نحو إسلام الرسول

(312) 16/3/2015 (لسان القرآن، وإشكالات اللغة العربية.. 1-3)

عندما بيّن الله تعالى أن القرآن نزل «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ»، ولم يستطع أهل «اللسان العربي» أن يأتوا بمثله، فهذا لا يعنى، أن يكون «لسان العرب»، حاكما على «لسان القرآن»، هذا اللسان الذي يختلف اختلافا جذريا، في أسلوبه ونظمه وإحكامه، عن «لسان العرب»، الذي حمل الحق والباطل.

إن «لسان القرآن»، «آية إلهية»، لها أسلوبها البياني المحكم، الذي يميزها عن غيرها من أساليب البيان التي عرفها العرب، ودوّنها فقهاء اللغة العربية في الكتب، بعد قرن من نزول القرآن، على أقل تقدير، الأمر الذي يستحيل معه، أن نجعل ما حملته هذه الكتب من أساليب العرب البيانية، حاكما على «لسان القرآن».

لقد اختلط «لسان القرآن» بـ «لسان العرب»، بعد ظهور صراعات عقدية وتشريعية بين فقهاء اللغة، من ظاهرية وباطنية ومشبهة…، الأمر الذي أفقد القرآن فاعليته، باعتباره «آية إلهية»، دالة على صدق نبوة رسول الله محمد، على مر العصور!!

لقد نزل القرآن بـ «لسان عربي مبين»، ولم تحمل «الكلمة القرآنية» إلا المعنى الحقيقي الذي وُضع لها، يوم خلق الله السموات والأرض، هذا المعنى الذي تعلمه آدم من ربه، وتناقلته الأجيال عبر «منظومة التواصل المعرفي»، على مر الرسالات الإلهية.

إن «الكلمة القرآنية»، عندما تأتي في السياق القرآني بأكثر من معنى، فهذا يرجع إلى السياق الذي وردت فيه، وإلى القرائن التي حملها السياق الموجبة لذلك، وليس لأن الكلمة (بمفردها) تحمل هذه المعانى، التي اصطلح فقهاء اللغة العربية على تسميتها بـ «المعانى المجازية»!!

لقد استطاع بعض فقهاء اللغة، توظيف هذه «المعانى المجازية»، لصالح توجهاتهم العقدية والتشريعية، فاستنبط فقهاء كل فرقة من القرآن، الأدلة على أن فرقته هي الفرقة الناجية، وعلى أن أحكامها التشريعية، التي انفردت بها، هي أحكام قرآنية!!

ثم جاء من نفوا عن «لسان القرآن» هذه «المعانى المجازية»، ودافعوا عن أسلوب القرآن البياني المحكم، وكان في مقدمة هؤلاء، داود الظاهري (ت ٢٧٠ هـ)!!

إننا عندما نقول: (رأيت أسدا يرمي بسيفه)، فلا نقصد بكلمة أسد، هذا الحيوان المفترس، وإنما نقصد الرجل الشجاع، لماذا؟! لأن هناك قرينة، صرفت عن الأسد المعنى الحقيقي، وهي جملة (يرمي بسيفه)!!

وليس معنى هذا، أن كلمة «أسد» تحمل معنيين: أحدهما حقيقي، والآخر مجازي، فالأسد لن يكون رجلا، والرجل لن يكون أسدا، في حقيقة الأمر، فيبقى «الأسد» على معناه الحقيقي، ويبقى الرجل على معناه الحقيقي، ولا تُصرف الكلمة عن هذا المعنى، إلا إذا حمل السياق (قرينة) تقتضي ذلك، ولا نحتاج كي نصل إلى هذا الفهم، إلا تفعيل «آليات عمل القلب»: آليات التعقل، والتفكر، والتفقه، والنظر!!

«الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ»

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى