نحو إسلام الرسول

(333) 14/5/2015 (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)

خلق الله تعالى الإنسان بغرائز وشهوات، منها الميل الفطري للنساء، الذي كان له الدور الرئيس في إقامة هذا الوجود البشري، وقد وضعت له الشريعة الإلهية حدودا وضوابط آمنة، تعصمه من الوقوع في دائرة المحرم، يقول الله تعالى:

* « زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ (النِّسَاءِ) وَالْبَنِينَ … »

ومن هذه الضوابط، الأمر بغض البصر، وحفظ الفرج، والنهي عن إبداء المرأة (زينتها)، إلا ما ظهر منها، بحكم الحاجة والضرورة الوظيفية، كالعينين، والأنف، والفم، وهي مكونات (الوجه)، المحددة لملامح شخصية المرأة، فقال تعالى:

* «وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا»

ونلاحظ أن الله لم يقل (إلا ما أظهرته منها)، وذلك لبيان، أن كشف المرأة وجهها، أمر حتمي، لا خيار لها فيه، لذلك أعقب ذلك مباشرة بقوله:

* «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ»

وذلك لبيان العلاقة، بين كشف المرأة وجهها، المستثنى في قوله تعالى «إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا»، وضرب المرأة (خمارها) على الجيب.

و(الجيب)، فتحة في لباس المرأة، وغالبا ما تأخذ شكل المثلث المقلوب، تمكنها من إخفاء الحاجات، ووضع حزام حول وسطها، يمنع سقوطها.

لذلك أمر الله المرأة، بضرب (الخمار) على الجيب، حتى لا يظهر جزء من عنقها وصدرها، وكان هذا من تشريعات (عصر التنزيل)، التي نزلت لعلة تعديل عرف كان قائما!!

ثم أعقب ذلك مباشرة، بنهي المرأة عن إبداء زينتها (عموما)، إلا ما استثنتهم الآية، بعد أداة الاستثناء الثانية، حيث يقول تعالى:

* «وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ ….»

وحسب مشروعي الفكري، في فهم القرآن، فإنني أفهم (الخمار) من مصدرين هما:
(اللسان العربي)، و(منظومة التواصل المعرفي).

١- (اللسان العربي):

باختصار، يقول ابن منظور، في لسان العرب، والذبيدي، في تاج العروس:
الخِمار: كل ما ستر شيْئاً فهو خماره، ومنه خمار المرأة، وهو ثوب تغطِّي به المرأة رأسها، ومنه العِمامة، لأن الرجل يغطِّي بها رأسَه، فالمرأة تغطي رأسها بالخمار، والرجل يغطي رأسه بالعمامة.

٢- (منظومة التواصل المعرفي):

في علم السياق، عندما يُشار إلي شيء، دون بيان ماهيته، فهذا يعني أن هذا الشيء، من المعارف المتواصلة، التي يتوارثها الناس…، ولقد كان العرب يعلمون، قبل نزول الآية (٣١) من سورة النور، ما هو (الخمار)، وكيفية لبسه!!

ولقد ورث الناس (الخمار)، على أنه غطاء للشعر، بصرف النظر عن اختلاف أشكاله، واختلاف مللهم، بل إن هناك حول العالم اليوم، قرى غير مسلمة، يلبس نساؤها الخمار، كغطاء للرأس دون الوجه.

إن لفظة (الخمار)، ومادة (خمر) في (اللسان العربي)، وفي (السياق القرآني)، تعني تغطية الرأس تحديدا، سواء كانت تغطية معنوية (السُكر)، أو مادية (تغطية الشعر)، ولو كان (الخمار) يعني خلاف ذلك، لوجب إضافة الشيء المراد تغطيته إليه، حتى لا يُترك حكمه الشرعي، الذي يتعلق بالحل والحرمة، لأهواء البشر!!

لقد أباح الله كشف (الوجه)، لأن في ذلك تفعيل لمهمته التي خلقه الله من أجلها، ثم أمر بضرب (الخمار) على الجيوب، لبيان أن (الشعر)، و(الأذن)، و(الرقبة)، خارج دائرة المباح كشفه، استنادا إلى مفهوم (الخمار)، الذي كان معروفا عند العرب، قبل نزول القران!!

فإذا علمنا أن الله تعالى، اشترط على (القواعد من النساء)، وهن النساء اللاتي لا تتحرك الشهوة تجاههن، بل ولم تعد لديهن رغبة فيها أصلا، اشترط عليهن، عدم إظهار زينتهن الخفية، إذا أردن التخفف من بعض الثياب، فقال تعالى:

«وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ – اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا – فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ – أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ – (غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) – وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ – وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»!!

إذا علمنا ذلك، فلنا أن نتصور حجم الفتنة التي يعلمها الله تعالى، إذا أظهرت المرأة زينتها التي أمرها الله أن تخفيها؟!!

فأنت إذا نظرت إلى فتاة ترتدي خمارها فأعجبتك، وتقدمت لخطبتها، ثم تزوجتها، فخلعت الخمار، وظهرت لك بشعرها وعنقها، فإنك سترى امرأة في حسنها، غير التي عرفتها فترة الخطوبة، ويومها ستعلم الحكمة الإلهية، في إخفاء هذا الجزء المكمل لحسن النساء.

«وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ» – «وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»

 

ملاحظة:
نظرا لحساسية هذا الموضوع، بالنسبة لكثير من أصحاب القراءات القرآنية المعاصرة، وحتى لا نُشغل أصدقاء الصفحة، بـ (كلام مرسل)، لا برهان عليه، أرجو من أصحاب التعليقات، الالتزام بما جاء في المنشور، ومناقشة الحجج والبراهين التي وردت فيه.

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى