نحو إسلام الرسول

(1847) 25/6/2021 أخطاء إيمانية فيسبوكية [٢]

١- إشكاليات «أحمد عمارة» الإيمانية كثيرة، وفي مقدمتها كل ما يتعلق بفهم الآيات القرآنية واستنباط أحكامها، وأنه يدعي تدبره للقرآن من قبل تخصصه في «علم النفس»، والواقع يكذب ذلك:
سأخصص هذا المقال للرد على مسألة أراها أهم من كلامه المرفق في البوست، وهي مسألة دخول كل من آمن بالله وعمل صالحًا الجنة، وإن كفر برسول الله محمد.
أما عما جاء بمنشوره المرفق فسأكتفي بالرد على بعض المسائل:
(أ): يقول:
«هل تعلم أن مفهوم الأصنام في القرآن يشمل كل فكرة في رأسك الآن تنتظرها لتحل مشاكلك وأن هذا حرفيًا هو الذي تعبده من دون الله … وهذا أعمق معاني الشرك مع الله؟!
* أقول:
عندما نزل القرآن على أهل اللسان العربي، نزل بكلمات يعلمون معانيها ودلالاتها على أرض الواقع، فـ «الصنم» ليس «فكرة» تُعبد من دون الله، «الصنم» شيء «مادي» يعبد من دون الله، سواء كان حجرًا أو خشبًا أو إنسانًا.
(ب): ومن «المنهجية الهرمنيوطيقية»، التي يتبعها الذين يجهلون كيف يتعاملون مع «القرآن»، أن توظف الآيات القرآنية لخدمة «الأفكار» التي تؤمن بها، وليس العكس:
فذهب «أحمد عمارة» إلى الآية التي تثبت أن «الأصنام» ليست «أفكارًا»، وهي قول الله تعالى في سياق الحديث عن قصة إبراهيم مع قومه «الشعراء / ٧١-٧٤»:
* «قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا – فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ»:
– وتوقف «أحمد عمارة» عند هذه الآية وقال:
«قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ، شوف بقالك كام سنة عاكف على شيء تظن أنه هو الذي سيرزقك ويسعدك ويطور حياتك، هذا هو الصنم داخلك»
* أقول:
لا «الصنم» ليس بـ «الداخل» وإنما بـ «الخارج»:
ولذلك لم يذكر «أحمد عمارة» الدليل الذي يهدم صنمه الداخلي وهو الآية التالية:
* «قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ»:
– فهل «الأفكار» تَسْمَع؟!
(ج): ومن «المنهجية الهرمنيوطيقية» أن يقوم صاحبها بعمل «غسيل مخ» لك، أو «تنويم مغناطيسي»، فيقول «أحمد عمارة»:
«وهناك تمرين بسيط نقوم به في الكورسات وهو: أحضر ورقة وقلم واكتب ما الذي يمنعك الآن من تحقيق أهدافك، ستكتب المعرقلات، وعن طريقها تكتشف الأصنام العقلية على طول، والتي تعبدها من دون الله»
* أقول:
عندما أراد «عمرو خالد» أسلمة «التنمية البشرية» و«البرمجة اللغوية العصبية» المستوردة من الدول المتقدمة، التي أقامت تقدمها على قاعدة «الفلسفة المادية للوجود»، أفسد قلوب آلاف التابعين له وهم لا يشعرون.
إن «الأصنام العقلية»، حسب الفهم الواعي لآيات الذكر الحكيم، ليست «أفكارا معيشية» وإنما «وساوس شيطانية» يستحيل علاجها علاجًا «جذريًا» إلا إذا كانت «القلوب» مؤمنةً إيمانًا خالصًا بالله تعالى قائمًا على «العلم»:
* «وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ»:
– «أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ»:
– «فَيُؤْمِنُوا بِهِ»:
– «فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ»:
– «وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ – الَّذِينَ آمَنُوا – إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»
وهل هناك علاج لقلوب المؤمنين، بعد هداية الله لهم «إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»؟!
(د): والغريب أنه يقول في ختام منشوره:
«أعلم أن الحرب على الشيطان كبيرة، فهو يمتلك زمام عقول بعض الناس، وبما أنني متخصص في علم النفس، فأنا أرى ألاعيب الشيطان رأي العين يوميا»
* أقول:
وهذه أيضا من «المنهجية الهرمنيوطيقية» التي يستخدمها مع من وقعوا في شباكه، لإقناعهم بأن هناك علاقة وطيدة بين «علم النفس» وكشف «ألاعيب الشيطان»، ليصبح التخصص في علم النفس «وحيًا يوحى» عليك أن تُسلّم له.
وإن ما سبق الحديث عنه ليس هو أخطر الإشكاليات الإيمانية التي وقع ويقع فيها «أحمد عمارة»، ذلك أن المصيبة الأكبر في إقناع «الآلاف» بأن الإيمان برسول الله محمد ليس شرطًا لدخول الجنة:
٢- عندما ينتشر «فيروس»:
* «أن المؤمن بالله الذي يعمل الصالحات سيدخل الجنة الناس»
بين قطاع كبير من المسلمين «بالوراثة» ويقتنعون به، وجب على كل مؤمن أسلم وجهه لله أن ينهى عن هذا المنكر، وإلا كان منافقًا.
٣- قبل الحديث عن «العمل الصالح»، الذي تفوقت فيه الدول المتقدمة غير المسلمة على الدول المسلمة بصورة لا تقارن:
علينا أن نحدد ما المقصود بـ «الإيمان» في السياق القرآني، وهل أمر الله «الناس جميعًا»، وإلى يوم الدين، «الإيمان» برسوله محمد واتباع كتابه أم لا؟!
٤- إن قول الله تعالى «البقرة / ٦٢»:
* «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ»:
* «وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ»:
* «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً»
* «فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ – وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»
يُفهم عندما نحدد معنى هذا الشرط «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ» الوارد في كتاب الله الخاتم، الذي حمل «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، ومن نصوص هذه الآية «البقرة / ٦٢» ومثلها «المائدة / ٦٩- الحج / ١٧».
والسؤال:
كيف ينزل الله كتابه الخاتم للناس جميعًا، ويقول لهم «البقرة / ٢١»:
(أ): «يَا أَيُّهَا النَّاسُ»:
(ب): «اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ – (الَّذِي خَلَقَكُمْ) – وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ – لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
ثم يقول أيضًا للناس جميعًا:
(ج): «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ»:
– أيها الناس إلى يوم الدين:
(د): «مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا»:
– على رسولنا الخاتم محمد، عليه السلام:
(هـ): «فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ»:
– أي من مثل «سور القرآن» يا أيها «الملحدون»:
«قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ – عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا (الْقُرْآنِ) – لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ – وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً»
– واستعينوا بمنظمات الإلحاد العالمية كلها:
(و): «وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ – إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»
– فإن عجزتم، و«ستعجزون»، فآمنوا برسول الله محمد، وإلا فإن «جهنم» مصيركم:
(ز): «فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ – (وَلَن تَفْعَلُواْ) – فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ – (أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)»
فهل هناك بيان أكثر وضوحًا من هذا البيان الذي حكم الله فيه بـ «جهنم» على كل من لم يؤمن برسول الله محمد ولم يتبع رسالته؟!
ألم أقل لكم، إن المكان الوحيد لـ «الملحدين المسلمين»، هو مستشفى الأمراض العقلية؟!
٥- إذن «القرآن» لم يُطلق معنى «الإيمان» ليفهمه كل «جاهل» حسب جهله، وإنما وضع أصولًا خمسة لـ «الإيمان» منها الإيمان بالرسل جميعًا فقال الله تعالى «النساء / ١٣٦»:
(أ): «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»:
– يا من تدّعون «الإيمان»:
(ب): «آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ»:
– أي «وَرَسُولِهِ» محمد:
(ج): «وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ»:
– أي وآمنوا بـ «القرآن»:
(د): «وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ»:
– أي وبـ «الكتب الإلهية» التي سبقت «القرآن» كلها:
* «وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ – وَمَلاَئِكَتِهِ – وَكُتُبِهِ – وَرُسُلِهِ – وَالْيَوْمِ الآخِرِ»:
– والسؤال:
لماذا أخذ «الملحدون» الإيمان بالله واليوم الآخر فقط، وتركوا باقي الأصول؟!
– والجواب:
لأنهم ضالّون مُضلّون:
* «فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً»
٦- أما عن «العمل الصالح»، فلا قيمة له في الآخرة إذا لم يقم على أصول الإيمان الخمسة، ولو استفاد منه الناس جميعًا، ذلك أن ثمرته سيجنيها الناس في الدنيا فقط، فتدبر «إبراهيم / ١٨»:
(أ): فعن «أعمال» الكافرين:
* «مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ»:
– «أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ»:
– «اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ»:
– «لاَ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ»:
– «ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ»
(ب): وعن «أعمال» المؤمنين «النور / ٣٧-٣٨»:
* «رِجَالٌ»:
* «لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ»:
* «وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ»:
* «يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ»
* «لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ (مَا عَمِلُوا)»:
* «وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ»:
* «وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ»
(ج): ثم يُبين السياق بعد ذلك، بأسلوب بياني مجازي، ثمرة أعمال الكافرين، فيقول الله تعالى «النور / ٣٩»:
* «وَالَّذِينَ كَفَرُوا»:
– «أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ»:
– «يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء»:
– «حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً»:
– «وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ»:
– «وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ»
٧- إذن فشرط تحقق «الإيمان» الصادق، هو أن تُقر بـ «أصول الإيمان الخمسة» وعمل بـ «مقتضياتها»، ومن لا يُقر بها ولا يؤمن برسول الله محمد، ولا يتبع القرآن، ولا يعمل بأحكامه:
(أ): فهذا هو «الكافر» الذي ورد ذكره في السياق القرآني.
(ب): الذي قال الله تعالى فيه «الفتح / ١٣»:
* «وَمَن لَّمْ يُؤْمِن – بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ – فَإِنَّا أَعْتَدْنَا (لِلْكَافِرِينَ) سَعِيراً»
(ج): وكل من رَوّجَ لبدعة دخول الجنة، دون «الإيمان» برسول الله محمد واتباع رسالته والعمل بأحكامها، وكان من المسلمين بـ «الوراثة»:
* فهو مع «الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ».
(د): ومن «الخبل العقلي»، و«الغباء الديني»:
أن تأخذ من القرآن، الذي يحمل «الآية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، عليه السلام، ما يخدم إلحادك في أحكام القرآن، كالآية «البقرة / ٦٢»:
* وأنت أصلًا كافر بـ «القرآن» وبـ «الرسول» الذي أنزل الله عليه هذا «القرآن».
٨- ألم أقل لكم:
إني أحترم الملحد «غير المسلم» لأنه يعقل ما يقول من قبل أن يقول، أما الملحد «المسلم» فلا أحترمه لأنه من فصيلة «الببغاوات» لا يفهم ما يردده لسانه:
يستند في فهمه لمعنى «الإيمان بالله» إلى مرجعية قرآنية هو أصلًا «كافر» بها، وكافر بـ «رسول الله» الذي حملها إلى الناس:
ثم يُفرّق بين «الإيمان بالله» و«الإيمان برسله»، والله تعالى يقول «النساء / ١٥٠-١٥٢»:
(أ): «إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ»:
– «وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ»:
– «وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ – وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ»:
– «وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً»:
* «أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً – وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً»
(ب): «وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ»:
– «وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ»:
– «أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ»
– «وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً»
(ج): فيا أيها «المنافقون»، يا «أهل جهنم»، يا من وصفكم الله فقال تعالى «الأعراف / ١٧٩»:
* «أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ – بَلْ هُمْ أَضَلُّ – أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»
ما علاقتكم أنتم بـ «القرآن»؟!
محمد السعيد مشتهري
الروابط:
١- مقال أحمد عمارة:
٢- مما نُشر عن كشف منهجية أحمد عمارة العشوائية في فهم القرآن:
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى