نحو إسلام الرسول

(193) 14/6/2014 (الكلمة الطيبة، والكلمة الخبيثة)

هل هناك كلام أطيب وأنفع للناس، في كافة مناحي الحياة، من (كلام الله) الذي به قام الوجود كله؟!
وهل هناك كلام أطيب وأنفع للناس، في كافة مناحي الحياة، من (كتاب الله)، الذي ختم الله به الرسالات؟!
وهل هناك كلام أطيب وأنفع للناس، في كافة مناحي الحياة، من نصوص “الآية القرآنية”، الدالة على صدق (نبوة) النبي الخاتم محمد، عليه السلام؟!
إن “الكلمة الطيبة”، كالشجرة الطيبة، ليست قولا يخرج على اللسان، وإنما منظومة من الصفات، يحملها المرء، ويتحرك بها بين الناس. وإذا كانت الشجرة تتكون من عرق راسخ، وأصل قائم، وفرع عال، فكذلك هي “الكلمة الطيبة”، تتكون من إيمان راسخ، وعمل صالح، وثمار طيبة تنفع الناس جميعا، في كافة مناحي الحياة، تدبر قول الله تعالى:
“أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ” – “تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ”!!
وتدبر قوله تعالى: “إِلَيْهِ يَصْعَدُ (الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ”.
إن الله تعالى عندما يضرب الأمثال، فذلك (لتذكير) الناس بما يجب عليهم أن يفعلوه: “وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ (يَتَذَكَّرُونَ)”، وليبيّن لهم، أنه بدون (العلم)، وبدون التفكر والتعقل..، لن يستطيع الإنسان أن يفهم ما وراء هذه الأمثال من مقاصد تشريعية عليا، فيقول الله في موضع آخر: “َتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا (يَعْقِلُهَا) إِلاَّ (الْعَالِمُونَ)”.
إن الله تعالى لم يقل (وما يؤمن بها العالمون)، وإنما قال: “وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ”، وذلك لأن (الإسلام) يقوم على (العلم)، ولا (علم) بدون تفعيل لآليات التفكر، والتعقل، والنظر…، آليات عمل القلب.
إن وصف الشجرة بكونها (طيبة)، يشمل جوهرها، وصورتها، وثمارها، وطعمها، ورائحتها، ومنافعها، وكل شيء فيها…، ولكونها (طيبة)، وصل فرعها إلى السماء، وذلك لقوة وثبات أصلها: “أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ”.
إن “الشجرة الطيبة” عطاؤها يشمل الحاضر والمستقبل: “تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ”، هذا العطاء الذي يقوم على فعالية السنن الكونية (الأسباب والمسببات)، التي مصدرها الله تعالى: “بِإِذْنِ رَبِّهَا”.
إن “الكلمة الطيبة”، كـ “الشجرة الطيبة”، إنها شجرة (الوحدانية)، فلا حاكمية ولا سلطان في هذا الوجود إلا لله تعالى!! وهي شجرة (النبوات)، فلا شريعة إلا التي جاءت بها (النبوة)!! وشجرة (الإيمان)، فلا يتبع المسلم (وذريته) إلا الأصول الإيمانية التي أمر الله الإيمان بها: “وَالَّذِينَ آمَنُوا (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ) أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ”.
إن “الكلمة الطيبة”، هي شجرة (الإسلام)، التي يتفرع منها (المجتمع المؤمن)، مجتمع (الربانيين)، مجتمع (الأمة الواحدة)، مجتمع الأخلاق الزاكية، والأعمال الصالحة، مجتمع (التنمية المستدامة)، مجتمع الإبداع والعطاء المتجدد دوما، على مر العصور.
أما “الشجرة الخبيثة”، فإنها تتغذى على (الوحي الشيطاني)، وتنمو وتكبر بفاعلية (وسوسته)، وتعطي ثمارها (بإغوائه): “قَالَ فَبِعِزَّتِكَ (لأغْوِيَنَّهُمْ) أَجْمَعِينَ” – “إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ”. لذلك لم يقل القرآن فيها إلا جملة واحدة قصيرة: “اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ”!!
إن “الشجرة الخبيثة” إذا لم تُقتلع من جذورها..، نمت، وتشابكت مع باقي الأشجار، حتى تقتلها، لذلك أمر الله تعالى الناس، ألا يتركوها حتى تنمو، وتمتد أصولها في الأرض: “اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ”.
إننا إذا لم نرب (أنفسنا) و(ذرياتنا) على “الكلمة الطيبة”، لنزرع شجرة “المجتمع الطيب”، فلا تحدثني عن (الإسلام)، ولا عن (الفكر الإسلامي)، ولا عن (القراءات المعاصرة)، فما فائدة حديثك عن (الثمار)، إذا كانت (الشجرة) لا وجود لها أصلا؟!

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى