نحو إسلام الرسول

(177) 12/5/2014 (“الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ” [3-3])

عبر “منظومة التواصل المعرفي”، من لدن آدم، مرورا بإبراهيم الذي رفع القواعد، وإلى بعثة النبي محمد، عليهم جميعا أفضل السلام، ظلت الأشهر العربية، ومنها أشهر الحج، والأشهر الحرم، معلومة للناس: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا (أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ)، ذَلِكَ (الدِّينُ الْقَيِّمُ)”.
إن (الدين القيم)، يستحيل أن تُخترق نصوصه، أو شعائره (زمانا أو مكانا)، وذلك لتعهد الله بحفظه، ولقد حفظ الله أشهر الحج، وأسماءها، وزمانها، والأيام التي تؤدى فيها الشعائر، وأماكنها، من لدن إبراهيم، عليه اسلام، وإلى يومنا هذا، عبر”منظومة التواصل المعرفي”.
ومن حفظ الله للأسماء، أشهر الحج، لقوله تعالى: “الْحَجُّ أَشْهُرٌ (مَعْلُومَاتٌ)”، ولقد جاءت هذه الجملة خبرا، ولم تحمل تشريعا، لا للحج، ولا لزمانه، ولا لمكانه!!
أما الآيات التي حملت تشريعات للحج، فكثيرة، بل إن الآية التي حملت الخبر (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ)، هي التي جاءت بوجوب (الإحرام)، فقال تعالى بعدها: “فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ”. وهناك آية تحرم على (المُحرم) صيد البر، فقال تعالى في سورة المائدة: “أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ، وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ (مَا دُمْتُمْ حُرُماً).
أما الآية التي فرضت (أصلا) الحج، فهي قوله تعالى في سورة آل عمران: “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ” – “فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ”!!
إننا كي نفهم قوله تعالى”الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ”، علينا أن نفرق بين (الشعائر)، التي تؤدى في أيام (معلومات – معدودات) من أشهر الحج، و(الإحرام) بالحج، الذي يجب أن يسبق أداء الشعائر، والذي قد يستغرق شهرا أو أكثر (حسب زمن السفر) يظل الحاج خلاله (محرما).
إن من الآيات الدالة على وجوب (الإحرام) قوله تعالى في سورة المائدة: “أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)، وقوله تعالى بعدها: “وَإِذَا (حَلَلْتُمْ) فَاصْطَادُوا”، أي أن الحاج يكون محرما، ثم يتحلل من إحرامه. ولأن (الإحرام) من أعمال الحج، يبدأ مع بداية شهر (شوال)، قال تعالى”الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ”!!
فهل هذا الشرح مفصل في القرآن؟! لا!! وهل يمكن أداء فريضة الحج بدون (إحرام)؟! لا!! وهل يمكن للحاج أن يفعل محظورات (الإحرام)، التي وردت بعد (الحج أشهر معلومات)؟! لا!!
إذن فلنتفق أولا على منهج، في التعامل مع النص القرآني، وما أجمله من أحكام، فإما أن نقبل أن تكون “منظومة التواصل المعرفي” هي المبينة لما أجمله النص القرآني من أحكام، أو أن نبحث عن مرجعية أخرى، نؤدي أعمال وشعائر الحج على أساسها، بعيدا عن “منظومة التواصل المعرفي”!!
أما أن نمسك العصا من المنتصف، نأخذ من “منظومة التواصل المعرفي” ما يوافق هوانا، ونترك ما يخالفه، ونفجر شبهات وإشكالات لا أساس لها، لا في المنطق، ولا في الشريعة، فهذا أراه عشوائية فكرية، وعجزا علميا، وتقليدا أعمى، لأصحاب القراءات القرآنية المعاصرة.

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى