نحو إسلام الرسول

(191) 9/6/2014 (والأغبياء، أيضا، يمتنعون)

الغباء، في اللسان العربي، تُراب، يُجْعَلُ فوق الشيء ليواريه، ويقصد به في العلاقات الإنسانية (عدم الفطنة)!! فـ (الغَبِيُّ)، قليل الفطنة، و(غَبِيَ الدَّرْسَ) الذي لَمْ يَسْتَوْعِبْهُ، أو لَمْ يَعْرِفْهُ، ويا لها من (غباوة)، أي يا لها من غَفْلة!!
و(أغبياء) الدين، هم (الغافلون) عما أمر الله به، وأول الأوامر وأعلاها: تفعيل آليات التفكر، والتعقل، والتدبر، والنظر…، و(الأغبياء) لا يتفكرون، ولا يتعقلون، وإذا قرأوا لا يتدبرون!! لذلك تراهم لا يستوعبون الدرس، درس القرآن، لأنهم عن دراسته (غافلون)!!
لذلك وصف الله تعالى (الأغبياء) بصفات غير حميدة، منها:
– “وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ (لا يَفْقَهُونَ) بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ (لا يُبْصِرُونَ) بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ (لا يَسْمَعُونَ) بِهَا، أُوْلَئِكَ (كَالأَنْعَامِ)، بَلْ هُمْ (أَضَلُّ) أُوْلَئِكَ هُمْ (الْغَافِلُونَ)”!!
– “أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ (إِلَهَهُ هَوَاهُ) أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً” – “أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ (يَسْمَعُونَ) أَوْ (يَعْقِلُونَ) إِنْ هُمْ إِلاَّ (كَالأَنْعَامِ) بَلْ هُمْ (أَضَلُّ) سَبِيلاً”!!
– “إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ (الصُّمُّ الْبُكْمُ) الَّذِينَ (لا يَعْقِلُونَ)” – “وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا) وَهُمْ مُعْرِضُونَ”!!
فمن هؤلاء الذين حملوا هذه الصفات، وهم ينتمون إلى الجنس البشري، ويعيشون بين الناس؟! إنهم (الغافلون) عن أوامر الله تعالى وشريعته!! إنهم أتباع الفرق والمذاهب والتيارات الدينية المختلفة، الذين أعطوا ظهورهم لأمر الله أن يكونوا (أمة واحدة)، وتفرقوا، وتخاصموا، وتقاتلوا، وتخلفوا عن ركب التقدم الحضاري، فلم يستطيعوا إقامة الشهادة على الناس، ولم يخرجوهم من الظلمات إلى النور!!
فهل يمكن اعتبار أتباع (التيارات الدينية) المختلفة (أذكياء)؟! كيف، وقد حذر الله تعالى المسلمين من التفرق في الدين، ووجه هذا التحذير لرسوله محمد، عليه السلام، فقال تعالى:
“فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً”… إنه أمر بالوحدانية، ثم تلى ذلك أمر بالإنابة والتقوى وإقام الشعائر: “مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ”… ثم تحذير من الشرك: “وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ”، ثم وصف للمشركين: “مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ”!!
فهل المشركون (أذكياء)، ولو حملوا أعلى الشهادات والخبرات العلمية؟! ماذا سيقول (الأغبياء) في هذه (الآيات)؟!! هل سيصرون على الكشف عن مزيد من (غبائهم) ويقولون: إن محمد مشتهري يوظف الآيات لأغراض سياسية؟!!
إن (فيروس) الغباء يسري في دماء جميع (المذهبيين)، لذلك تجد أعراضه عليهم كلها واحدة، ومن أهم مظاهرها: (العشوائية) الفكرية، وافتراء الكذب!!
ومن أكاذيبهم قولهم: إن محمد مشتهري يدعي أن الله لم يؤيد (الحكم الإسلامي) بنصره، ولذلك سقط حكم الإخوان!! أقول: فهذه هي مقالاتي، على هذه الصفحة، وموقعي على شبكة الانترنت معلوم، ومؤلفاتي منشورة، ولم أذكر مطلقا في حياتي (أن الله لم يؤيد الحكم الإسلامي بنصره)، وإنما دائما أقول: إن الله لم يؤيد “التيارات الدينية” المذهبية بنصره، والفرق كبير، ولكن يعلمه (الأذكياء) فقط!!
إن تجربة (الحكم الإسلامي) انتهت مع نهاية حكم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، ثم بدأت الفتن تظهر على السطح، حتى وصلت إلى ذروتها مع أحداث (الفتن الكبرى)، في عصر الخليفة الرابع علي بن أبي طالب، حيث سفكت دماء الآلاف من المسلمين المتقاتلين، ومن يومها والدماء تنزف على أيدي هؤلاء (الغافلين) عن آيات الذكر الحكيم!!
ومن غبائهم، استدلالهم بقوله تعالى، في (سورة محمد): “ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ”، يستدلون بهذا الآية على أن الله تعالى ناصرهم ولو بعد حين، وأن ما هم فيه اليوم من تخلف، وذل، وتفرق، وتقاتل…، كل ذلك لأنها (مشيئة الله)، وأن (الحين) لم يأت بعد!!
إن سياق هذه الآية يبدأ بقوله تعالى: “فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ”، أي أنه يتحدث عن أحكام معركة حقيقية تقوم بين المسلمين والكفار، لذلك فاسم الإشارة (ذلك) في الآية يعود إلى هذه الأحكام، بداية بـ (فضرب الرقاب)، ويكون المعنى: لو يشاء الله لاستأصل الكفار، ولم يكلفكم بقتالهم (لانتَصَرَ مِنْهُمْ)، ولكن سنة الله في هذا الوجود، أن تحدث (الأسباب والمسببات)، وفق قوانينها المعتادة، وهي (لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)، وهذا ما حدث في مصر، في (30-6-2013) وفي (8-6-2014)!!
هؤلاء (الغافلون) هم الذين يؤمنون بأن النصر سيأتي على يد (المهدي المنتظر)، لذلك فهم ينتظرونه!! ويؤمنون بأن نصرهم سيكون على يد الأحجار، التي ستتكلم أثناء المعركة وتقول: يا مسلم، خلفي يهودي فتعال فاقتله!!
ألم أقل لكم: إن (الإسلام) لا يعرف (الأغبياء)…، لذلك يمتنعون؟!
ولنتدبر ما جاء في سياق سورة محمد:

“أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا” – “إِنَّ الَّذِينَ (ارْتَدُّوا) عَلَى أَدْبَارِهِمْ (مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى) الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ”!!

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى