نحو إسلام الرسول

(189) 4/6/2014 (السنن الإلهية، وفاعليتها)

إنني عندما أنظر إلى ما حدث في مصر من تغيير للنظام الحاكم، أنظر إليه من منظور (السنن الإلهية)، وفاعليتها في هذا الوجود، التي لا تعرف ملة ولا جنسا، من أخذ بها أعطته على قدر ما أخذ، سواء كان مسلما أم كافرا، خيرا كانت للناس أم شرا!!
وإذا كانت شعوب العالم الثالث، ومنها مصر، عبارة عن (لعبة) في يد حكامها، أو في يد قوى أخرى تعمل (داخليا أو خارجيا)..، فتحركها بـ (الريموت كنترول)، فمرة تقول (نعم) لشخص فيحكمها، وأخرى تقول له (لا)، ليأتي غيره ليحكمها..، فهذه وإن كانت من قواعد اللعبة السياسية، إلا أن الحقيقة هي: “وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ”!!
إننا نعيش في إطار “السنن الإلهية” الحاكمة لهذا الوجود، ونرى فاعلية قوله تعالى: “تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ”!! وأمام قانون “فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً”، وأمام سنة “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ”!!
لذلك كان على (المسلم)، المدرك لفاعلية “السنن الإلهية” في هذا الوجود، أن يحذر من السقوط في دوامة اللعبة السياسية، وهو يتفاعل مع آثار هذه (الفاعلية)!! إن على (المسلم) أن يقف كمراقب لهذه الآثار، يأخذ منها (العبر)، ويسعد إذا جاءت في صالح (الإسلام)، ويحزن إذا جاءت عكس ذلك، فالأمر أولا وأخيرا بيد عالم الغيب والشهادة.
إن ما حدث في مصر، من تحرك شعبي نحو صعود التيارات الدينية إلى حكم البلاد، ثم تحرك شعبي نحو سقوطها..، أرى فيه جانبا لصالح (الإسلام)، وهو إزاحة هذه التيارات الدينية عن المشهد السياسي، ذلك أن تاريخ (الإسلام السياسي) تاريخ (مظلم) – (دموي)، لا علاقة له بـ (الإسلام) الذي أمر الله تعالى الناس باتباعه.
لقد حكمت هذه “التيارات الدينية” مصر عاما كاملا، وقد كانت ترفع “راية الإسلام”، عقودا من الزمن، وتحلم بإعادة الخلافة الإسلامية إلى الأرض..، فهل وقف الله تعالى بجانبها وأيدها بنصره، وهو القائل: “وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ”؟!!
إنه يستحيل أن تكون هذه “التيارات الدينية” على الدين الذي أمر الله تعالى باتباعه، ثم لا ينصرها (ولو مرة واحدة) عبر قرون مضت، ولا حتى عندما حكمت مصر، وأصبحت تملك كل أدوات وآليات النصر، المؤيدة والداعمة لها، من داخل مصر وخارجها!!
وعلى الجانب الآخر، عندما أنظر إلى آليات إزاحة “التيارات الدينية”، وما نتج عنها من سفك للدماء (بحق أو بغير حق)، أرى أن هذه هي طبيعة فاعلية (السنن الإلهية) في حياة الناس، سواء كانت إيجابية أو سلبية…، فنحن نعيش في عالم (الأسباب والنتائج)…، فقد تعيد هذه “التيارات الدينية” الكرة مرة أخرى، وتنتصر..، ولكن هل لأنها على الحق؟!! لا، وألف لا..، وإنما لتكون (فتنة) للناس، ثم يوم القيامة: “إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ”!!
فهل هناك أحد يعلم لماذا قُتل المظلوم، وانتصر الظالم؟! أو لماذا انتصر المظلوم وقُتل الظالم؟! لن تجد الحقيقة إلا يوم القيامة، “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ – بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ”؟!!
إن الموجة الهائلة المدمرة (تسونامي) عندما تفاجئ الناس، وتدمر في طريقها كل شيء، لا تعرف ظالما ولا مظلوما، ولا مؤمنا ولا كافرا…، ولن يستطيع أحد أن يقف على “الحكمة الإلهية” وراء هذا التدمير الشامل، إلا أن تكون (آية) يرسلها الله تعالى إلى العالمين، من وقت للآخر، لعلهم يرجعون!!
إنني لست سياسيا، ولا أتفاعل مع أي حدث، إلا إذا كان هناك توجيه قرآني بشأنه، من منطلق تفعيل نصوص “الآية القرآنية” في واقعنا المعاصر، حسب ما أملكه من أدوات فكرية، وآليات عملية.
فمثلا، وبالإضافة إلى ما سبق: عندما أجد في المجتمع خللا في ميزان توزيع الثروات، وأرى المال لا يذهب إلى الفقراء والمساكين، ويكون (دولة بين الإغنياء) فقط…، أجد أن من واجبي أن أكتب ناصحا لمن بأيديهم الأمر، من منطلق القاعدة القرآنية “الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ”، وليس من منطلق سياسي!!
من أجل ذلك كتبت المنشور السابق “كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ”، ولكن يبدو أنه لم يعجب بعض الأصدقاء!!

* “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ”!!

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى