نحو إسلام الرسول

(337) 23/5/2015 (أشهد أنه لا إله الا الله، وأن محمدا رسول الله)

يعتقد البعض، أن قول المسلم، (أشهد أنه لا إله الا الله، وأن محمدا رسول الله)، يكون بذلك قد جعل محمدا شريكا مع الله، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى في سورة آل عمران (١٨):

(شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

فيقولون إن الآية قد خلت من ذكر الشهادة بأن محمدا رسول الله، وفي هذا دليل على أنه لا أصل لهذه الشهادة في الإسلام، فهل حقا عندما يقول المسلم (وأشهد أن محمدا رسول الله)، يكون قد أشرك بالله تعالى؟!

الشهادة: علم يقيني، بشيء حدث، وأدركته وسائل الإدراك فور حدوثه، ويتحمل مسئوليته أمام الله تعالى الشاهد وحده، فور الإدلاء بهذه الشهادة.

وفرق بين الشهادة التي تقوم على وسائل الإدراك، والمتعلقة بعالم الشهادة (الحسي)، وتلك التي تقوم علي البراهين العلمية، المتعلقة بعالم الغيب (المعنوى)!!

والآية السابقة، (يخبرنا) الله تعالى فيها، أن الكون كله يشهد شهادة علمية، بالوحدانية، وبفاعلية أسمائه الحسنى، وكل ذلك من عالم الغيب، الذي لا نراه بأعيننا، وإنما بـ (البراهين العلمية)، التي بدونها لا نستطيع فهم قوله تعالى:

«قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ (شَهَادَةً) – قُلْ اللَّهُ (شَهِيد)ٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ – وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ – لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ – أَئِنَّكُمْ (لَتَشْهَدُون)َ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى – قُلْ لا (أَشْهَد)ُ – قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ – وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ»

إن وجود (شاهد) يقتضي وجود (مشهود)، وقد أقسم الله بهما في سورة البروج (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)…، وذلك لبيان مدى حجيتهما في الاستدلال القائم على العلم الحضوري اليقيني المتعلق بالحدث.

والله تعالى ليس بحدث، وليس من عالم الشهادة (مشهودا)، فهو سبحانه من عالم الغيب، الذي نؤمن به على أساس دلائل الوحدانية، والبراهين العلمية المثبتة لذلك، فشهادتنا أنه (لا إله إلا الله) شهادة علمية.

ورسول الله بالنسبة لنا اليوم من عالم الغيب، ومعلوم أن (الشاهد) يستحيل أن يكون (شاهدا) وهو لم ير (المشهود)، ونحن لم نر رسول الله، لذلك نؤمن بوجوده على أساس البراهين العلمية المثبتة لذلك، ومصدر هذه البراهين هو (الآية القرآنية) التي بين أيدينا اليوم في عالم الشهادة.

إذن فنحن عندما نشهد (اليوم)، أنه (لا إله الا الله)، وأن (محمدا رسول الله)، فشهادتنا هذه شهادة علمية، تقوم على البراهين المثبتة لموضوع الشهادة، والمتعلقة بدلائل (الوحدانية)، وبصدق (النبوة).

لقد أعلن المنافقون شهادتهم أن محمدا رسول الله، وأخبر الله رسوله أن المنافقين كاذبون، لماذا؟!

تعالوا نتدبر قوله تعالى:

«إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا (نَشْهَدُ) إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ (يَعْلَمُ) إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ (يَشْهَدُ) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ»!!

تدبر الحكمة من وجود مقام (العلم): «وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ»، في سياق (الشهادة): «وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ»!!

لقد (شهد) المنافقون بوجود شخص محمد، فكانوا صادقين في شهادتهم (الحسية)، ولكنهم كاذبون في شهادتهم (القلبية)، لأنهم لا يعترفون أصلا بـ (نبوة) محمد، عليه السلام، القائمة على البراهين (العلمية) التي حملتها (آيته القرآنية)!!

«أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ – أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ۚ- إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً – وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»

(أشهد أنه لا إله الا الله، وأن محمدا رسول الله)

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى