إن سياق الآية القرآنية، هو الذي يحدد مفهوم (الليل والنهار)، وعن أية درجة من درجاته يتحدث، وهل جاءت هذه الكلمات في سياق بيان دلائل الوحدانية، أم لبيان أحكام الشريعة، أم في سياقات أخرى؟!!
إن أحكام الشريعة القرآنية، مسألة حلال وحرام، أي مسألة جنة ونار، وكما أن الصلاة كانت على المؤمنين (كتابا موقوتا)، فكذلك الصيام، والحج…، إن أحكام القرآن ليست متروكة لاستفتاء القلب، وتحرى الدقة، كلٌ حسب هوى قلبه، وضحالة علمه!!
ليس من خصائص (الآية القرآنية)، العشوائية في التعامل مع أحكام الشريعة، وإنما الذي صنع هذه (العشوائية) هم فقهاء السلف، هؤلاء الذين ينتقدهم أصحاب القراءات الشاذة للقرآن، فإذا بهم يقعون بين أيديهم أسرى!!
إن أحكام الشريعة القرآنية لا تُفهم على هوى الناس!! إنها منظومة تشريعية إلهية لا تقبل من المسلمين نقدا ولا نقضا، كما يفعل أصحاب القراءات الشاذة للقرآن، هؤلاء الذين حرّفوا آيات الذكر الحكيم، لتوافق هواهم، أو هوى غيرهم!!
لقد جعلوا مواقيت (الصلاة) غير التي فرضها القرآن، و جعلوا مواقيت (الصيام) غير التي فرضها القرآن، وكذلك (الحج)، و(النسيء)…، وأدخلوا الذين لا يتبعون النبي الخاتم محمدا الجنة، وذلك بتحريفهم للآيات (البقرة 62 – المائدة 69 – الحج 17)، وإخراجها عن سياقاتها، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ويقرأون القرآن قراءة معاصرة!!
ولولا أن الحديث عن أحكام الشريعة ليس من أولويات مشروعي الفكري، لبيّنت لكم يوميا على هذه الصفحة، تهافت هذه القراءات الشاذة للقرآن، فاهتمامي بتأصيل الفكر الإسلامي، وبيان حجيته، يقف عقبة أمام تحقيق ذلك حاليا، في زمن يُضرب فيه (الإسلام) باسم الإسلام!!
إن (اختلاف الليل والنهار) وما حمله من آيات (الانسلاخ، والإيلاج، والتغشية، والتكوير)، لا يفهم بمعزل عن المحاور الرئيسة التي وردت في هذه الدراسة، وإلا ستكون النتيجة تقولا على الله بغير علم…، وهذا ليس كلاما مرسلا!!
لقد اطلعت على معظم ما كُتب عن هذا الموضوع، (قديما وحديثا)، فما وجدت تدبرا، ولا منهجا لفهم السياق، ولا رؤية فلكية، ولا دراية ببدهيات وقواعد اللسان العربي!!
إنني ما وجدت إلا تقليدا أعمى، وسردا عشوائيا لآيات قرآنية، يضحك عند رؤيتها قلبي (لسوء توظيفها)، ويحزن في نفس الوقت (حسرة على العباد)!!
“مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ”
“وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ”