نحو إسلام الرسول

(358) 2/8/2015 (يسأل الصديق بدر حداد)

«أمي لا تريد أن أتزوج، وفي حالة تزوجت تريد أن أطلق، ماذا أفعل؟!» ويقول: ابن إبراهيم أطاع أباه في ما يرضي الله، أعطني أباً مثل إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، وأنا أطيعه طاعة عمياء؟! أما الآن رضا الوالدين يكمن في المال، أعطيت المال فأنت بار، حتى ولو كان من الحرام، أليس هذا شرك بالله حب المال أكثر من الله»؟!!

أقول: هناك حقائق يجب أن نعلمها قبل الإجابة على هذه الإشكاليات:

أولا: أن الشريعة القرآنية ليست مسئولة عن فساد منظومة تربية الأولاد (الذين هم آباء وأمهات المستقبل)، فإذا حدث عقوق من أحد الجانبين تجاه الآخر، فالمسئولية تقع على التربية وليس على الشريعة!!

ثانيا: عندما يطلب الوالدان من الأبناء شيئا، فهذا الطلب إما أن يواجه بطاعة أو بمعصية، والطلب الوحيد الذي رخص الله للأبناء معصية الوالدين فيه هو الشرك بالله، وهذا يعني وجوب الطاعة في كل طلب باستثناء الشرك!!!

ثالثا: لقد وصل النهي عن معصية الوالدين إلى درجة تحريم النطق بكلمة «أف»، أي إشعارهما بالتضجر من طلباتهما (حتى في حالة شركهما)، فلم يقل الله للأبناء: اهجروهما وشوفوا مصالحكم الدنيوية، أو أحسنوا إليهما بوضعهما في دار للرعاية وريحوا مخكم…، لا، قال: «وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا»، أي حسب ما هو معروف في رعاية حقوق الوالدين!!

رابعا: إن نسبة الأمهات والآباء الذين يقفون عقبة في سبيل تعليم وزواج وتقدم أبنائهم، نسبة شاذة لا تكاد تذكر، ومرجعها أصلا إلى التربية، وليس إلى الشريعة القرآنية، فهل من الطبيعي أن يرضى الوالدان المؤمنان العاقلان بالمال الحرام دليلا على إحسان الأبناء إليهما؟!

خامسا: إن مثل هذه التحديات، التي أثارها بعض أصدقاء الصفحة، ردا على موضوع «وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا»، هي في حقيقتها حالات شذت عن النظام الاجتماعي المتوازن الذي قام عليه هذا الوجود البشري، وعن منظومة بر الوالدين على مر العصور..، وذلك ثمرة غياب التربية الصالحة للأبناء، الذين هم آباء وأمهات المستقبل، فتدبر:

«وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ» – «وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا»

سادسا: إن علينا أن نتعامل مع مثل هذه التحديات باعتبارها «إبتلاءً» يجب على الأبناء إدارته بسياسة وحكمة، فالله لم يجعل الزواج فريضة، علينا أن نعصي الوالدين من أجلها، ولكنه جعل مقام «الإحسان» إلى الوالدين فريضة، وأصلا ثانيا من أصول الشريعة القرآنية بعد الوحدانية!!

«وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا» – «وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» – «وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ».

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى