نحو إسلام الرسول

(216) 8/8/2014 (الرؤية العملية لآية اختلاف الليل والنهار)

في الكليات العملية، وبعد أن يتعلم التلاميذ الدرس نظريا، يأخذهم أستاذهم إلى المعمل، ليبيّن لهم (عمليا) ما تعلموه (نظريا)!!
وإن طالب الدراسات العليا، إذا قدم رسالته العلمية (للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراة) دون أن يذكر في مقدمة رسالته، منهجه العلمي في هذه الرسالة، والأدوات التي اعتمد عليها، والمراجع التي استند إليها، لن تُشكل له لجنة لمناقشة رسالته، ولو ظل حياته كلها على هذا الحال، حتى ولو كانت تحمل كنوز العلم كله!!
وأنا عندما تحدثت عن آية (اختلاف الليل والنهار)، كان ذلك في إطار مشروعي الفكري، وما حمله من أدوات لفهم القرآن، وهذه الأدوات هي: منظومة التواصل المعرفي – آليات عمل القلب – السياق القرآني – اللسان العربي – آيات الآفاق والنفس.
إن هذه الأدوات، ليست على الترتيب، فقد يتقدم بعضها أو يتأخر، حسب أهميته بالنسبة للموضوع محل الدراسة. لذلك بدأت هذه الدراسة بآيات الآفاق، والرؤية الفلكية لآية (اختلاف الليل والنهار)، وأنه يستحيل، ونحن في القرن الواحد والعشرين، أن نفهم معنى الليل أو النهار، بمعزل عن علم الفلك، ولو كنا من أولياء الله الصالحين، المتدبرين لكتاب الله!!
لقد أمرنا الله بالبحث العلمي، وعدم الوقوف عند ظاهر النصوص القرآنية، فقال تعالى: “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ (أَقْفَالُهَا)”!!
فالتدبر ليس (انغلاقا) فكريا، وتعاملا مع ظاهر النصوص، بمعزل عن (العلوم) المبيّنة والمفصلة لها، والتي يستحيل أن يُفهم النص القرآني بمعزل عنها (يستحيل – يستحيل)، فقد ضل أقوام بسبب هذا المنهج العشوائي المعوج، في التعامل مع النصوص االقرآنية، وسأبين ذلك بعد قليل!!
وإن من (التدبر)، أن نعلم ما هو هذا اللون الأحمر الذي يظهر عند غروب الشمس وعند شروقها، خاصة إذا علمنا أنها (ظاهرة كونية) أقسم الله تعالى بها، اسمها (الشفق)، فقال تعالى: “فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ”، وهذا (الشفق)، هو المحور الأساس الذي يدور حوله مفهوم الليل والنهار.
فيا أصحاب القراءات الشاذة للقرآن، أين بيان القرآن لمعنى (الشفق)؟! لا يوجد مطلقا!! إذن فمن أي المصادر المعرفية فهمتم معنى هذا القسم “فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ”، وقد كفرتم باللسان العربي، وبعلم الفلك؟!!
لقد مكّن الله تعالى رواد الفضاء أن ينفذوا من طبقات الغلاف الجوي للأرض، وينقلوا إلى العالم أجمع ما شاهدوه من آيات كونية، تفعيلا لقوله تعالى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)!!
لقد شاهد رواد الفضاء الكون كله (ظلاما)، حتى الشمس يحيطها السواد من كل جانب، ولولا وجودها ما أضاء نصف الكرة الأرضية المقابل لها!! كما شاهدوا تأثير أشعة الشمس على سطح الآرض، وكيف تتحول إلى (ألوان الطيف) خلال عبورها طبقات الغلاف الجوي!!
وعرفوا لماذا لا تكون الأرض دائما مضيئة؟! (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ)، ولماذا لا تكون دائما مظلمة؟! (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ)!!
وعندما نتحدث عن (مفهوم الليل والنهار في السياق القرآني) فإن المحور الأساس الذي يدور حوله هذا الفهوم، هو ظاهرة (الانسلاخ) التي بيّنتها في الفصل الثاني من هذه الدراسة، والتي يقول الله تعالى فيها: “وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ (نَسْلَخُ) مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ”.
وبتدبر هذه الآية، نعلم أن ظاهرة (الانسلاخ) هي التي تكشف (الليل) الذي كان (النهار) يغطيه، كما يكشف سلخ (الجلد) ما تحته من (لحم)!! فإذا علمنا أن النهار عبارة عن طبقة رقيقة جدا، تحيط بنصف الكرة الأرضية (المقابل للشمس)، وسمكها لا يتعدى 200 كم، من 150 مليون كم، سجدنا لله شكرا على استخدام هذه اللفظة (نسلخ)، لأننا (مثلا) إذا نظرنا إلى سمك طبقة الجلد (المسلوخ) من الحيوان، سنجدها لا تساوي شيئا بالنسبة لحجمه؟!!
فهذه الطبقة الرقيقة المضيئة، من النهار، تتكون من ألوان الطيف السبعة، وهذا النهار هو الذي يغير منظومة (الليل) تماما على سطح الكرة الأرضية، حيث تتداخل ألوان الطيف، بشكل مُتراكب ومُتناوب، مع طبقة السوداء (الليل)، على هيئة أمواج منحنية، وذلك أثناء دوران الأرض حول محورها أمام الشمس!!
وعندما تكون الشمس عمودية، على سطح الأرض، يقوم الغلاف الجوي بتشتيت لون الطيف (الأزرق)، فتبدو السماء زرقاء. وعند الغروب (أو الشروق) يقوم بتشتيت اللون (الأحمر)، فيظهر الأفق بلونه المائل إلى الحمرة، وهو الشفق المسائي، (أو الصباحي).
إذن فـ (الضوء) الذي نراه ينسحب تدريجيا عند الغروب، حتى يتلاشى عند (الغسق)، أو نراه قادما على الفجر، حتى يظهر بوضوح عند شروق الشمس، هذا الضوء هو ظاهرة كونية، لا يتحدث عنها إلا )(العلماء)، الذين يعلمون معنى البحث العلمي وأصوله!! (يتبع

 

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى