نحو إسلام الرسول

(1806) 17/5/2021 عندما لا يفقه القرآنيّون لا القرآن ولا السُنّة ولا اللغةـالعربية

لقد جعلت موضوع المقال السابق عن «أصول الإيمان وقواعد الإسلام» ليعيد كل مسلم بالوراثة تدينه، سواء كان سلفيًا أو قرآنيًا ملحدًا ظلاميًا، لأن عدد الذين أعادوا النظر في تدينهم، من المليارين مسلم، ودخلوا في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، لا يُذكر.
فإذا أراد «قرآني تنويري» الدخول في حوار مع «سلفي» حول صحة أو عدم صحة «حديث»، فلا يفعل إذا كان يجهل طبيعة الخلاف بين المحدثين حول هذا «الحديث» وهل هو خلاف حول المتن أم حول السند.
فلا يصح أن يقول «قرآني تنويري» لـ «سلفي»:
اتحداك أن تأتيني بحديث من كتب «أهل السنة الستة» يقول:
* «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا: كتاب الله وسنتي»
# أولًا:
إن إشكاليات «الحديث» ليست قاصرة فقط على «أهل السنة» وإنما تشمل الفرق الإسلامية كلها، باعتبار أن «الحديث» يحمل «السُنّة النبوية» المبينة والمكملة لأحكام القرآن.
١- فـ «الشيعة» يعتبرون أن الرواية الموجودة عند «أهل السُنّة» في «صحيح مسلم» تقول:
«أنا تاركٌ فِيكم ثَقلينِ: كتابُ الله … وأهلُ بَيْتي …»
* دليلًا على مذهبهم العقدي، وأن «علي بن أبي طالب» هو الأولى بالخلافة، من داخل مصادر «أهل السُنّة».
٢- ويعتبر «الشيعة» أن الرواية الموجودة عند «أهل السُنّة» في «السنن الكبرى» لـ «النسائي» تقول:
«وَاللَّهُ سَائِلُكُمْ عَنِ اثْنَتَيْنِ: عَنِ الْقُرْآنِ، وَعَنْ عِتْرَتِي»
* دليلًا على مذهبهم العقدي، وأن «علي بن أبي طالب» هو الأولى بالخلافة، من داخل مصادر «أهل السُنّة».
٣- ويعتبر «الشيعة» أن الرواية الموجودة عند «أهل السُنّة» في «سنن الترمذي» تقول:
«إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا بعدي – أحدُهما أعظمُ من الآخَر: كتاب الله، حبْلٌ ممدودٌ من السَّماء إلى الأرض، وعِترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ، فانظروا كيف تَخلُفوني فيهما»
* دليلًا على مذهبهم العقدي، وأن «علي بن أبي طالب» هو الأولى بالخلافة، من داخل مصادر «أهل السُنّة».
وغير ذلك عشرات الروايات.
# ثانيًا:
١- فإذا ذهبنا إلى أول مدونة حملت مرويات الرواة المنسوبة إلى رسول الله وهي «موطأ مالك» وجدنا هذه الرواية:
«تَركتُ فيكُم أمرَينِ، لن تضِلُّوا ما تَمسَّكتُم بهما: كِتابَ اللَّه، وسُنَّةَ نَبيِّه»
وعشرات الروايات تحمل نفس الموضوع.
٢- إن الدارس لـ «علم الحديث» يعلم أن مسألة «التصحيح والتضعيف» ومسألة «الجرح والتعديل»، من المسائل التي لا علاقة لها بـ «العلم» لأن جلها قائم على «الظن» وعلى «الهوى».
فـ «أئمة أهل السنة» يُضعّفون كل رواية تحمل لفظ «وعِترتي»، و«أئمة الشيعة» يُضعّفون كل رواية تحمل لفظ «وسُنَّتي».
والفريقان يستندان إلى نفس الآيات القرآنية:
* «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا»
* «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ»
* «وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»
والأكثر غرابة أن يستندوا إلى نفس الروايات:
– «عليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلفاء المهديِّين الراشِدين، تمسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجِذ»
– «فمَنْ رَغِبَ عن سُنَّتي، فلَيسَ منِّي»
– «ألَا إنِّي أوتيتُ الكِتابَ ومثلَهُ معهُ»
فهل بعد ذلك من «هوس ديني» وإلحاد في آيات الله؟!
# ثالثًا:
فإذا ذهبنا إلى تفسير «أئمة أهل السُنّة» للخلاف حول الروايات التي تحمل لفظ «وعِترتي» والروايات التي تحمل لفظ «وسُنَّتي»، نجدهم يقولون:
١- يقول «ابن تيمية» في «منهاج السُنّة النبوية»:
«إنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال عن عِترته: إنَّها والكتاب لن يَفترِقَا حتى يرِدَا عليه الحوضَ وهو الصادقُ المصدوق:
فيدلُّ على أنَّ إجماع العِترة حُجَّة، وهذا قولُ طائفةٍ من أصحابنا، وذكره القاضي في المعتمَد:
* ثم انظروا ماذا قال بعد ذلك ليجعل لفظ «العِترة» عامًا لاستحالة أن يُقر «ابن تيمية» بـ «عترة الشيعة»:
– لكن العترة هم بنو هاشم كلهم: ولد العبَّاس، وولد عليٍّ، وولد الحارث بن عبد المُطَّلب، وسائر بني أبي طالب وغيرُهم:
– عليٌّ وحده ليس هو العِترة، وسيِّد العِترة هو رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم … وإجماع الأمَّة حُجَّة بالكتاب والسُّنَّة والإجماع:
– والعترة بعضُ الأمَّة، فيلزم من ثُبوت إجماعِ الأمَّة إجماعُ العِترة.
٢- ويقول «الملا عليٌّ القاري» في «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح»:
«أهلُ البيت غالبًا يكونون أعرفَ بصاحب البيت وأحواله؛ فالمراد بهم أهلُ العلم منهم، المُطَّلعون على سِيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحُكمه وحِكمته، وبهذا يصلُح أن يكونوا مقابلًا لكتاب الله سبحانه، كما قال: وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ»
٣- والخلاف حول المقصود بـ «عِترة النبيِّ» كُتبت فيه الكتب:
فريق يقول:
– هل هم الذين صحِبوا الرسول ورَوَوْا عنه، كعليِّ بن أبي طالب، وابنيه: الحسن والحسين، والعبَّاس بن عبد المطَّلب وابنيه: عبد الله وعُبيد الله، وجعفر بن أبي طالب وابنه عبد الله، وعَقيل بن أبي طالب؟!
وفريق يقول:
– أمْ عليُّ بن أبي طالب وذُريَّته، بل وأحد عَشرَ رجلاً منهم فقط، كما تزعُم الشيعة؛ تحكُّمًا منهم بلا برهانٍ ولا بيِّنة؟!
وثالث يقول:
– أم أنَّهم عامَّة العِترة، وفيهم – كما هو الواقع اليوم – السُّنِّي، والشِّيعي، والزَّيدي، والصُّوفي، والعالم والجاهل؟!
ورابع يقول:
– أم هم المتَّبعون لسُنة النبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم، حتى لا يغضب أحد من أتباع الفرق الإسلامية؟!
– فيخرج خامس ويقول:
إن أبو بكر، وعمر، وعُثمان، ليسوا من «العترة».
# رابعًا:
إن ما سبق بيانه ما هو إلا قطرة في بحر إشكاليات «علم الحديث» التي جعلتني أكفر به وبجميع مرويات الفرق الإسلامية، بعد دراستها دراسة علمية جادة، على أيدي كبار علماء الحديث.
* فيا أيها القرآني «المسكين»:
ما علاقتك أنت بـ «علم الحديث»، حتى تتحدى «مسكينًا» مثلك، وقد يصدقك فيما قلت، كل من يتبعونك بغير علم.
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى