نحو إسلام الرسول

(1641) 10/12/2020 كيف «تستمتع» ببلاغة القرآن وأنت تجهل لغته و«أساليبه البيانية»؟!

تحدثنا في دروس اللغة العربية «الدرس ١٢» عن فعاليات حرف «إذا» في السياق القرآني، فماذا عن «إِن»، والفرق بينها وبين «إذا»؟!
# أولًا:
يأتي حرف «إذا» في سياق الشيء:
١- المقطوع بوقوعه:
* «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ»
٢- الكثير الوقوع:
* «وَتَرَى الشَّمْسَ (إِذَا) طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَ(إِذَا) غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ»
٣- الراجح وقوعه:
* «كُتِبَ عَلَيْكُمْ (إِذَا) حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ (إِن) تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ»
هنا جاءت «إذا» في سياق المقطوع بوقوعه لبيان حكم غير المقطوع بوقوعه، وهو «الوصية»، لذلك استخدم في الوصية «إِن».
# ثانيًا:
يقول الله تعالى «الأعراف / ١٣١»:
«فَـ (إِذَا) جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ – قَالُواْ لَنَا هَذِهِ – وَ(إِن) تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ – يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ»
فنلاحظ:
١- أن «الْحَسَنَة» جاءت مُعرّفةً، ومسبوقة بـ «إِذَا»، وبكلمة «جَاءتْهُمُ»:
وذلك لأن من رحمة الله أن تكون «الْحَسَنَات» أكثر من «السَّـيِّئَاتِ» فجاءت «الْحَسَنَات» مُعَرّفة بـ «لام الجنس» باعتبارها شيئًا ثابتًا معلوما يحرص الإنسان على مجيئه واستقباله.
٢- وجاءت السيئة غير مُعَرّفة «سَيِّئَة»، ومسبوقة بـ «إِن»، وبكلمة «تُصِبْهُمْ»:
وذلك لبيان نُدرتها، وأن الإنسان لا يجب أن يقصدها، فإن هي «أصابته» يستغفر ربه على الفور ويتوب إليه.
٣- غالبًا يأتي الفعل الذي بعد «إِن» مضارعًا لاحتمال الشك في وقوعه، بخلاف «إذا» التي يأتي بعدها الماضي للقطع بوقوعه، كما هو معروف في فقه اللغة، كقول الله تعالى «البقرة /١٨٦»:
* «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي – فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ – إِذَا دَعَانِ – فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي – وَلْيُؤْمِنُواْ بِي – لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»
فقول الله تعالى «وَ(إِذَا) سَأَلَكَ» ثم قوله بعدها «أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ (إِذَا) دَعَانِ»، ولم يقل «إِن» دَعَانِ»، يعني أن «الدعاء» فريضة كفريضة من فرائض «دين الإسلام»، وذلك بقرينة:
أنه جاء بـ «فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي» قبل «وَلْيُؤْمِنُواْ بِي»، تماما كما قال تعالى «آل عمران / ١١٠»: «تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ» قبل «وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ»:
وذلك للتأكيد على أن المؤمن لا يدعو ربه فقط عند الحاجة، وإنما عليه أن يُكثر من «الدعاء» وينتظر فترة بعد الصلاة يدعو ربه باعتبار أن هذا «الدعاء» فريضة تابعة لفريضة الصلاة.
# ثالثًا:
١- لن نجد علامة من علامات يوم القيامة إلا وجاءت بـ «إِذا»:
* «إذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ»
* «وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ»
* «وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ»
* «وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ»
٢- وتعالوا نتدبر جيدًا معاني الكلمات التي وردت في سياق الآيات التالية «المؤمنون / ٧١-٧٧»، وعلاقتها بالآية الأخيرة التي ورد فيه التضرع والدعاء:
(أ): «وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ – لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ وَمَن فِيهِنَّ – بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ – فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ»
(ب): «أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً – فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ – وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ»
(ج): «وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»
(د): «وَإِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخرةِ – عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ»
(هـ): «وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ – وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ – لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ»
(و): «وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ – فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ – وَمَا يَتَضَرَّعُونَ»
٣- فإذا تدبرنا قول الله تعالى عن مصير المعرضين عن تفعيل آيات الذكر الحكيم في حياتهم «طه / ١٢٤-١٢٦»:
* «وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي»:
– «فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً»
– «وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى»
– «قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً»
– «قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا»
– «وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى»
نجد أن المسلمين قد أعرضوا فعلًا عن آيات الذكر الحكيم، وأعطوا ظهورهم لتحذير الله لهم من «التفرق في الدين»، فعذبهم الله بعذاب «التخاصم والتقاتل»، منذ أحداث «الفتن الكبرى» وإلى يومنا هذا، وبعد أن كانوا خير أمة أصبحوا أضعف الأمم:
الأمر الذي يفرض عليهم أن يتركوا شؤون دنياهم التي لن تنفعهم في الآخرة وهم على هذا الحال من غضب الله، وأن يظلوا في اعتكاف دائم ودعاء مستمر، إلى أن يرفع الله عنهم المعيشة الضنك.
والسؤال:
فهل فعل الـ 99.99 % من المسلمين ذلك؟!
* وهل فعل الـ 00.01 % من المسلمين ذلك؟!
# رابعًا:
١- عندما تأتي «إِن» في سياق قول الله تعالى «الحجرات / ٩»:
* «وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا – فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا»
فذلك لبيان أَنّ من النادر جدًا أن يحدث اقتتال بين «الْمُؤْمِنِينَ»:
٢- ولكن الغريب أن يحوّل المؤمنون «إِن» إلى «إذا»:
ليصبح التخاصم والاقتتال بينهم «حتمي الوقوع»، بسبب تفرقهم في الدين إلى عشرات المذاهب العقدية والفقهية، كما شهد بذلك تاريخ الملل والنحل الإسلامية، والله تعالى يقول لهم «النساء / ٩٢»:
* «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً»
وقال تعالى لهم «النساء / ٩٣»:
* «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً»:
– «فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا»
– «وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ»
– «وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً»
٣- والسؤال لـ ٩٩٪ من المسلمين، أتباع الفرق الإسلامية المختلفة:
فأنتم أيها «السنة، والشيعة، والمعتزلة، والإباضية» أبناء من سفكوا الدماء بغير حق، فعلى أي أساس «شرعي قرآني» تتمسكون بمصائب آبائكم العقدية؟!
ثم على أي أساس «شرعي قرآني» تدرسون القرآن، وتقيمون الدورات في تدبر آياته، وتعقدون المؤتمرات في بيان ما تحمله آياته من أوجه الإعجاز العلمي والبلاغي؟!
٤- والسؤال لـ 00.99 % من التنويريّين والقرآنيّين الملحدين في أحكام القرآن، الكافرين بعلوم اللغة العربية، التي بكفرهم بها استحقوا قول الله فيهم «أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»:
من هم الذين تخاطبونهم بمقالاتكم وأحاديثكم، وما هي ملتهم، استنادًا إلى أحكام القرآن، وما سبق بيانه في هذا المقال؟!
٥- والسؤال لـ 00.01 % من المؤمنين، الذين خلعوا ثوب «شرك التفرق في الدين»، ودخلوا في «دين الإسلام» من باب الإقرار العلمي بصدق آية رسول الله محمد «القرآنية العقلية»:
هل أنتم متمسكون بالسير في طريقكم «نحو إسلام الرسول»، وتبذلون جهودكم في تعلم «لغة القرآن العربية»، والعمل بـ «أحكام القرآن» سلوكًا عمليًا في واقع حياتكم؟!
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى