نحو إسلام الرسول

(316) 28/3/2015 (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ – فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ – أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)

إن الطلاق، الذي يحل للزوج إمساك امرأته بعده مرتان, أي فترتان يتم خلال كل فترة منهما ردها في زمن العدة، وهذه الفترة بمثابة مرحلة علاجية، تحمل إنذارا للطرفين، بقرب قطع الرابطة الزوجية نهائيا.

نحن أمام موقفين مختلفين، حدثا على مرحلتين متباعدتين، لكل مرحلة ظروفها الخاصة، حيث يحاول كل طرف استنفاد كل ما في وسعه، للبقاء على علاقته الحميمة بالآخر.

إن قرار الطلاق، يجب أن يعيش في وجدان الزوجين، فترة زمنية كبيرة، قبل انقطاع عرى الزوجية. وحكمة ذلك أن يعطى الزوجان أطول فترة زمنية ممكنة، يراجع فيها كل زوج نفسه، قبل اتخاذ قرار الانفصال.

إن قرار الطلاق لا يقوم على انفعالات، تصدر من الزوجين، في لحظة معينة، تسفر عن قول الزوج، دفعة واحدة، (عليّ الطلاق بالتلاتة)، كما يفعل الجُهّال!!

ولما كانت فترة الحيض فترة آلام وتغيرات في طبيعة المرأة (النفسية والجسدية)، مما قد ينتج عنه توتر عصبي، فقد أمر الله الزوج، ألا يتخذ قرار الطلاق في هذه الفترة، فإذا طهرت المرأة، وعادت إليها حيويتها، وهدوء نفسها، فقد يتغير قرار الزوجين!!

إن من حق الزوج إمساك امرأته بالمعروف في فترة عدتها، أو تركها تخرج من عدتها ومن بيت الزوجية بإحسان:

«فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ – فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ – أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ»

ويجب الإشهاد في الحالتين، لقوله تعالى بعدها:

«وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ – وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ»،

وذلك لأن هناك حقوقا ستترتب على كليهما، لذلك أتبـع الله الأمـر بالإشهـاد بقوله تعالى:

«ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ – وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً»

إن الطلاق لا يقع في فترة حيض، ولا في طهر باشر الزوج فيه امرأته، فإن باشرها، فعليه أن ينتظر حتى تحيض، ثم يطلقها بعد طهرها، ولا يقع الطلاق بدون إشهاد!!

إن الطلاق، ليس قرارا فرديا، وإنما عملا تشارك فيه كل المؤسسات المعنية بأحوال الأسرة (الشخصية والنفسية)، التي يجب أن تتبع (ولي الأمر) مباشرة، لقوله تعالى في سورة الطلاق، مخاطبا رسوله:

«يا أيها النَّبِيُّ – إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ – فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ – وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ»

لقد خاطب الله النبي بصيغة المفرد، فقال تعالى: «يا أيها النَّبِيُّ»، ثم أتبعه بصيغة الجمع، فقال تعالى: «إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ»

مما يُفهم منه، أن ولي الأمر، مسئول عن أن يكون قرار الطلاق، قرارا حكيما، وليس عشوائيا!!

إن من فقهاء المذاهب، من أقام على «الأيْمان» أحكام طلاق، فهدموا بيوتا ما كان لها أن تهدم!!

لقد اعتبروا الطلاق يمينا، كاليمين المشهور: «عليّ الطلاق لأفعلن كذا»، وهنا يكون أمام الحالف خياران: إما أن يفعل، وإما أن يطلق!!

شيء غريب وعجيب!!!

ومنهم من وقفوا عند ظاهر اللفظ، الذي نطق به اللسان، ولو كان مازحا، أو ممثلا، فقالوا:

لو قال رجل مازحا: “لو تزوجت فلانة فسوف أطلقها، ثم تزوجها فعلا، فعليه أن يطلقها فور زواجها!!

شيء عجيب وغريب!!

إن حدود الله يحرم تعديها باجتهادات الفقهاء المذهبية، أو بثقافة روائية ما أنزل الله تعالى بها من سلطان!!

إن إجماع الفقهاء كافة، على مسألة تخالف «صريح القرآن»، لا اعتبار له في دين الله، وإن أصبح عرفا سائدا بين الناس، لما يترتب عليه من مفاسد، وعبث بحقوق الناس، لا يعلم عواقبه البشر، وإنما يعلمها الله العليم الحكيم.

«وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ -أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى