لقد خلق الله تعالى الإنسان، لمهمة واحدة، وهي: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ (إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)”، وبمقام “العبودية”، قام الوجود كله: “وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ”.
وخلق الله تعالى الناس، بفطرة وإمكانات، تساعدهم على أن يكونوا عبادا لله (مخلصين)، وذلك بالنظر في دلائل “الوحدانية”، التي عمت الوجود كله.
وعباد الله (المخلصون)، هم الذين (خضعوا) لخالقهم، و(علموا) أنه وحده الذي يملك نفعهم وضرهم، وأن هذه الدنيا (وسيلة) وليست (غاية)، وأنها الطريق لفوزهم بالجنة، التي “أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ”..، فسعوا لها سعيها، “فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً”.
و(السعي المشكور)، هو الذي استكمل شروطه، وأولها: تفعيل آليات التفكر والتعقل والتدبر والنظر…، (آليات عمل القلب)، هذه النعمة التي فضل الله بها الإنسان على سائر المخلوقات…، فهل شكر الإنسان ربه على هذه النعمة؟!
إن برهان (الشكر) برهان عملي، وليس قوليا: “وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ (تَشْكُرُونَ)”. والبرهان (العملي) يكون بتفعيل نصوص الشريعة الإلهية…، فإذا كنت (مسلما) فبرهان إسلامك، أن تقوم بتفعيل نصوص “الآية القرآنية”، سلوكا عمليا بين الناس، وإخراجهم من الظلمات إلى النور…، ولكن على يد من؟!!
هل على يد (العشوائيين)؟! أم على يد (المذهبيّين) المتخاصمين؟! أم على يد (المتخلفين) عن التقدم الحضاري، وعن فقه “الآية القرآنية”؟! على يد من سَيَخْرُج الناس من الظلمات إلى النور؟!!
هل على يد (العشوائيين)، الذين لا رؤية لهم ولا هدف، هؤلاء الذين يعيشون خارج (المنظومة القرآنية)!! هل على يد (أهل الدنيا)، الذين جعلوا (الآخرة) آخر همهم؟!
هل على يد (العشوائيين)، الذين تعرفهم بسيماهم العقلية، وبصماتهم الفكرية!! الذين يُضيّعون أوقاتهم، على شبكات التواصل الاجتماعي، ينشرون العلم والجهل، المفيد وغير المفيد…، يقطفون الزهور والأشواك، يذهبون يمينا ويسارا…، ويُقحمون أنفسهم في مسائل لا علم لهم بها!!
وفي عالم السياسة، ترى (العشوائيين) ينتقدون الأنظمة الحاكمة، وهم لا دراية لهم بهذا العالم، ولا بفاعلية (السنن الإلهية) في هذا الوجود، ولا بما يحدث اليوم (8-6-2014) في مصر، حيث خضع وسلّم ملوك ورؤساء العالم لسنن التغيير في مصر، بما فيهم أمير (دولة قطر) الذي أرسل برقية تهنئة للمشير السيسي، اعترافا منه بشرعية حكمه للبلاد!!
إن ما يحدث اليوم في مصر، سيغيظ كثيرا من (العشوائيين)، و(المذهبيين)..، فتراهم يكادون يبطشون بالذين يُبيّنون لهم حقيقة (تخلفهم) وما يحدث من آيات: “يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا”، ومن هذه الآيات: “وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ”!!
أفلا تبصرون؟!!
إن إخراج الناس من الظلمات إلى النور (منظومة قرآنية) متكاملة، أعضاؤها هم (المؤمنون)، (الموحدون)، (الربانيّون): “كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ”، هؤلاء الذين حملوا فقه “الآية القرآنية”، دراسة وتدبر، وسلوكا عمليا في واقع الحياة، يراقبون (السنن)، ويأخذون (العبر)!!
لذلك كان (العشوائيون)، أشد خطرا على الإسلام من أعدائه، لأنهم (أهل دنيا)، فﻻ يتحدثون عن (اﻹسﻻم)… العشوائيون يمتنعون!!!
“مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا (لا يُبْخَسُونَ)” – “أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ (إِلاَّ النَّارُ) وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَ(بَاطِلٌ) مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.