نحو إسلام الرسول

(198) 21/6/2014 (القرآن للربانيين، وليس للتافهين)

(الرَبّانِية): نسبة إلى الرب، والرباني: الموصوف بعلم الرب..، وهو العالم (العامل) المعلم..، الراسخ في العلم والدين..، و”كونوا ربانيين”: كونوا حكماء علماء..، والناس ثلاثة: (عالم) رباني، و(متعلم) على سبيل نجاة، و(همج) رعاع، أتباع كل ناعق” [لسان العرب]!!
و”الربّانيون”: هم (العلماء)، المتصفون بهذه الصفات!!
(التَّفَاهَةُ): نسبة إلى التفه، والتافه: الموصوف بالتفاهة، وهي نَقصٌ في الأصالة، أو الإبداع، أو القيمة. وتَفِهَ الشيءُ: قَلَّ وخَسَّ فهو تَفِهٌ وتافِهٌ. ورجل تافِهُ العقْل: أَي قليلُه. ويشتغل بتوافه الأمور: أي بما لا قيمة له. وتَفِهَ الولد في تصرفه: كان غبيا بليدا. والأَطعمةُ التَّفِهة: التي ليس لها طَعْمُ. [لسان العرب]
و”التافهون”: هم (الهمج) المتصفون بهذه الصفات!!
ولقد ورد مفهوم “الربّانية” في القرآن الحكيم، ويدور محوره الأساس حول إقامة الصلة بين العبد وربه، وتفعيل الدين الإلهي في حياة الناس. ولقد أسند الله تعالى إلى (الربانيين) القيام بهذه المهمة.
وإذا كان الله قد أسند إلى أهل الكتب السابقة مهمة حفظ (كتبهم)، غير مبدلين ولا مغيرين ولا مؤولين..، فقال تعالى في سورة المائدة: “بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ”، فإنه عز وجل، تعهد بحفظ كتابه الخاتم، فقال: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”.
لذلك عقب ببيان التحديات التي يمكن أن تواجه (الربّانيين) عند إقامتهم (الشهادة) على الناس، فقال تعالى بعدها: “فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي”، وحذرهم من (المداهنة) وقبول (أنصاف الحلول): “وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً”، وألا تُخترق أحكام الشريعة بأحكام ما أنزل الله بها من سلطان: “وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ”.
إن (الربّانيين) هم حفظة الشريعة الإلهية، من سوء الفهم، وسوء التأويل، ومن التعدي على حدودها بنصوص تشريعية ما أنزل الله بها من سلطان!!
إن (الربّانيين)، هم وذرياتهم، يشكلون منظومة التربية بالعلم، والإصلاح بالعمل: “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ”.
إن (الربّانيين)، ليسوا أهل ترف فكري، وليسوا أهل بحوث ودراسات قرآنية، ولا أهل قراءات معاصرة…، إنهم أهل (علم) يتحرك بين الناس، يتدبرون آيات الذكر الحكيم، لتفعيل (الربانية) في حياتهم!!
إن (الربّانيين)، يُعدّون (القيادات الربانية)، التي تحمل المشاريع الحضارية، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، مشاريع: “أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ” – “تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا”!!
إن (الربانية) خلق المسلم، وبهذا أمر الله تعالى الأنبياء: “مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن (كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ) بِمَا كُنتُمْ (تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ).
أما (التافهون)، فهم على عكس ما سبق تماما!!
– انشغلوا بهدم (تراثهم الديني)، ولم يضعوا حجرا واحد في منظومة (الربانية)، فأضاعوا حياتهم في ما لم يأذن به الله، وماتوا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!!
– يُعجبون من غير تدبر، وينتقدون من غير علم، ويتفرعون إلى مسائل من غير دراية بأصلها، وإذا جاء وقت العمل، ووقت تغيير ما ألفوه عن آبائهم، ولّوْا مدبرين: “وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً”!!
– هم الذين تشهد صفحاتهم ومشاركاتهم على شبكات التواصل المعرفي، بـ (تفاهاتهم)، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله، بغير علم، و(يضعون) على صفحاتهم آيات قرآنية، تشهد أنهم منافقون، يقولون ما لا يفعلون!!
– يعيشون للدنيا، ويجاهدون من أجلها، ويُنفقون في سبيلها، ويحبونها ويكرهونها حسب عطائها!! لقد حكمت الدنيا قلوبهم!!
فهل عرف (التافهون) أنفسهم؟!

“وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ” – “الَّذِينَ اتَّخَذُوا (دِينَهُمْ) لَهْواً وَلَعِباً، وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا، فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا، وَمَا كَانُوا (بِآيَاتِنَا) يَجْحَدُونَ”!!

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى