منذ فترة، وأنا أحاول انتزاع نفسي من دائرة نقد المسلمين (جلد الذات)، على حالهم الذي لا يخفى على أهل البصيرة…، وأن أكون أكثر تفاؤلا وإيجابية…، ولكنني لم أستطع!!
وأضف إلى ذلك، قناعتي العلمية، أن أصحاب مشاريع الإصلاح الديني، المقرؤءة منها والمشاهدة، هؤلاء الذين شغلوا أنفسهم بنقد التراث الديني، وإشغال الناس بإشكالاته…، هم العامل الرئيس في تدعيم (هجر الناس لكتاب ربهم)، وإشغالهم بمسائل قُتلت بحثا عبر قرون مضت، ولم تُغير هذه الجهود من واقع تفرق المسلمين شيئا!!
“وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا (الْقُرْآنَ مَهْجُوراً)”
إن موضوع حساب الناس يوم القيامة، سيكون عن (هجرهم للقرآن)، وليس عن إشكالات (التراث الديني) للفرق والمذاهب، التي أشركت أصلا بالله تعالى، وهل بعد (الشرك بالله) ذنب، تُحدثون الناس عنه؟!
إن الله تعالى لن يحاسب الناس عن تراث المسلمين الديني، ولن يحاسب المسلمين عن تمسكهم بتراثهم الديني، وأثر ذلك على هجرهم للقرآن …، حتى نشغل الناس و(المسلمين) بإشكالاته!!
“تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ” – “لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ” – “وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”!!
إن سؤال المسلمين يوم القيامة سيكون عن: (هجرهم للقرآن)، ولماذا عصوا ربهم، ولم يقيموا (الشهادة) على الناس، ولم يخرجوهم من الظلمات إلى النور؟!
“وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ (أُمَّةً) وَسَطاً” – “لِتَكُونُوا (شُهَدَاءَ) عَلَى النَّاسِ” – “وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً”!!
لماذا خرجت (الأمة الوسط) من التاريخ ولم تعد؟! لأنها منذ أن (أشركت) بالله تعالى (بتفرقها)، وهي تعيش سنة (العذاب) الإلهي، عذاب المعيشة (الضنك)!!
“قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً” – “مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ” – “أَوْ يَلْبِسَكُمْ (شِيَعاً)” – “وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ” – “انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ” – (لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ)”!!
هل يعلم أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، أنهم لن يجدوا يوم القيامة حجة، يرجون بها زعمهم (إلهية) المصدر الثاني للتشريع، وضل عنهم ما كانوا يفترون؟!
“وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ (أَيْنَ شُرَكَائِي) الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ” – “وَنَزَعْنَا مِنْ (كُلِّ أُمَّةٍ) شَهِيداً” – “فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ” – “فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ” – “وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ”!!
هل يعلم أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، أنهم لن يجدوا رسول الله محمدا حاضرا للشفاعة، وإنما سيكون حاضرا ليتبرأ منهم، كما تبرأ عيسى من قومه:
وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ” – “أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ” – “قَالَ سُبْحَانَكَ” – “مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ” – “إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ” – “تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ” – “إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ”
وأظن، أن الله تعالى سيقول أيضا لنبيه الخاتم محمد: “أأنت قلت للناس اتخذوا مصدرا تشريعيا ثانيا، يدعي أتباعك، أنه (السنة النبوية)، واجبة الاتباع؟!
كما أظن، أن الإجابة ستكون من عيسى ومحمد، عليهما السلام، واحدة، وهي:
“مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ”- “أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ” – “وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ” – “فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ” – “وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ”!!
وسيبقى السؤال قائما: أين هي اليوم (أمة الشهادة) على الناس؟! ومتى ستبعث؟! وعلى يد من ستبعث؟!
الحقيقة، إن جميع المؤشرات تقول، إنها ستبعث على يد (المهدي المنتظر)!!
“هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ” – “أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ” – “أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ” – “يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ” – (لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) – “أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً” – (قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)!!