١- إن الذين دخلوا في «دين الإسلام» في عصر التنزيل، لم يدخلوه من باب الآبائية المذهبية الذي دخل منه الملياران مسلم، باب «بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا»، وإنما دخلوه من باب عجزهم أن يأتوا بسورة من سور القرآن وهم «أهل اللسان العربي» الذي نزل به.
٢- إن الأولاد الذين دخلوا في «دين الإسلام» في عصر التنزيل، دخلوه وهم «أهل اللسان العربي» الذي نزل به القرآن، هؤلاء الذين تربوا منذ طفولتهم على الإجابة على سؤال:
* لماذا كان القرآن «آية إلهية»؟!
وذلك بالنظر في إحكام آياته، وبلاغة بيانه، وصدق تعبيراته، وتأثيرها على قلوبهم.
٣- إن الأولاد الذين ورثوا «دين الإسلام» مجرد هوية سجلت في شهادة الميلاد، كبروا وبلغوا النكاح واكتمل رشدهم وهم لا يستطيعون الإجابة على سؤال:
* ما معنى «الوحدانية» وما هي مقتضياتها؟!
* وما الفرق بين الإيمان والإسلام؟!
* ولماذا كان القرآن «آية إلهية»؟!
٤- إن الأولاد الذين ورثوا «دين الإسلام» عن جهل وشرك، لم يتعلموا لغة القرآن العربية ولا إحكام آياته وبلاغة وصدق تعبيراته وأثرها على القلوب:
* لذلك لا يستطيعون الإجابة على سؤال لماذا كان القرآن «آية إلهية»، والله لن يقبل إيمان ولا إسلام أحد إلا بالإقرار بصدق «آية» رسوله محمد «القرآنية العقلية».
٥- إن «القلب» الذي دخل في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، وأقر بصدق «آية» رسول الله محمد «القرآنية العقلية»، بعد أن وقف على بلاغة نصوصها وإحكام آياتها، وأجاب على سؤال:
* لماذا كان القرآن «آية إلهية»؟!
إنه «القلب السليم» الذي وعد الله تعالى بدخوله الجنة.
٦- إن «القلب السليم» هو القلب «الخاشع» الذي يقشعر جلده كلما قرأ القرآن وهو في مقام العبودية الخالصة لله تعالى:
* «اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ»:
– «كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ»
– «تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ»
– «ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
– «ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ»
– «وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ»
٧- إن الذي دخل في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، يستحيل أن يقرأ القرآن دون الوقوف على أسلوبه البلاغي في مخاطبة القلب الذي يحمل آليات التفكر والتعقل والتدبر … آليات عمل القلب:
* هذا الأسلوب الذي يربط الحياة الدنيا بالآخرة التي تبدأ بيوم القيامة الذي لا يشعر بمقدماته إلا من توفى الله نفسه:
*«كَلاَّ إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ – وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ – وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ»
– «وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ»:
إن الظن هنا بمعنى اليقين القائم على العلم القطعي بانتقال النفس إلى عالم الآخرة:
فهل يشعر أحد بما يشعر به الميت وهو في سكرات الموت:
* «وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ – ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ»؟!
* «وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ – إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ»؟!
٨- إن يوم القيامة الذي يبدأ بمفارقة النفس جسد الإنسان، حقيقة نراها ونسمعها ليل نهار، لا مهرب منها، ولا يستطيع أحد ردها:
* «فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ – وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ»
* «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ – وَلَكِن لاَ تُبْصِرُونَ»
* «فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ – تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»
٩- إنها الحقيقة التي نراها ونسمع عنها ليل نهار، تواجه الناس جميعا، لا فرق بين غني وفقير، وكبير وصغير، ورئيس ومرؤوس، وقوي وضعيف، يُقال:
«إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ» – «البقاء لله» – «الله يرحمه»
والميت في عالم آخر، فهل يأخذ الناس العبرة والعظة:
* «أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ – حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ»
– وليس المقصود بزيارة المقابر الذهاب إليها، وإنما كناية عن الفترة التي توجد فيها النفس في «عالم البرزخ»، وتشعر يوم البعث كأنها كانت في زيارة «كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ»:
* «كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ – ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ»
* «كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ – لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ»
– لماذا لم يذكر غير الجحيم: «لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ»؟!
١٠- لأن الذين شغلتهم الدنيا وزينتها، وألهاهم التكاثر عن الإعداد والاستعداد لليوم الآخر، وأعطوا ظهورهم لأحكام كتاب الله، القرآن الحكيم، وجمعوا الأموال، وورثوا الجهل بلغة القرآن العربية:
* لا شك أنهم من أهل جهنم:
* «ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ – ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ»
ولماذا جاء السؤال في هذا السياق عن النعيم:
* «ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ»
والجواب:
لأنهم كانوا يُحبّون الدنيا على حساب الاخرة:
* «كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ – وَتَذَرُونَ الآخرةَ»
فكانت النتيجة:
* «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ – إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ»
* «وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ – تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ»
١١- إذن:
فيمكنكم أن تفعلوا الكثير والكثير قبل أن تفارق النفس الجسد، وخاصة معايشة السور والآيات التي تربط قلوبكم بالآخرة، ولن ينفعكم أي «عمل صالح» إلا إذا قام على قاعدة العمل بمقتضيات:
(أ): الوحدانية.
(ب): أصول الإيمان.
(ج): أصول الإسلام.
(د): إقرارك باليوم الآخر واستعدادك له.
فتدبر:
* «وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً»
* «مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ»
* «وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً»
* «وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً»
* «فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ»
* «مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ»
١٢- فلعنة الله على الذين قالوا:
إن مفتاح دخول الجنة هو:
* «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ – وَالْيَوْمِ الآخِرِ – وَعَمِلَ صَالِحاً»
دون الإيمان برسول الله محمد، ودون اتباع رسالته، ويستدلون بقول الله تعالى:
* «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ»:
– «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً»
– «فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»
وهم كافرون أصلًا بـ «نبوة» رسول الله محمد، الذي أنزل الله عليه هذا القرآن:
والسؤال:
كيف يستدلون بآية من نصوص «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، وهم يكفرون بـ «نبوته»؟!
والجواب:
ماذا نفعل في «فيروس الغباء الديني» الذي أصاب القرآنيّين والملحدين؟!
محمد السعيد مشتهري