نحو إسلام الرسول

(356) 28/7/2015 (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)

يعتقد البعض، أن معنى «الإحسان» في سياق قوله تعالى في سورة الإسراء: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» لا يعني طاعتهما، وأنه لا يوجد نص في كتاب الله يأمر الأبناء بطاعة الوالدين، وإنما «الإحسان» إليهما فقط …، لذلك وجب البيان.

لقد ورد الأمر بالإحسان إلى الوالدين في ثلاثة مواضع: (البقرة ٨٣ – النساء ٣٦ – الأنعام ١٥١) دون بيان لمعنى الإحسان المقصود في سياق هذه الآيات، ثم جاء هذا البيان في سياق (الآية ٢٣) من سورة الإسراء فقال تعالى:

«وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا – إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا – فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا – وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا»

إن قوله تعالى: «فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا» يُبيّن أنه يستحيل أن تكون هذه التصرفات من الأبناء بدون سبب، أكيد بسبب طلب أراده الأب أو الأم من الأبناء، فجاء رد فعلهم سيئاً، لذلك حملت هذه الجملة القرآنية الأمر الحاسم للأبناء، بوجوب عدم إظهار أي ضيق أثناء تنفيذ هذا الطلب، وبيان أن طاعة الوالدين في تنفيذ أوامرهم طاعة مطلقة، باستثناء حالة واحدة فقط، نص عليها القرآن صراحة، وهي قوله تعالى في سورة العنكبوت:

«وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ (حُسْنًا) – وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ – (فَلَا تُطِعْهُمَا) – إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ».

وقوله تعالى في سورة لقمان:

«وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (فَلَا تُطِعْهُمَا) وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا»

إن قوله تعالى: «فَلَا تُطِعْهُمَا» هو البرهان القطعي الدلالة، على أن الأصل هو طاعة الأبناء الوالدين طاعة مطلقة، وأن الاستثناء من هذه الطاعة هو حالة الدعوة إلى الشرك!!

إن قول الله تعالى في سورة الإسراء: «وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا»، وقوله تعالى في سورة لقمان: «وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا»، يُبيّن أن «الإحسان» مرتبة أعلى من «الطاعة»، فقد يطيع الأبناء الوالدين مكرهين، فأمرهم الله أن يتذكروا ماذا فعل الوالدان من أجلهم، لتأتي الطاعة عن حب، فيصاحبها القول الكريم، والصحبة بالمعروف!!

إذن، فموقف الأبناء من الوالدين يبدأ بالطاعة المطلقة لهما، باستثناء الدعوة إلى الشرك، ثم «الإحسان»، ثم تأتي المرتبة الأخيرة وهي «البر»، وهي مرتبة تصل إليها القلوب بتقوى الله، إذا أخلصت دينها لله تعالى، قال تعالى عن يحي عليه السلام: «وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا»، إن هذا «البرور» بوالديه، كان ثمرة «التقوى» التي أشارت إليها الآية قبلها: «وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا»!!

وإن مما يزيد الأمر وضوحا، ويؤكد أن طاعة الوالدين فريضة شرعية على الأبناء، قوله تعالى مبينا مفهوم «البر» عند يحي عليه السلام، من حيث الطاعة والمعصية: «وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا»!!

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى