نحو إسلام الرسول

(359) 3/8/2015 (الأطفال مأمورون بطاعة الوالدين قبل بلوغ الحلم)

يعتقد البعض أن الولد قبل بلوغ النكاح غير مكلف بأحكام الشريعة، فله أن يلهو ويلعب ويتعامل مع الإنترنت دون أي ضوابط شرعية، ولا يصلي ولا يصوم لأنه لم يبلغ الحلم، ويصفع أبويه على وجههما، ويشتمهما، والكل يضحك وسعيد لأن الولد كبر، ويغضب ويبكي إذا لم تنفذ طلباته فورا فيتم تنفيذها، ويشاهد العورات على التلفاز أو على الأجهزة المحمولة…، إلى آخر ما تشهد به منظومة التربية الفاسدة، التي أصبحت هي السمة المميزة لمعظم بيوت المسلمين، وغير المسلمين!!

أما الشريعة القرآنية، فلا تنتظر حتى يبلغ الطفل الحلم، ثم بعد ذلك تكلفه، هذا الفهم غير صحيح على الإطلاق، وإنما تقوم بإعداد الطفل وتربيته منذ الصغر على طاعة الله تعالى، وطاعة الوالدين القائمين على تنفيذ شريعة الله بينهم!!

لقد وضعت الشريعة القرآنية القاعدة التي تقوم عليها مناهج تربية الأطفال منذ الصغر، ولم تنتظر حتى بلوغهم الحلم حتى تكلفهم، وجعلت هذه القاعدة تتعلق بأخطر قضية أخلاقية تهدم منظومة القيم في أي مجتمع تحل فيه، وهي قضية (العورات)، فهل يُعقل أن تحرم الشريعة القرآنية أن ينظر الأولاد إلى عورة الوالدين، وهم لم يبلغوا الحلم بعد؟!

نعم …، يحرم على الأولاد (الذين لم يبلغوا الحلم) النظر إلى عورة الوالدين، أو إلى أي سلوكيات تتعلق بالعلاقة الزوجية الحميمة الخاصة، ولكن هذا التحريم موجه في الأصل إلى الوالدين، لتنشئة أطفالهم عليه منذ الصغر، فقال تعالى:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»

فهذا حكم تشريعي، يأمر الوالدين بتعليم أطفالهم (الذين لم يبلغوا الحلم)، أي الذين لم يُكلّفوا بعد، تعليمهم آداب الاستئذان، وأنه لا يصح أن يدخلوا عليهما حجرة نومهما بدون استئذان، في هذه الأوقات:

«مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ»

وهذا معناه، وفي سياق أصول التربية المنطلقة من هذا الحكم الشرعي، أن على الوالدين تربية الأولاد على ذلك، وبيان أن هذا الفعل لا يصح، لأن الله حرّمه، بأسلوب ولغة يدركها الطفل في هذا السن، وبذلك نعلم حكمة التشريع القرآني في حماية الأولاد من رؤية ما قد يصيبهم بأمراض نفسية وعصبية يصعب شفاؤهم منها، كما قرر ذلك علماء النفس!!

إن هذه الآية، وما حملته من حكم شرعي، وفي إطار علم السياق القرآني، تعتبر تأسيسا لمنهج تربوي للأطفال، على الالتزام بأحكام الشريعة القرآنية، بوجه عام، فإذا ما بلغ الطفل النكاح، واكتمل رشده، أدرك النعمة التي تربى في منظومتها، وفي إطار ذلك يقول الله تعالى:

«وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ» – «وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا»

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى