نحو إسلام الرسول

(271) 27/9/2014 (آية الزواج – 8)

(الزواج المختلط: محرم شرعا، وكبيرة من الكبائر، تجعل المصر عليها، في جهنم خالدا فيها)
في المنشور السابق، ذكرت عدة أسئلة، تتعلق بالسياق الذي وردت فيه الآية [5] من سورة المائدة، والتي هي محل شبهة إباحة (الزواج المختلط)، وكان السؤال الأول يتعلق بالآية [3] وقوله تعالى: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) – (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي)!!
والسؤال: من هم الذين يئسوا من دين الله تعالى؟!
الجواب: هم كل من لم يؤمن بنبوة رسول الله محمد وبرسالته.
وكان السؤال الثاني: وهل يُعقل أن يبيح الله تعالى زواج المسلمين، من هؤلاء الذين حذرهم منهم، فقال: “فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي”؟!
والجواب: لا يعقل مطلقا، أن يبح الله تعالى (الزواج المختلط)، لأن العلاقة الزوجية في (الإسلام) قائمة على (الحب والولاء) بين الزوجين، والله قد خاطب المسلمين (المؤمنين) بقوله تعالى:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (لا تَتَّخِذُوا) الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى (أَوْلِيَاءَ) بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)”!!
وكان السؤال الثالث: وما الحكمة من ورود كلمة (اليوم) في سياق هذه الآيات: “(الْيَوْمَ) يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا” – “(الْيَوْمَ) أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ” – “(الْيَوْمَ) أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ”؟!
والجواب: في هذه المرحلة الانتقالية، التي كانت تتنزل فيها الأحكام، كانت هناك أحكام تتعلق بظروف استثنائية، فنزلت لتعالج قضايا كان الناس يعيشون بداخلها، إما لتصحيحها، أو إلغائها، أو الإبقاء عليها، أو إباحتها دون تكرارها مرة أخرى: كالإبقاء على (ملك اليمين) الذي كان قائما، و(الجمع بين الأختين) الذي كان قائما…، ومن هذه الأحكام الاستثنائية التي كانت قائمة: المسلم المتزوج أصلا من (كتابية) ولم تدخل في الإسلام!!
والبرهان على أن هذه الآيات (3-6) من سورة المائدة، نزلت لتواجه تحديات هذه المرحلة الانتقالية، فمن هذه الآيات ما جاء تشريعا عاما، ومنها ما جاء تشريعا استثنائيا…، أن نتدبر هذه المنظومة من الآيات التي جاءت في مقدمة السورة:
– “أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ”
– ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ”
– “وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا”
– “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ”
– “الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي”
– “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً”
– “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ”
– “الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ”
– “وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ”
– “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ”
إن هذه البداية، التي بدأت بها سورة المائدة، هي البرهان على وجود أحكام اسثنائية نزلت لتواجه واقعا كان موجودا، ويجب إدارة أزماته بحكمة!!
ومن هذه الأزمات، والتي هي في حكم أزمة (الجمع بين الأختين)، عقود النكاح التي تمت في الجاهلية، ثم أسلم أحد الزوجين، والآخر رفض، أو تأخر في إعلان إسلامه…، وهي (الشبهة) المتعلقة بقوله تعالى في الآية [5]:
(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ)!!
عندما نتدبر الجملة القرآنية التي قبلها: “وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ (حِلٌّ لَكُمْ)، وَطَعَامُكُمْ (حِلٌّ لَهُمْ)…، نلاحظ أنها تحدثت عن جواز تناول (طعام) الذين (أوتوا الكتاب)، وجواز إِطعامهم من طعامنا، أي بيّنت الحكم الشرعي بالنسبة للجانبين!!
ولكنها عندما تحدثت عن نكاح (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) بيّنت الحكم الشرعي الخاص بجانب واحد فقط وهو نكاح (المسلم) من (الكتابية)، ولم تذكر أي شيء عن الجانب الآخر (كما فعلت في الطعام) وهو نكاح (المسلمة) من (الكتابي)، لماذا؟!
لأنه من المستحيل، في (المجتمع المسلم)، الإبقاء على نكاح (مسلمة) (بغير مسلم)، لتكون من ثماره (الذرية) الكافرة المشركة!!
وهنا يجب أن أقول: إن أحكام الشريعة الإسلامية دلالاتها قطعية، ولا تُترك أبدا لاجتهادات البشر، ولا (للمفهوم الضمني) قياسا على أحكام الطعام، فأحكام (الطعام) جاءت قطعية الدلالة، ولم يُستخدم فيها هذا (المفهوم الضمني)!!
هذا عن تحريم نكاح المسلمة من (كتابي)، فماذا عن نكاح المسلم من (كتابية)؟!
هنا يجب أن نلاحظ أن شبهة هذا النكاح، تتعلق فقط بنكاح الكتابية (مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)، وليس بنكاح الكتابية من (أهل الكتاب)، هذه المنظومة العامة التي تشمل (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ)!!
فلماذا قيد النكاح بـ (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) وليس من أي امرأة من (أهل الكتاب)؟!

للموضوع بقية ….

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى