أثار منشور “بدعة المصدر الثاني للتشريع” تساؤلا عن كيفية التأسى برسول الله محمد، عليه السلام؟! فأقول:
يقول الله تعالى:
“وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ” – “أَفَإِن مَاتَ أَوْ قُتِلَ” – “انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ” – “وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً” – “وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ”!!
والانقلاب: الرجوع إلى المكان، يقال: انقلب إلى منزله، أي رجع إلى منزله، وهو هنا تحذير لصحابة رسول الله، من العودة إلى الحال الذي كانوا عليه، قبل الإسلام، وهو حال الكفر!!
لقد مات رسول الله محمد، وانقلب الصحابة على أعقابهم، والنبي مازال على فراش الموت، ثم حدثت (الفتن الكبرى)، وتفرق المسلمون في الدين، وجاء عصر التدوين، فدوّنت كل فرقة ما تدعي أنه (سنة النبي)، وفق هواها ومذاهبها العقدية، والمكتبة الإسلامية خير شاهد على ذلك!!
إن الله تعالى لم يحفظ من حياة النبي، ومن سيرته وسنته العطرة، إلا ما حملته “آيته القرآنية”، التي هي البرهان الوحيد، الذي بأيدي المسلمين اليوم، الدال على صدق (نبوة) رسولهم محمد!!
ولم يأمر الله تعالى الناس إلا باتباع نصوص “الآية القرآنية”، والتأسي بما ورد فيها من حقائق إيمانية، وفي مقدمتها (ملة الوحدانية)!!
إن كلمة (الأسوة)، لم ترد في كتاب الله تعالى، إلا في سياق الآية (21) من سورة الأحزاب، وفي موضعين من سورة الممتحنة (الآيات 4، 6)!!
لقد أمر الله تعالى المسلمين بالتأسي (برسول الله محمد)، فقال تعالى في سورة الأحزاب:
“لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)” – “لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ” – “وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً”!!
وأمرهم أيضا بالتأسي (بإبراهيم والذين آمنوا معه)، فقال تعالى في سورة الممتحنة:
“لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) – “لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ” …. إلى آخر الآية (6)!!
ثم بيّن الله تعالى أن التأسي بالأنبياء والرسل (بعد وفاتهم) لا يكون إلا في إطار تمسكهم بملة الوحدانية، أمام تحديات الشرك وأهله، فقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام (الآية 4):
“قَدْ كَانَتْ لَكُمْ (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)” – “فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ” – “إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ” – “كَفَرْنَا بِكُمْ” – “وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً” – “حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ …. الآية!!
أما أن نجعل التأسي بالنبي تأسيا مذهبيا، يقوم على ما نقله رواة الفرق والمذاهب المختلفة من مرويات، (ما أنزل الله تعالى بها من سلطان)، فهذا ليس من دين الله في شيء!!
إن كل من اعتقد أن هذه (المرويات)، المفتراة على الله ورسوله، أو أن هذا (التاريخ) الذي دونه المؤرخون مذهبيا…، من الدين الإلهي واجب الاتباع، فهو لا يعلم عن دين الله شيئا!!