لقد ختم الله «النبوات» بخاتم النبين محمد، عليه السلام، وجعل رسالته «آية قرآنية» قائمة بين الناس إلى يوم الدين، ليبدأ عصر جديد، تتحمل فيه البشرية مسئوليتها في التعامل المباشر مع «الكتاب الإلهي»، القرآن الكريم، وفي نفس الوقت مع «الآية الإلهية» التي حملها في ذاته، الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد!!
ولم يحدث في تاريخ الرسالات أن آمن أحد بنبي من الأنبياء، قبل أن يؤمن بـ «الآية الإلهية» الدالة على أنه رسول الله …، فهل آمن المسلمون بـ «الآية القرآنية» قبل أن يؤمنوا بالقرآن؟!
الحقيقة، أكاد أجزم، أن كل المسلمين ورثوا القرآن باعتباره كتابا إلهيا فقط، ولم تؤمن قلوبهم بالقرآن باعتباره الحامل لـ «الآية الإلهية» الدالة على أنه كتاب الله، فظلوا يتعاملون مع القرآن ككتاب من كتب التراث الديني، يمكن أن يأتيه الباطل، كما حدث للكتب السابقة!!
ولذلك تراهم يبحثون عن هذا الباطل في كتب التراث الديني فإذا بهم يجدونه يخدم هواهم، لأن الذين كتبوا هذا التراث بشر، ولم يحدث في تاريخ الرسالات أن حفظ البشر كتاب الله بعد وفاة الرسل:
«فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ»
أما الذي آمن بالقرآن، باعتباره «الآية الإلهية» الدالة على صدق الرسول المبلغ لهذا القرآن، فيستحيل أن يقرأ القرآن بمنظار الماضي، ولا بمنظار الأمس، وإنما بمنظار الحاضر المتناغم مع جميع الآيات الكونية، التي يراها شاخصة أمامه اليوم، تشهد أن هذا القرآن كلام الله يقينا!!
وعلى أساس هذه المنهجية العلمية في التعامل مع القرآن «الكتاب الإلهي»، الحامل لـ «الآية الإلهية» الدالة على صدق النبي الخاتم في بلاغه عن الله، نفهم القرآن بأدوات وإمكانات اليوم، وإلا كنا سلفيين تراثيين نلبس ثوب الحداثة والمعاصرة!!
«أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»