نحو إسلام الرسول

(199) 25/6/2014 (الإسلام السياسي، وأزمة الإسلام القرآني)

إن معظم المسلمين، ينتمون إلى (الإسلام السياسي)، الذي صنعته الخلافة الأموية (41- 132هـ)، وقام على ما نسبه الرواة إلى النبي من روايات، وتفسيرات لآيات الذكر الحكيم، وما وضعه أئمة المذاهب الفقهية من أحكام وفتاوى، لمواجهة الإشكالات العقدية والتشريعية، التي ظهرت بعد مقتل الخليفة الثالث، عثمان بن عفان، وبعد المذابح الكبرى، التي وقعت في أحداث الفتن الكبرى، في: الجمل (36هـ)، وصفين (37هـ)، والنهروان (38هـ)..، وراح ضحيتها آلاف المسلمين!!
إن الإسلام الذي عليه أتباع جميع الفرق الإسلامية، وما تفرع عنها من جماعات وأحزاب، وجمعيات أهلية، تعمل اليوم بين الناس…، (إسلام سياسي)، لا علاقة له بالإسلام الذي كان عليه رسول الله، وصحبه الذين رضي الله عنهم!! إن الإسلام الذي عليه هؤلاء الأتباع، قام على المصدر الثاني للتشريع، الذي صُنع لخدمة (الإسلام السياسي)، ولإيجاد مخرج لأزمة “القتل العمد من سبق الإصرار والترصد” الذي قامت عليه مذابح (الفتن الكبرى)، وأطلقوا على هذا المصدر اسم (السنة النبوية)، ليأخذ قدسية في قلوب (الأتباع)!!
ومع أن (الأتباع)، لا يتبعون (الكتاب)، ورسول الله بريء منهم ومن (سنتهم)، لقوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)”، إلا أن ما يتميزون به على أرض الواقع، أنهم خرجوا من دائرة (التراث الفكري) المدوّن في الكتب، إلى دائرة (العمل المؤسسي) الذي له فاعلية بين الناس!! فهناك حكومات، ومؤسسات دينية، ومراكز فتوى، ومنابر دعوة، وقنوات فضائية، ومشاريع اقتصادية، في جميع أنحاء العالم، وكلها تتبع هذا الدين السلفي!!
ولا ننسى الجماعات الجهادية، التي تعمل هي أيضا في مؤسسات، وتنظيمات على أرض الواقع، وتسفك الدماء هنا وهناك، بأموال المسلمين (الطيبين)، تحت راية العمل بـ (الكتاب والسنة)، حتى أن القوى العظمى أصبحت توظف هذه الجماعات لخدمة مصالحها في المنطقة، وهم سعداء بهذا التوظيف، من باب (تبادل المصالح)!!
فإذا تركنا (الإسلام السياسي)، وذهبنا إلى (الإسلام القرآني)، وجدنا أتباعه، وإن كانوا يحملون القرآن (الحق)، إلا أنهم لم يخرجوا من دائرة (الترف الفكري)، إلى (العمل المؤسسي) الذي تظهر فعالياته بين الناس، لذلك جاء (الإسلام السياسي) في المقدمة، وتخلف (الإسلام القرآني) كثيرا، بل لم يتحرك أصلا، وظل أتباعه جالسين بجوار (كتاب الله) ينتظرون الفرج!!
ألا يشعر أتباع (الإسلام القرآني) بالخجل، وهم يرون أتباع (الإسلام السياسي) حولهم في كل مكان، يفتنون الناس بتدينهم المغشوش؟! ألا يشعر أتباع (الإسلام القرآني) بالخزي، وهم يرون أهل (الإسلام السياسي) يفسدون في الأرض، وهم مازالوا يعيشون داخل دائرة (الترف الفكري)، سعداء بآلاف المعجبين، على ما ينشرونه على شبكات التواصل الاجتماعي، من كلام في كلام؟!
فإذا تركنا (الإسلام السياسي)، و(الإسلام القرآني)، وذهبنا إلى (إسلام الرسول)، هذا (الإسلام) الذي أمر الله الناس باتباعه، وجدناه يقوم على تفعيل نصوص (الآية القرآنية)، سلوكا عمليا في حياة الناس، وذلك لإخراجهم من الظلمات إلى النور. وهذا لا شك عمل مؤسسي، من أول يوم يدخل فيه المرء إلى (الإسلام)، وهؤلاء (المسلمون) هم الذين يناديهم الله تعالى بقوله: “يا أيها الذين آمنوا”، ولا أرى لهؤلاء وجودا على هذه الأرض، حسب علمي!!
أعرف كثيرا ممن حفظوا مشروعي الفكري حفظا، ويعلمون جيدا أنه يقوم على دعوة المسلمين (قبل غير المسلمين)، إلى تفعيل نصوص (الآية القرآنية)، سلوكا عمليا في حياتهم، وكنت أسعى جاهدا معهم، إلى أن نضع القواعد لنموذج عملي لهذا (الإسلام)، يهتدي به الناس الذين ضلوا طريقهم بسبب (الإسلام السياسي)…، وعندما حان وقت الجد والعمل، ولوا مدبرين، كأن لم يكن بيننا (إسلام)!!
لم يكن هذا الفرار من (الإسلام) غريبا عني، لأني أعلم أن هذه هي نهاية أي مشروع، يظل أتباعه يعيشون بداخله، بين أفكاره وكتبه ودراساته، تماما كالذي يقضى حياته كلها في (دار الكتب) ثم يخرج منها إلى القبر!!
والآن: إذا أراد أي إنسان في هذا العالم أن يدخل (الاسلام)، فإلى من يذهب ليتعلم منه هذا (الإسلام)؟! طبعا لن يجد أمامه إلا (الإسلام السياسي)!! إذن فعلى من تقع مسئولية أن يجد هذا الإنسان نموذجا عمليا للإسلام الذي أمر الله باتباعه، يهتدي به على أرض الواقع، وليس فقط في الكتب؟! من المسئول؟!
وإذا سألنا: لماذا لم تفعل (آيتكم القرآنية)، التي تدّعون أنها تستطيع أن تخرج الناس من الظلمات إلى النور، لماذا لم تفعل شيئا عمليا في حياة الناس، فبماذا نجيب؟!
إن (الإسلام السياسي)، و(الإسلام القرآني) لهما قواعد فكرية نظرية مدونة في الكتب، والذي يريد أن يدخل في الإسلام لا يعنيه ما حملته هذه الكتب من أفكار، وإنما الذي يعنيه ما الذي ستفعله هذه الأفكار في حياته!! لذلك تقدم (الإسلام السياسي) على أرض الواقع، وتخلف (الإسلام القرآني)، ولا أثر لـ (إسلام الرسول)!!

“فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ” – “هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ” – “الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ” – “(يَا عِبَادِ) لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ” – “الَّذِينَ آمَنُوا (بِآيَاتِنَا) وَكَانُوا (مُسْلِمِينَ)”

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى