نحو إسلام الرسول

(334) 16/5/2015 (عقد النكاح على كتاب الله، وسنة رسوله)

مشكلة كبيرة جدا جدا، وأزمة (عقدية) تُفسد معظم عقود النكاح، التي تمت وتتم، بين أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، أن يقوم عقد النكاح، على قاعدة باطلة أصلا، حذر الله تعالى المسلمين من إقامة دينهم عليها، وهي قاعدة (التفرق في الدين)، يقول الله تعالى:

«مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ – وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ – وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» – «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا -كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»

إن هذا النص القرآني، قطعي الثبوت عن الله تعالى، قطعي الدلالة، لا خلاف على فهمه مطلقا بين العقلاء، فهل فعلا فرّق المسلمون دينهم وكانوا شيعا، كل حزب بما لديهم فرحون؟!

نعم، بإجماع العقلاء الذين يسكنون هذه الأرض، وبدون أدنى شبهة!!

وهل إذا مات أتباع الفرق والمذاهب الدينية اليوم، ولم يخلعوا ثوب (الفُرقة والمذهبية)، ماتوا مشركين؟!

نعم، بشهادة الله تعالى، وبشهادة الرسول الذي أمره الله قبلها فقال له:

«فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا – فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا – لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ – ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ – وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ»

إن تاريخ الصراع الدموي، بين الفرق والمذاهب الإسلامية، يجب أن يعلمه كل من أراد (أرادت) الزواج، وأن يعلم، أن المذاهب الفقهية التابعة لكل فرقة من الفرق الإسلامية، قامت أصلا على اختلاف المحدثين، حول صحة (الحديث) وضعفه، فالذي صح عنده (حديث)، أقام عليه فتواه بالحرمة (أو الحل)، والذي لم يصح عنده ذات (الحديث)، أقام عليه فتواه بالحل (أو الحرمة)!!

إن هذه (الأحاديث)، التي نسبها الرواة إلى النبي، يقول فقهاء المذاهب المختلفة، إنها مرجعيتهم في الإفتاء، لأنها التي حملت (السنة النبوية) واجبة الاتباع، وعلى هذا، فإذا قام عقد النكاح على (كتاب الله)، و(سنة رسوله)، ومذهب (أبي حنيفة)، أو غيره…، فهذا معناه أن الزوجين قد أتما دراسة كتاب الله، وسنة رسوله، ومذهب أبي حنيفة، قبل عقد النكاح، وبصفة خاصة الأحكام الشرعية التي وردت في هذه المصادر!!

لماذا؟!

لأن عقد النكاح مثل باقي العقود المدنية، يجب الالتزام ببنوده وشروطه، فأين عقد النكاح هذا، الذي درس أطرافه (الكتاب)، و(السنة)، و(مذهب) الآباء؟!

وماذا لو أننا ألغينا (مذهب الآباء)، واكتفينا بـ (الكتاب والسنة)، فهل بذلك يكون الخوف من الوقوع في دائرة الشرك قد زال؟!

الحقيقة، التي يعلمها من وقف على حقيقة (السنة النبوية)، وأنها ليست سنة النبي، وإنما سنة الرواة والمحدثين…، أن الخوف لن يزول، لأن هذه المذاهب، تستقي أدلتها من نصوص هذه السنة (المذهبية)، وما صح منها عند مذهب لم يصح عند آخر، ونظل نحرث في الهواء، باسم اتباع (السنة النبوية)!!!

قلت لأحد المقربين مني، إن الشرط الأساس لعقد النكاح هو «الإيجاب والقبول»، والإيجاب هو اللفظ الصادر من الولي، أو من يقوم مقامه، والقبول هو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه، فإذا تم الإيجاب والقبول، بأية صيغة، وبدون خطبة نكاح، وبدون صيغة (على كتاب الله وسنة رسوله)، فالعقد صحيح، والنكاح صحيح!!

ولم يطمئن قلبه لهذا الكلام، فذهب إلى أحد المشايخ، وسأله: هل يصح عقد النكاح، إذا كانت صيغته هي:

زوجتك ابنتي، على ما أمر الله به في كتابه، بدون ذكر (وسنة رسوله)؟!

قال له: إذا تزوجها على هذا الأساس، فقد وقعا في (الزنا)!!!

إن المسلمين يعيشون حالة من (التغييب العقلي)، و(العشوائية الفكرية)، و(الجهل الديني)، و(الامبالاة) …، واللافت للنظر، أن من أنصار (القرآن وكفى)، من استسلموا للعرف القائم، وعقدوا الأنكحة لأبنائهم على (كتاب الله وسنة رسوله)، في الوقت الذي لا يوجد في كتاب الله، ولا في (سنتهم)، نصا واحدا، يفرض هذه الصيغة، عند عقد النكاح، ومن عنده دليل من الكتاب أو من (سنتهم) يخرجه لنا!!!

والعجيب، أن أكثر شيوخ الإفتاء تشددا، وهم شيوخ السعودية، لا يشترطون صيغة (الكتاب والسنة) عند عقد النكاح!!

فها هو (ابن باز)، على موقعه، يعرض صيغة عقد النكاح على النحو التالي:

(يقول الأب للزوج زوجتك ابنتي، ويقول الزوج قبلت هذا الزواج، إذا قال ذلك تم العقد).

وهذا هو الرابط: https://www.binbaz.org.sa/node/19618

وكذلك (ابن عثيمين)، يقول: على المأذون أن يقول للأب:

(زوِّج الرجل، فيقول: زوجتك بنتي فلانة، ولا حاجة أن يقول: على سنة الله وسنة رسوله، صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن الأصل في المسلم أنه على سنة الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ويقول الزوج: قبلت، ثم يقال للزوج: بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير).

وهذا هو الرابط:

https://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18120.shtml

فمتى سيعلم المسلمون، أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، وأتباع التوجهات الفكرية المختلفة، أن الإسلام ليس (فكرا) سلفيا، ولا مستنيرا، ولا قرآنيا معاصرا…، فكلها لم تخرج إلى واقع الناس، سلوكا عمليا، ومؤسسات اقتصادية واجتماعية…، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور!!

إن أصحاب الفكر القرآني، عندما يقبلون عقد النكاح (على كتاب الله وسنة رسوله)، فإنهم بذلك، يخرجون (عمليا) من النور إلى الظلمات!!

«الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى