نحو إسلام الرسول

(1837) 15/6/2021 منظومة التواصل المعرفي «م ت م» وإشكالية الفهم

أضواء على استنباط الأحكام من القرآن
١- إن استنباط أحكام الحلال والحرام من القرآن «علمٌ» له أصوله وقواعده، وفي مقدمتها لغة القرآن وعلم السياق، والذي يجهلها لا يحل له استنباط الأحكام حتى لا يرتكب كبيرة من الكبائر، ذلك أن الله تعالى يقول:
* «أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء – شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ – مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ»
* «وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ – هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ – لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ – إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ»
٢- عندما نقول نص قرآني «قطعي الدلالة»:
نعني النص الذي يدل على الحكم، ولا يحتمل غيره:
كقول الله تعالي:
* «وَلَكُمْ (نِصْفُ) مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ»
فكلمة «نِصْفُ» لغة لا تحتمل أكثر من معنى.
٣- وعندما نقول نص قرآني «ظني الدلالة»:
نعني النص الذي يدل على الحكم مع احتمال غيره، وما يدل على أكثر من معنى:
كقول الله تعالى:
* «وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ»
فكلمة «قُرُوَءٍ» لغة تحتمل معنيين: الطهر والحيض:
وهذه الآية تشمل المطلقات على العموم، فإذا تدبرنا قول الله تعالى:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»:
– «إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ – ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ – (مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ) – فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا»
نفهم أن هذه الآية تخص المطلقات «غير المدخول بهن»، وأن الآية الأولى تخص «المدخول بهن».
٤- من الضروري أن يكون مستنبط الأحكام على علم بـ «ألفاظ العموم»، فعندما يقرأ قول الله تعالى:
* «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا»
فإن لفظ «السارق» عام يشمل كل سارق، فإذا قرأنا قول الله تعالى:
* «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا»
فإن لفظ «مَنْ» أيضا من «ألفاظ العموم».
فماذا يدل قول الله تعالى مخاطبًا عموم المؤمنين:
* «وَلاَ تَأْكُلُواْ»:
– «مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ»
– «وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ»
– «وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ»
– «وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ»؟!
يدل على «نهي» يقتضي «تحريم» الأكل من كل ما لم يذكر اسم الله عليه، وهو «حكم عام» باق على عمومه إلى يوم الدين.
والسؤال:
هل يقوم المؤمنون وأولادهم بتفعيل هذه الآية في حياتهم، ولا يأكلون إلا «مِمَّا ذُكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ»؟!
٥- هل الخطاب الخاص بـ رسول الله محمد يتناول أفراد أمته بعد وفاته؟!
فعندما يقول الله تعالى:
* «وَإِذَا (كُنتَ فِيهِمْ) – فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ – فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ»
نجد أن هذه الآية تشترط وجود رسول الله لإقامة الصلاة، فمن أين عرفنا أنها تخص أيضا المؤمنين الذين جاؤوا بعد وفاته؟!
وكذلك الحال بالنسبة لأمر الله تعالى رسوله بإقام الصلاة في الآيتين:
* «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ»
* «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ»؟!
وهل لم يفرض الله على «الذين آمنوا»، بعد وفاة رسوله محمد، غير «صلاة الجمعة» فقط، لأنها الوحيدة التي خاطبهم الله بها:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»:
– «إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ»
– «فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ»؟!
إذن فعلى أي أساس تستنبط حكم فرض الصلوات الخمس على «الَّذِينَ آمَنُوا» منذ عصر التنزيل وإلى يوم الدين؟!
٦- عندما يقول الله تعالى في سياق بيان المحرمات من النساء:
* «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء – إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ – كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ – وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ»
فكلمة «مَّا» في قول الله تعالى «وَأُحِلَّ لَكُم (مَّا) وَرَاء ذَلِكُمْ» لفظ «عام» يشمل النساء الكافرات والمشركات والمنافقات، ثم اشترط الله لصحة عقد النكاح أن تكون «الزوج» مؤمنة، فقال تعالى:
* «وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ»
فجملة «حَتَّى يُؤْمِنَّ» تُحرّم نكاح غير «المؤمنات» العاملات بمقتضى إيمانهن.
٧- وعندما يقول الله تعالى:
* «وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ»:
* «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ»
– ولكن بشرط:
* «إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ»
* «إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً»
فلا قصر للصلاة «مطلقا» إلا في حالة «الخوف من الفتنة».
* والخلاصة:
يجب على من يريد استنباط الأحكام من القرآن أن يكون على علم بأصول وقواعد الاستنباط، وهي في متناول الجميع على شبكة الإنترنت.
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى