بدأت الأزمة، ورسول الله على فراش الموت، فمن الذي سيخلفه؟! ويومها وُضعت بذور الفتنة، بين أكبر فرقتين من الفرق الإسلامية الموجودة اليوم، بين “السنة” و”الشيعة”، وهي فتنة “الخلافة”، أو “الإمامة”!!
لقد مات رسول الله ولم يكن من صحبه سني ولا شيعي…، ولا حنفي ولا مالكي…، ولم يترك للمسلمين نصا تشريعيا غير كتاب الله، فهل عرف الخلفاء الراشدون مدونة في الشريعة الإسلامية غير “النص القرآني”؟!
إن من في يده اليوم، مدونة في الشريعة الإسلامية، شهد الخلفاء الراشدون على صحة نسبتها إلى الله تعالى (أو إلى رسوله) غير القرآن، فليخرجها لنا!!
إن الذين يدّعون أن الصحابة دوّنوا (حديث النبى) في الصحف، وتحت إشرافه، نسألهم: وأين ذهبت هذه الصحف؟! ولماذا أنشأ المحدثون ما يسمى بـ (علم الحديث)، وعلم (الجرح والتعديل)، و(التصحيح والتضعيف)، ومدونات الصحابة موجودة بين أيديهم؟!
إن أمهات كتب (التراث الديني)، التي حملتها المكتبة الإسلامية على مر العصور، هي صناعة بشرية (مذهبية)، قام على إخراجها إلى عالم (الفكر الإسلامي)، وإلى عالم (الخطاب الديني)، المحدثون والمؤرخون، نقلا عن الرواة والإخباريين، بعد أن تفرق المسلمون في الدين!!
إن (الخطاب الديني) المذهبي، ينطلق من قاعدة الجهاد من أجل إقامة الخلافة الإسلامية في الأرض، و(الحكم بما أنزل الله)، وهي رؤية لها قدسيتها عند أتباع كافة الفرق الإسلامية، ظنا منهم أن هذا هو (الإسلام)!!
إن (الخطاب الديني) المذهبي، ليس من الإسلام في شيء، والغريب أنه يُدرّس في جميع المؤسسات الدينية التعليمية، الموجودة في العالم اليوم، فحرمة الدماء لا تباح بفتاوى فقهاء (الفُرقة والمذهبية)، واقرؤوا تاريخ المذاهب الإسلامية (في السياسة والعقائد)، وتاريخ المذاهب الفقهية، ولماذا سفك أتباعها دماء بعضهم البعض؟!
إن حرمة الدماء لا تباح إلا بنص قطعي الثبوت عن الله تعالى (النص القرآني)، وبدلالة قطعية، فأين هذا النص القرآني (قطعي الدلالة)، الذي يستند إليه المفسدون في الأرض، في سفكهم للدماء بغير حق؟!
فأي (تجديد) هذا، وأي (تطوير)، لخطاب ديني، هو في أصله (مرويات مذهبية)، سيدافع عنها أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، بدعوى أنها (السنة النبوية)!!
أي (تجديد)، وأي (تطوير) هذا، لخطاب ديني، هو في أصله (عقيدة مذهبية)، سيدافع عنها أصحابها، بدعوى أنها من (المعلوم من الدين بالضرورة)، هذا الشعار الذي سُفكت تحت رايته دماء بريئة، منذ أحداث (الفتن الكبرى)، وإلى يومنا هذا!!
أي (تجديد)، وأي (تطوير)، لخطاب ديني، هو في أصله (فكر مذهبي)، سيدافع عنه صانعوه، بدعوى أنه (إجماع الأمة)، هذا الأصل الفقهي الذي نبت وترعرع في الهواء، ثم ذبل ومات حيث نبت…، فأين هي هذه الأمة التي أجمعت، ومتى أجمعت، وأين أجمعت؟!
“فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ” – “ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ” – “لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً” – “فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ” – “وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ”!!