نحو إسلام الرسول

(1839) 16/6/2021 من مقتضيات الإيمان [١٧]

أن تكون أول المسلمين العابدين
١- لاحظ وتدبر مصاحبة الفعل «أمرت» لجملة «أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ»:
* «قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ»:
– «وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ»
* «قُلْ إِنِّيَ (أُمِرْتُ) أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ»
– ذلك أن كل رسول هو أَوَّلُ من أسلم في قومه، وأَوَّلُ المتمكنين من إسلامهم الحريصين على انتشاره البعدين كل البعد عن طريق الشرك بالله:
* «وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ»
بأن تجعل حياتك ومعيشتك كلها لله لا شريك له:
«قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»:
– «لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ (أُمِرْتُ) وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ»
٢- إن قضية «الإيمان»، وقضية «الإسلام»، ليست قضية «زمان» ولا قضية «مكان»، وإنما قضية «قلب» أطاع الله وخضع لحكمه وسلّم له تسليمًا في كل زمان ومكان:
(أ): «أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ»: لأنه يستحيل أن يأمر رسول الله الناس أن يقيموا حياتهم ومعيشتهم على «ما يجب أن يكون» وفق أحكام القرآن، ثم لا يكون أول من يعمل بهذه الأحكام ويداوم عليها، كيف والله تعالى يقول له:
* «قُلْ إِنِّي (أُمِرْتُ) أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ»:
– «(وَأُمِرْتُ) لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ»
ولذلك كانت وصية الأنبياء جميعًا لأبنائهم:
* «فَلا تَمُوتُنَّ – إِلاَّ – وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»
(ب): وورد فعل «أمرت» أيضا مع جملة «مِنْ الْمُسْلِمِينَ»:
يقول الله تعالى:
* «إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ (وَأُمِرْتُ) أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ»
ويقول الله تعالى:
* «فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ (وَأُمِرْتُ) أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ»
٣- فإذا ذهبنا إلى جملة «مِنْ الْمُؤْمِنِينَ» نجد أن الفعل «أمرت» جاء في سياق النهي عن «الشرك»:
*«قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ – إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي»:
– «فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ»
– «وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ»
– «(وَأُمِرْتُ) أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ»
* «وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً»:
– «وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»
وهذا هو الموضع الوحيد في القرآن الذي صاحب فيه الفعل «أُمِرْتُ» جملة «مِنْ الْمُؤْمِنِينَ»، ذلك أن إقامة الوجه «لِلدِّينِ حَنِيفاً» مسألة «قلبية إيمانية» يجب تسبق الإسلام والتسليم لأحكام الشريعة الإلهية.
٤- ولم ترد جملة «أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ» إلا في موضعين بدون الفعل «أمرت»:
(أ): الموضع الأول:
تعبير سحرة فرعون عن إيمانهم بنبي الله موسى، وأن هذا «الإيمان» هو الذي يجعلهم يتحملون كل ما يفعله الفرعون فيهم:
* «فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ – إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا»
* «إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا – أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ»
(أ): الموضع الثاني:
عندما طلب نبي الله موسى أن يرى ربه، وكانت النتيجة أن أقر في النهاية بفعالية أسماء الله الحسنى في هذا الوجود:
* «فَلَمَّا أَفَاقَ – قَالَ سُبْحَانَكَ – تُبْتُ إِلَيْكَ – وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ»
وفي الموضوعين لم يصاحب الفعل «أُمِرْتُ» جملة «أَوَّل الْمُؤْمِنِين»، كما صاحب جملة «أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ».
٥- ذلك أن «الإيمان» مسألة «قلبية» قائمة على «سنة الاختيار»:
(أ): «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ»:
– «قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»
– «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ»
* «وَيُؤْمِن بِاللّهِ»
* «فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ – لاَ انفِصَامَ لَهَا – وَاللّهُ سَمِيعٌ»
(ب): فإذا آمن المرء لم يعد مختارًا، وأصبح مأمورًا بالتسليم لحكم الله تسليمًا، وإلا انتفت عنه صفة «الإيمان»:
* «فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ»:
– «حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ»
– «ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ»
* «وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً»
(ج): «٩٩٪» من المليارين مسلم أسلموا ولم يؤمنوا، ولذلك نراهم ينشغلون بـ «أحكام القرآن» ولا ينشغلون بـ «جوهر القرآن»:
ينشغلون بالحكم بما أنزل الله وإقامة الخلافة في الأرض:
* «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ – هُمُ الظَّالِمُونَ – هُمُ الْفَاسِقُونَ»
ولا ينشغلون بمصيبتهم العقدية الأساس، وهي أنهم أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا:
– تفرقوا في دين الله إلى فرق وصفوها بأنها «إسلامية».
– صنعوا مصدرًا تشريعيًا ثانيًا جعلوه يحكم القرآن لصالح أهوائهم المذهبية.
– تحلّلوا من معظم أحكام القرآن بدعوى الحداثة والمعاصرة فاخترق «الإلحاد» قلوبهم وهم لا يشعرون.
– أعطوا ظهورهم لفريضة «النهي عن المنكر» فاختلطت «المنكرات» بحياتهم وأصبحت «معروفًا»، حتى وجد الآباء أنفسهم غير قادرين على فعل أي شيء مع منكرات أولادهم.
٦- كن أول المسلمين العابدين، ولكن اعلم أنه:
(أ): لا «إسلام» لم يسبقه «إيمان».
(ب): لا «إيمان» دون عمل بمقتضياته.
(ج): لا «حكم» بما أنزل الله لمشرك.
(د): لا «صلاة» لمن لم يجعل «الله أكبر» من كل شيء في حياته.
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى