نحو إسلام الرسول

(274) 2/10/2014 (آية الزواج – 10)

(الزواج المختلط: محرم شرعا، وكبيرة من الكبائر، تجعل المصر عليها، في جهنم خالدا فيها)

لقد نزل القرآن، يدعو الناس جميعا، إلى اتباع رسالة النبي الخاتم محمد، ويصف الذين لم يتبعوه بالكافرين، والمشركين، والمنافقين، ويُحرم إقامة الروابط الزوجية معهم، تحريما قطعي الدلالة، لا شبهة فيه، وقاعدته العامة هي:

– “وَلا تَنكِحُوا (الْمُشْرِكَاتِ) حَتَّى يُؤْمِنَّ …
– “وَلا تُنكِحُوا (الْمُشْرِكِينَ) حَتَّى يُؤْمِنُوا” …
– “أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ” …
– “وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ” …

لقد جمعت (ملة الكفر) المشركين، والكافرين، والمنافقين، وجمعت (ملة الشرك) الوثنيين، واليهود، والنصارى، والمجوس…، وعندما قال الله تعالى: “وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ” (وليس الكافرات)، كان ذلك لعدم استثناء أية طائفة من الطوائف التي لم تؤمن بالنبي الخاتم، لأن (الْكَوَافِرِ) تجمع ملل الكفر بجميع صورها ومذاهبها، ووصفت بذلك لتفاهتها ووجوب إهمالها!!

وهنا يجب أن نلاحظ أن السياق القرآني عندما يعطف طوائف الكفر، بعضها على بعض، فهذا العطف إما أن يأتي لبيان:
– (المغايرة): أي عندما يعطف المشركون على الكفار، يكون لبيان أن المشركين هم الذين يشركون مع الله آلهة أخرى، بخلاف الكفار الذين يكفرون بوجود الله أصلا!!
– أو (المماثلة): أي عندما يعطف المشركون على الكفار، يكون لبيان أن الطائفتين متماثلتين في الكفر بدلائل الوحدانية!!

إذن يجب أن نعلم، أن جميع الملل والنحل، التي كانت موجودة في عصر (التنزيل واكتمال الدين)، ولم تؤمن بالنبي الخاتم محمد، فهي في عمومها كافرة، يستحيل أن تقيم الشريعة الإسلامية (القرآنية) بينها وبين المسلمين عقود نكاح، سواء كانت من (أهل الكتاب) أو من (الذين أوتوا الكتاب)!!

أما شبهة الآية [5] من سورة المائدة، فتتلخص في ما يلي:
لقد بدأت الآية بقول تعالى:

– (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ)
– (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ)
– (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)

إن قوله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ) هو مفتاح فهم أحكام الآيات التالية، خاصة إذا علمنا أن هذه الآيات لم تتحدث عن (إنشاء) أحكام، وإنما عن (حلية) إشكالات كانت موجودة في عصر (التنزيل واكتمال الدين)!!

فعندما يقول الله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ)، نفهم من ذلك أن حكم الإباحة هذا ليس على إطلاقه، وإنما هو مقيد بـ (الطيبات)، فلا يشمل مثلا الأطعمة والأشربة (المحرمة)، مع أن سياق الآية لم يصرح بذلك!!

وأيضا، عندما يقول الله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ) فإن هذه الإباحة لم تكن في حاجة إلى نص، لأن هذا النكاح من الطيبات أصلا!! ولكن عندما يعطف عليه حكم (الْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) نفهم من ذلك أن هذه الإباحة ليست على إطلاقها (تماما كإباحة طعامهم) وإنما هي مقيدة بالنكاح (الطيب)!!
وهل يمكن أن يكون نكاح (الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) نكاحا طيبا؟!

تعالوا نتعرف أولا على من هم (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ)؟!

(الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ): هم فريق من (أهل الكتاب)، تمسكوا بكتبهم، وبما بشرت به من بعثة النبي الخاتم محمد، ومنهم القسيسون والرهبان، الذين تخصصوا في علم الكتاب، وهؤلاء خاطبهم الله تعالى في سورة النساء بقوله:

* يَا أَيُّهَا (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا (مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ) مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً [47]

ولقد انقسم (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) إلى فرق: منهم من كفر بنبوة رسول الله محمد، ومنهم من آمن وأعلن إسلامه، ومنهم من آمن ولم يعلن إسلامه لظروف مؤقتة.
وعن الفريق الأول والثاني يقول الله تعالى في سورة آل عمران:

* إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا (جَاءَهُمْ الْعِلْمُ) بَغْياً بَيْنَهُمْ (وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ) فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [19] … فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ (أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَمَنْ اتَّبَعَنِي) وَقُلْ (لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ (فَإِنْ أَسْلَمُوا) فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [20] … إِنَّ (الَّذِينَ يَكْفُرُونَ) بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [21]

ويقول الله تعالى في سورة البقرة:
* وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ (نَبَذَ فَرِيقٌ) مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ (كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [101]

ويخاطب الله الذين نبذوا الكتاب بـ (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ)، باعتبارهم الأكثرية، فيقول تعالى في سورة آل عمران:

* وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ (فَنَبَذُوهُ) وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ(اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [187]

وتدبر قوله تعالى في سورة البقرة:
* قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [144] وَلَئِنْ أَتَيْتَ (الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ) بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ (وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ) [145]

ويتحدث السياق القرآني عن (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) بصفتهم العلمية، فيقول تعالى في سورة آل عمران:
– أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ (أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ) يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) وَهُمْ مُعْرِضُونَ [23]

ويحذر الله المؤمنين من طاعة الفريق الذي كفر، فيقول تعالى في سورة آل عمران:
– يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا (فَرِيقاً) (مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) يَرُدُّوكُمْ (بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) (كَافِرِينَ) [100] … (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ) وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ (آيَاتُ اللَّهِ) (وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [101]

وتدبر جيدا قوله تعالى: (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ)، لتعلم أن كل الملل والنحل، التي كانت موجودة في عصر (التنزيل واكتمال الدين)، بما فيهم علماء اليهود والنصارى (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ)، مأمورون باتباع النبي الخاتم، ويستحيل أن تسمح الشريعة الإسلامية (القرآنية) الإبقاء على عقد نكاح (مسلم) (بغير مسلمة)، مهما كانت ملتها!!

وللموضوع بقية … مع الجزء الأخير

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى