نحو إسلام الرسول

(344) 4/6/2015 ( الفرقان والوصايا العشر [2-2)

أين نجد في كتاب الله، تعريفا للفرقان، وأنه هو الوصايا العشر عند موسى، ومحمد، والحكمة عند عيسى، والصراط المستقيم في (التنزيل الحكيم)؟!

ثم من قال إن الأحكام والوصايا، التي وردت في سورة الأنعام، الآيات (١٥١-١٥٣)، هي الفرقان، وهي الوصايا العشر، والصراط المستقيم؟!

إنه لا يوجد في كتاب الله، دليلا واحدا، يثبت صحة ما سبق من ادعاءات، فكتاب الله، (منظومة علمية)، لها قواعدها، وأصولها، ومنهجها، وأدواتها، في الدراسة والبحث والاستنباط!!

إن الله تعالى عندما ذكر في سورة الإسراء، بعض أحكام الشريعة (٢٢ – ٣٨)، كان منها (تحريم) الاتباع بغير علم، فقال تعالى:

«وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ (عِلْمٌ) إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ (كُلُّ أُوْلَئِكَ) كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً»

والقفو: الاتباع، والمحرم هو الاتباع بغير علم، فهل أصحاب هذه الادعاءات، يحملون علما، يثبتون به صحة ادعاءاتهم؟!!

الحقيقة: لا، وبرهان ذلك (باختصار) ما يلي:

أولا: تعالوا نفهم أهمية كلمة (من) التبعيضية، في علم (السياق القرآني)!!

بعد أن ذكر الله في سورة الإسراء، جانبا من أحكام الشريعة (٢٢ – ٣٨)، أتبع ذلك بقوله:

«ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ (مِنْ) الْحِكْمَةِ»

إن الله تعالى لم يقل إن هذه الأحكام، هي (الحكمة)، التي أوحاها الله لنبيه محمد، وإنما قال إنها (من) الحكمة، لبيان أن هذه الأحكام ليست هي أحكام الشريعة كلها، الوجب على المسلمين جميعا اتباعها، فهناك أحكام، لا تقل في وجوب الاتباع، موجودة في آيات وسور أخرى!!

إن مفهوم (الحكمة)، في هذا السياق، يعني ما حمله كتاب الله من (أحكام الشريعة)، وعلى هذا، يستطيع أي مسلم، يملك آليات التفكر والتعقل والتدبر..، أن يقول على أي حكم ورد في كتاب الله، إنه من (الحكمة) المنزلة، سواء وردت هذه (الحكمة) في آيات سورة الأنعام (١٥١-١٥٣)، أو في آيات سورة الفرقان (٦٣-٧٤)، أو في غيرها!!

إذن، فمن المنطق، عندما نريد أن نصف أحكام الشريعة بصفة، في أي سورة من السور، فلابد أن تكون هذه الصفة، هي التي وصفها الله بها، وهي (الحكمة)، ولم يصف الله أحكام شريعته بـ (الفرقان)، وإنما جاءت هذه الصفة، للكتاب كله!!

إن الآية (١٥٣)، من سورة الأنعام، التي يدّعون أنها (الوصية العاشرة)، في هذا (الفرقان) المدّعى، وهي قول الله تعالى:

«وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً – فَاتَّبِعُوهُ – وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ – فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ – ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ – لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»

إن هذه الآية، لا يمكن أن تُفهم، بمعزل عن علم (السياق)، هذا العلم، الذي يفرض على متدبر القرآن، أن يقرأ السياق الذي وردت فيه الآية (١٥٣)، بداية من قوله تعالى (الآية ١٢٥):

فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ – يَشْرَحْ صَدْرَهُ (لِلإِسْلامِ) – وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ….»

ثم قوله تعالى بعدها ( الآية ١٢٦):

«وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً – قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ»

إذن فـ (صراط الله المستقيم) هو (الإسلام)

لقد تحدث السياق بعد ذلك عن الصراع بين الحق والباطل، وأن الباطل دائما يفتري الكذب على الله ورسله، وذلك لصد الناس عن صراط ربهم المستقيم، وليستحوذ عليهم الشيطان، فينسيهم ذكر الله، فيحلوا ما حرم الله، ويحرموا ما أحل الله!!

وفي هذا السياق، يقول الله تعالى (الآية ١٤٤):

«…. أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ – إِذْ (وَصَّاكُمْ اللَّهُ بِهَذَا) – فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً – لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ – إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»

ثم قال تعالى، الآية (١٤٥):

«قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ (مُحَرَّماً) عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ – إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً – أَوْ دَماً مَسْفُوحاً – أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ – فَإِنَّهُ رِجْسٌ- أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ … الآية»

ثم قال تعالى، الآية (١٤٨):

«سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا – لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا – وَلا آبَاؤُنَا – وَلا (حَرَّمْنَا) مِنْ شَيْءٍ…. قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ (عِلْمٍ) – فَتُخْرِجُوهُ لَنَا – إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ (الظَّنَّ) – وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ»

ثم جاءت الآية (١٥١)، وما حملت من أحكام ووصايا، قال الله بعدها:

«ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»

ثم جاءت الآية (١٥٢)، وما حملت من أحكام ووصايا، قال الله بعدها:

«ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»

ثم جاءت الآية (١٥٣)، فيقول الله تعالى:

«وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»

انظر، كيف تتناغم هذه الآية، مع أول السياق، الذي ذكرناه (الآية ١٢٥ – ١٢٦)!!

إن اسم الإشارة (هذا)، في قوله تعالى: «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ»، لا يعود إلى سياق الآيات (١٥١-١٥٣) فقط، وإنما إلى (الدين الإسلامي) كله، الذي وصفه الله بالصراط المستقيم، في أول السياق، فقال تعالى:

«فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ – يَشْرَحْ صَدْرَهُ (لِلإِسْلامِ)…»

ثم قال بعدها:

«وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً – قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ»

إن (الصراط المستقيم)، في السياق القرآني كله، هو (الدين الإسلامي)، هو أحكام (الشريعة القرآنية) كلها، وإليك برهان ذلك:

يقول الله في سياق الحديث عن (الواحدانية):

«إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ (فَاعْبُدُوهُ) ۗ هَٰذَا (صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ)»

ويقول تعالى في سياق الحديث عن حجية كتاب الله:

«فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ (صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)»

ولقد بيّن الله ماهية هذا الوحي، فقال:

«وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ»

والسؤال: أين (الوصية العاشرة)، يا أولي الألباب؟!!

أفيدونا يرحكمك الله!!!

«أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ – أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى