نحو إسلام الرسول

(1686) 24/1/2021 «أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ للإسْلاَمِ – فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ»؟!

معظم المسلمين يتديَّنون بـ «دين الإسلام» ولا يعلمون ماهية هذا الدين والقواعد التي قام عليها، وهل هناك فرق بين «الإسلام» و«الإيمان»، ولماذا قال الله تعالى:
* «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ – وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ»
ولم يقل:
«إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِيمَان – وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِيمَان دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ»؟!
باعتبار أن «الإِيمَان» يسبق «الإِسْلاَم»، فالإنسان لا «تستسلم» جوارحه للسير في طريق لم يؤمن «قلبه» بخلوه من المخاطر؟!
ولماذا عندما «قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا»، قال الله تعالى لرسوله «الحجرات / ١٤-١٥»:
* «قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا»:
* «وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا – وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ – فِي قُلُوبِكُمْ»
وقد بيّن الله تعالى في موضع آخر، أن «الإيمان» محله القلب «الحجرات / ٧»:
* «وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ – (وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) – وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ»؟!
إذن فلماذا قال الله تعالى «الزمر / ٢٢»:
* «أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِـ (الإسْلاَمِ) – فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ»
ثم قال بعد ذلك:
* «فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ (قُلُوبُهُم) مِّن ذِكْرِ اللَّهِ – أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ»
ولم يقل:
* «أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِـ (الإيمَانِ) – فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ»
ذلك أن «الإِيمَان» محله الصدر والقلب، أما «الإسْلاَم» فهو استسلام الجوارح لمقتضيات هذا «الإِيمَان»، بقرينة القسم الذي بدأت به الآية «النساء / ٦٥»:
* «فَلاَ وَرَبِّكَ – لاَ يُؤْمِنُونَ»:
– أي نفي كامل وتام لـ «الإيمان» الذي لم يعمل صاحبه بمقتضياته، ومنها التسليم لحكم الله ورسوله:
* «حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ»
* «ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي (أَنفُسِهِمْ) حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ»
* «وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً»؟!
إن الإجابة على هذه الأسئلة تحتاج إلى عدة مقالات لبيان كيف تستسلم «الجوارح» لأحكام القرآن دون أن يدخل «الإيمان» قلوب أصحابها الذين يؤدّونها فارغة من جوهرها الإيماني.
# أولًا:
في سياق بيان أحكام الصلاة، يأمر الله تعالى المؤمنين ويقول لهم:
* «لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى – حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ»
فما الذي يعلمه المسلم «السُنّي»، أو غيره من أتباع الفرق الإسلامية، عن ضمير الجمع الوارد في فاتحة الكتاب «نَعْبُدُ – نَسْتَعِينُ – اهدِنَا» وهو يقرأ:
«إِيَّاكَ نَعْبُدُ – وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ – اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ»؟!
فهل يقصد بهذا «الجمع»:
١- الـ 99 % من المسلمين أتباع الفرق الإسلامية، فيكون من المنافقين:
«إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ»
٢- أم يقصد المسلمين من فرقة «أهل السُنّة» فقط، فيكون من المشركين:
«الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً – كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
٣- أم يقرأ القرآن وهو لا يعلم ما يقول، فيكون من الذين لن يقبل الله تعالى قراءته ولا صلاته؟!
٤- أما يقصد «المؤمنين» وهو واحد منهم، الذين دخلوا في «دين الإسلام» من باب الإقرار العلمي بـ «أصول الإيمان» وبصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، استنادًا إلى قوله تعالى في سياق بيان حجية «الآية القرآنية العقلية» التي حملها كتاب الله الخاتم:
* «أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ»:
* «إِنَّ فِي ذَلِكَ – لَرَحْمَةً – وَذِكْرَى»:
فكان من القوم المؤمنين:
* «لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»:
الذين أقرّت قلوبهم بصدق «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة لهم اليوم، واستسلمت جوارحهم وخضعت لأحكامها.
# ثانيًا:
فإذا نظرنا إلى ما يُعرف بـ «عموم البلوى» التي هي من «المنكرات» التي يعيش بداخلها المسلمون وهم لا يشعرون، والتي ألفتها قلوبهم حتى أصبحوا يتعاملون معها باعتبارها «معروفا»:
نجد البلوتين اللتين أذكرهما دائما، وهما «التدخين» وعدم التزام المرأة المسلمة بـ «اللباس» الذي أمرها الله به، وقد تكلمنا عنه كثيرًا، والسؤال:
١- لماذا يعتبر المسلمون «معصية الله» شيئًا عاديًا في حياتهم، على أمل أن يتوبوا منها؟!
٢- ما معنى أن تقول مسلمة «أو مسلم» لله تعالى:
أنا ملتزمة بكل أحكام القرآن، إلا «التدخين» وعدم الالتزام بـ «اللباس» الذي أمرتني به، فاغفرهما لي يا رب ووفقني إلى التوبة؟!
٣- ما هذا «الشرك» الذي يُزيد من أتباع «إبليس» في جهنم، وقد حذر الله تعالى الناس منه فقال تعالى:
* «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ – وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ – وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ – وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً – فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ – أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ»؟!
٤- إن الذي يرتكب «معصية» ومات قبل أن يتوب منها، فجزاؤه في الآخرة يعلمه الله، أما الذي يُصر على ارتكاب «المعصية» ويموت من قبل أن يتوب منها، فهو في جهنم خالدًا فيها، لقول الله تعالى:
(أ): «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً – أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ»:
* «ذَكَرُواْ اللّهَ – فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ – وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ»
* «وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ – وَهُمْ يَعْلَمُونَ»؟!
(ب): ولقول الله تعالى:
* «بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً»: واحدة.
* «وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ»: نتيجة إصراره على فعل السيئة.
* «فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ – هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»
(ج): ولقول الله تعالى:
* «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ»:
– «لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُوءَ بِجَهَالَةٍ»
– «ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ»
– «فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ»
– «وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً»
ثم تدبروا جيدًا أيها العصاة، يا من تجهلون من هو الله، ماذا قال تعالى بعد ذلك:
* «وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ»:
* «لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ»
* «حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ»
– أي ظل مُصرًا على معصية الله حتى حضره الموت فقال:
* «إِنِّي تُبْتُ الآنَ»
– ثم ساوى الله تعالى بين المصرين على المعصية والكافرين:
* «وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ»
* «أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً»
# ثالثًا:
هل عندما تألف قلوب المسلمين «البلوى» تجعلها حلالًا؟!
إن تحريم «التدخين»، وعدم التزام المرأة المسلمة بـ «اللباس» الذي أمرها الله به، ثابت بنص قرآني قطعي الدلالة لا شبهة فيه إلا عند الملحدين، وفي مقدمتهم «محمد شحرور»:
فكيف لا يطيع «مسلم» الله تعالى في حكمه، ولا يُسلّم له «تسليمًا»، إلا إذا كان «الإيمان» لم يدخل قلبه، وكان من «المنافقين»؟!
١- إن الذي آمن بـ «أصول الإيمان الخمسة»، إذا قرأ أو سمع آيات الأحكام، فإنه يسجد ويُسلّم لها تسليمًا عمليًا، وإلا انتفت عنه صفة «إيمان القلب» لانتفاء العمل بمقتضيات هذا الإيمان وهو تسليم «الجوارح» وسجودها لـ «حكم الله».
٢- إن «الإيمان» إذا دخل القلب، لابد أن يظهر أثره على الجوارح قولا وعملا، فكيف لا تنفعل الجوارح وهي تستمد طاقتها من «القلب»، فتدبر «الزمر / ٢٣»:
* «اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ – كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ – تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ – ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
إن «خشية الله» محلها القلب وهي من أصول «الإيمان»، وقشعريرة الجلود محلها الجوارح، وهي من علامات «الإسلام» والتسليم لحكم الله، فإذا انتفت الخشية انتفت القشعريرة وانتفى العمل بحكم الله، وهذا معناه فساد القلب.
إن إيمان «القلب» هو القاعدة التي ينطلق منها تسليم «الجوارح» لـ «أحكام القرآن»، وبدون هذه القاعدة لا إسلام ولا تسليم، وإنما نفاق وتغييب وإلحاد وضلال وتضليل.
٣- تعالوا نتدبر قول الله تعالى «الذاريات / ٣٥-٣٦»:
«فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»:
نفهم من ذلك أن المؤمنين خرجوا من قرية لوط عليه السلام، فكيف يقول الله تعالى بعد ذلك:
* «فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ»؟!
إذن فمعنى الجملة الأولى:
لقد أردنا إخراج «المؤمنين» من قرية لوط، فلم نجد غير بيت من «المسلمين» هو بيت لوط، فلماذا لم يقل الله تعالى «غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ»؟!
لأن امرأة لوط كانت تُظهر «إسلامها» وتُبطن النفاق والكفر، وهذا ما بيّنه الله تعالى بقوله «هود / ٨١»:
«فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ – وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ – إِلاَّ امْرَأَتَكَ – إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ»
لقد أخرج الله تعالى لوطًا وأهل بيته من قريتهم، باستثناء امرأته، ونجّاهم من العذاب العظيم، لأن الإيمان والإسلام لم ينفصلا، فهما منظومة مترابطة متكاملة لا تنفصل أجزاؤها أبدا، إلا في حالات النفاق والشرك والكفر:
وهذا ما بيّنه الله تعالى بقوله «الروم / ٥٣»:
* «إِنْ تُسْمِعُ إِلا – مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنَا – فَهُمْ مُسْلِمُونَ»
فإذا آمن «القلب» بالآيات وأقر بصدقها، سجدت «الجوارح» وسلّمت لحكم الله «فَهُمْ مُسْلِمُونَ».
والسؤال:
بعد أن ولدت «مسلمًا» على مذهب آبائك الديني، ثم بلغت النكاح واكتمل رشدك، هل تذكر متى:
(أ): آمنت بـ «إرادتك» وليس بإرادة آبائك بـ «دلائل الوحدانية»:
(ب): وصَدّقت بـ «أصول الإيمان الخمسة»:
(ج): وعملت بـ «مقتضياتها» هذه الأصول عمليًا في حياتك؟!
يتبع …
محمد السعيد مشتهري
روابط موضوع «عموم البلوى»:
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى