذن فلابد من ظهور أعراض أو علامات تبين للرجل أن امرأته ليست هي التي عرفها بأخلاقها الحميدة، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة ترى زوجها ليس هو الذي عرفته …. هذه فقط هي الدائرة التي يتحدث في حدودها سياق الآية، دائرة (الوقاية خير من العلاج)، وذلك في حالة الخوف من نشوز المرأة أو الخوف من نشوز الرجل، فالخوف من النشوز (وليس النشوز) هو القضية الرئيسة التي حملها سياق الآيات المتعلقة بهذا الموضوع: (واللاتي تخافون)، (وإن امرأة خافت)، (وإن خفتم شقاق
بينهما)!!

سادسا: سياق الآية لا يتحدث عن رد فعل الزوج تجاه تصرفات زوجه، فلا يعظها إلا إذا وعظته، ولا يهجرها إلا إذا هجرته، ولا يضربها إلا إذا ضربته، فعلى أي أساس علمي نحصر مفهوم الضرب في سياق الآية على رد فعل الزوج في حالة ضرب زوجه له؟!

سابعا: إن الذين يستدلون بقوله تعالى: “وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ”، على أن ضرب الرجل امرأته يكون في حالة واحدة وهي إذا ضربته هي أولا، فيقوم بضربها كما ضربته، هؤلاء لم يتدبروا قوله تعالى: “وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ”!!

إن سياق الآية لا علاقة له بأحكام العقوبات وإنما بكيفية إدارة نشوز المرأة حسب ما أمر الله في سياقها، والله تعالى عندما تحدث عن نشوز الرجل لم يأمر امرأته أن تفعل شيئا معه مطلقا، وإنما أمرها أن ترفع شكواها إلى الحكمين أو إلى المؤسسة المتخصصة المعنية بشئون الأسرة، وفي هذه الحالة من حقها أن تطلب (الخلع)، وقد بينت ذلك في المقال.

ثامنا: إن المرأة التي تضرب زوجها، هذه امرأة قد تعدت حدود النشوز أصلا، ودخلت دائرة الإجرام، لذلك يستحيل أن يقابل زوجها العاقل ضربها بضرب مثله بدعوى القصاص ثم تستمر حياتهما الزوجية، وإنما عليه أن يتجنبها فورا ثم يطلقها.

تاسعا: لقد ذكرت في المقال أن سياق الآية بدأ بالحديث عن النساء الصالحات، ثم تحدث عن الناشزات من النساء، إذن فليس كل النساء ناشزات!! ثم قسم الناشزات ثلاثة أقسام:

قسم تنفع معه الموعظة، وقسم ينفع معه الهجر، أي الابتعاد عن المرأة داخل البيت، وقسم ينفع معه الضرب وهنا نحتاج الى وقفة:

إن القضية التي تقوم الدنيا ولا تقعد بسببها تتعلق بنسبة من النساء لا تكاد تذكر أصلا إلا أنها موجودة، وقد قلت في المقال إن هذا الصنف من النساء موجود ويسأل عنه علماء النفس، وهذه المرأة لا ترى في ضربها إهانة لأنها نشأت منذ طفولتها لا تقوم بواجباتها إلا إذا ضربت!!

فهل يعقل أن نقوم بتحريف آيات الذكر الحكيم، ونبتدع قراءات قرآنية معاصرة تخدم هذا التحريف، وكل ذلك من أجل نسبة من النساء لا تكاد تذكر من مجموع النساء، وهن يرفضن أصلا دفاع أصحاب هذه القراءات عنهن، ولا حتى التحدث باسمهن؟!!

شيء عجيب وغريب!!!

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى