نحو إسلام الرسول

(1828) 6/6/2021 من مقتضيات الإيمان [٥]

تكلمنا في المقالات السابقة عن الفريضة الغائبة عن حياة مليارين مسلم، ولدوا من بطون مسلمة، ثم اعتمدوا في تدينهم الوراثي المذهبي على التقليد والمحاكاة، حسب المذهب العقدي والفقهي الذي وجدوا عليه آباءهم، ولم يعيدوا دخولهم في «دين الإسلام» من الباب الصحيح، وماتوا على ذلك.
ولقد وردت جملة «إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» في سياق كثير من الآيات، لبيان أن القاعدة التي يقوم عليها «دين الإسلام»، قاعدة إيمانية مقرّها «القلب»، وفروعها «الجوارح»، وأن «القلب السليم» هو الذي تظهر سلامته على «عمل الجوارح».
١- هناك من يقولون «آمنا بالله واليوم الآخر» وما هم بمؤمنين «البقرة / ٨-١٦»:
* «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ – آمَنَّا بِاللّهِ – وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ – وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ»
– وهؤلاء يعيشون بين الناس:
* «يُخَادِعُونَ اللّهَ – وَالَّذِينَ آمَنُوا – وَمَا يَخْدَعُونَ – إِلاَّ أَنفُسَهُم – وَمَا يَشْعُرُونَ»
– والسبب: «فيروس الغباء الديني»:
* «فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ – فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً – وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ – بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ»
– طبعا هم يكذبون على أنفسهم … إلى آخر سياق الآيات، وقول الله تعالى عن هؤلاء المنافقين:
* «أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى – فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ – وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ»
٢- إن معظم الذين بلغوا النكاح واكتمل رشدهم:
(أ): من أتباع الفرق الإسلامية.
(ب): من الذين خلعوا ثوب المذهبية ولبسوا ثوب التنوير أو ثوب القرآن وكفى.
(ج): من الذين اتبعوا التوجه «نحو إسلام الرسول» ثم هجروه عندما علموا أنه يطالب أتباعه بوجوب تغيير ما هو كائن في حياتهم إلى ما يجب أن يكون وفق أحكام القرآن، وهم لا يستطيعون التغيير.
* إن مشكلة هؤلاء جميعًا:
– أنهم غيّروا «أفكارهم» فقط، ولم يُغيّروا ما في قلوبهم.
– لم يدخل «الإيمان» قلوبهم فلم يستطيعوا العمل بـ «مقتضياته».
– يَرْتَدّون عن «دين الإسلام الحق» عند أول فتنة يتعرضون لها.
٣- وهؤلاء يجب أن يتدبروا هذه الآيات ليقفوا على حقيقة إيمانهم:
(أ): «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ»:
* «الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ – وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ – وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ – زَادَتْهُمْ إِيمَاناً – وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»
إن قلوب ٩٩٪ من المسلمين لا تتفاعل إلا إذا ذُكر «رسول الله محمد»، ويستطيع أي عاقل أن يتحقق من صحة هذه المعلومة بأن يقوم بزيارة عينات من مساجد الفرق الإسلامية يوم الجمعة، وينظر إلى تفاعل المصلين مع الخطيب عندما يذكر «اسم الله» وعندما يذكر «اسم رسول الله محمد».
إن «وجل القلب» وخشيته وخوفه من الله، هو القاعدة التي ينطلق منها الإيمان بالله، هذا «الوجل» الذي يظهر عند تلاوة المسلم للقرآن، أو عند ذكر «اسم الله» أمامه في أي مجلس:
* «اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ»:
* «تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ»
* «ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
* «ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ»
* «وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ»
– أما «القلوب المريضة»، التي لم يدخلها «الإيمان»، ولم تعمل بـ «مقتضياته»، نراها تتفاعل كلما ذُكر اسم رسول الله، أو كلما وجدت من ينتقد المرويات التي نسبها المحدثون إليه، ويكتبون جملة «صلى الله عليه وسلم» أو «صلى الله عليه وآله وسلم».
– ولذلك لن يقبل الله تعالى الشعائر التعبدية لـ ٩٩٪ من المسلمين لأنها لم تقم على العمل بـ «مقتضيات الإيمان»:
– ولذلك قال الله تعالى بعد ذلك في وصف «المؤمنين» السابق ذكرهم:
(ب): «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ – وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ»
– أتعجب كل العجب، كلما نظرت إلى ملايين «المسلمين» وهم يخرجون من مساجد العالم بعد «صلاة الجمعة»، وأقول في نفسي:
هل هؤلاء هم الذين قال الله تعالى فيهم بعد ذلك:
(ج): «أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً – لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ – وَمَغْفِرَةٌ – وَرِزْقٌ كَرِيمٌ»؟!
أم هم الذين قال الله تعالى فيهم بعد ذلك:
(د): «كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ – وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ»
«وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ»:
– لقد كان من صحابة رسول الله محمد «منافقون» يقولون «آمنا بالله وبرسوله محمد»، ثم أقاموا «مسجدًا» للإضرار بالمسلمين وتشكيكهم في دينهم وتفريقهم:
* «وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً – ضِرَاراً – وَكُفْراً – وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ – وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ»
فإذا سألناهم: نحن نشعر بأنكم «منافقون»؟! قالوا:
* «وَلَيَحْلِفَنَّ – إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى – وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ»
واللافت للنظر، أن رسول الله محمدًا كان يصلي مع هؤلاء، حتى كشف الله تعالى له أمرهم:
* «لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً»:
– «لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ»
– «أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ»
– «فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ»
– «وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ»
نعم، إنهم الذين قال الله فيهم:
«كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ – وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ»
ولأنهم يكرهون قتال العدو المعتدي، قال الله تعالى لرسوله:
(هـ): «يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ – كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ – وَهُمْ يَنظُرُونَ»
تدبروا جيدا جملة «بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ» وعلاقتها بـ «يُجَادِلُونَكَ»:
إن أسهل شيء على الإنسان أن «يُغيّر أفكاره»، وأصعبها أن «يُغيّر معيشته» بناء على هذه «الأفكار»، لأن «الأفكار» كلام في كلام لن يؤثر على معيشته.
خلال عقود مضت، عرفت مئات الأشخاص الذين اقتنعوا بـ «أفكار» توجهي الديني «نحو إسلام الرسول»، وعشنا سنوات وسنوات بهذه «الأفكار» التي لم تكن تخرج عن «كلام في كلام».
ثم عندما طلبت من هؤلاء الأشخاص تحويل «الأفكار» إلى «أعمال»، انفضوا من حولي، فلم يكن يخطر ببالهم أن «الإيمان» لا قيمة له بدون «العمل» بمقتضيات هذا «الإيمان»
ولم يكن يخطر ببال «المنافقين»، من صحابة رسول الله محمد، أن قتال العدو المعتدي «فرض عين» على كل مؤمن أسلم وجهه لله تعالى، فلما تبين لهم ذلك، كرهت «قلوبهم» لقاء العدو، وجادلوا في ذلك كأنما يساقون إلى الموت.
والسؤال:
إن قتال العدو المعتدي أمر يجب انقياد القلب إليه، فلماذا كانت قلوب المنافقين تكرهه؟!
والجواب:
لأنها «قلوب مريضة»، نزل القرآن لكشفها، حتى يحذرها «المؤمنون»، ولا يغضبون عندما ينفض أصحابها من حولهم.
٤- عندما يقول الله تعالى:
(أ): «وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ»:
– هذا في حياته.
* «مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى»
– وتبين «الْهُدَى»، بعد وفاة رسول الله محمد، ليس له طريق غير «القرآن»، وإلى يوم الدين:
إذن فكيف نفهم قول الله تعالى بعد ذلك:
* «وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ»؟!
– أين نجد اليوم «سَبِيلَ الْمُؤْمِنِين» لنتبعه، حتى لا يكون مصيرنا:
* «نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى – وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ – وَسَاءتْ مَصِيراً»؟!
أنا لم أجد أمامي، بعد رحلة علمية قرآنية طويلة، غير سبيل التوجه «نحو إسلام الرسول»، من خلال «البث المباشر» الذي أتلقاه اليوم، من نصوص «الآية القرآنية العقلية» التي بدونها ما آمنت بصدق «نبوة» رسول الله محمد.
(ب): «وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ (لِلْكَافِرِينَ) عَلَى (الْمُؤْمِنِينَ) سَبِيلاً»
– فهل جعل الله «لِلْكَافِرِينَ» عَلَى «المسلمين» سَبِيلاً، فنصدق القرآن؟!
– أم جعل «لِلْكَافِرِينَ» على «الْمُؤْمِنِينَ» سَبِيلاً، فنكذب القرآن؟!
* استيقظوا أيها «المسلمون»:
وابحثوا في العالم عن علاج لـ «فيروس الغباء الديني»، قبل أن تموتوا وتحشروا إلى جهنم في الدرك الأسفل من النار.
محمد السعيد مشتهري
ملاحظة هامة:
لقد أنشأنا مجموعة «إسلام الآية لا إسلام الرواية» لفتح باب الحوار بيني وبين الأصدقاء، وأيضا فيما بينهم، من باب الوقوف على حقيقة المنهجية العلمية التي تنطلق منها مقالات التوجه «نحو إسلام الرسول»، لتتميز بذلك المجموعة عن الصفحة والحساب:
فأرجو التفاعل مع المجموعة بمشاركاتكم الفَعّالة.
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى