نحو إسلام الرسول

(1615) 18/11/2020 ماذا تعلم عن الفرق بين الأسلوب الخبري والتشريعي في القرآن؟!

إن مهمة الأساليب البلاغية التي خاطب الله بها قوم رسوله محمد، هي إيصال كلام الله إلى قلوبهم، بصورة عقلية منطقية تحمل الحجج والبراهين المستخرجة من ذات اللغة التي كانوا يعلمون «مدلولات» كلماتها من قبل بعثة رسوله محمد.
يقول الله تعالى:
* «وَجَحَدُوا بِهَا * وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ * ظُلْماً وَعُلُوّاً * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ»
ومع أن القرآن من أوله إلى آخره يخاطب الناس جميعًا، إلا أنه يشترط لفهم آياته واستنباط أحكامه، أن تكون القلوب المتعاملة معها قلوبَ العقلاء الذين يعلمون أساليبه البيانية البلاغية، للوقوف على براهينه العقلية المنطقية، الموجبة للإيمان به وتصديقه، فتدبر:
١- «إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ»:
* «وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً * لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»
٢- «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا – وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً»:
* «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ * لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»
٣- «وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ»:
* «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ * لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ»
٤- «وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً – وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا»:
* «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ * لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»
٥- «اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى»:
* «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ * لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»
* ويقول الله تعالى فيما يتعلق بكتابه الخاتم، القرآن الحكيم:
٦- كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ»:
* «قُرْآناً عَرَبِيّاً * (لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)»
٧- «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً (لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)»
والسؤال:
وبعد ما سبق بيانه، وما اشترطه الله من شروط التعامل مع القرآن، ومنها العلم بـ «لغة القرآن العربية»، وتفعيل آليات التعقل والتفكر والتدبر … «آليات عمل القلب»:
لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد، عندما يصف «محمد مشتهري» الذين يقولون إن الله لم يفرض على المسلمين خمس صلوات، وإنما فرض كذا … وكذا … كلٌ حسب نوع الشيطان الذي يسكن قلبه، يصفهم بما وصفهم الله به «الأعراف / ١٧٩»:
* «أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ * بَلْ هُمْ أَضَلُّ * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»؟!
ألم يقل الله تعالى لرسوله محمد:
* «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ * جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ * وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»؟!
ثم يتهمون «محمد مشتهري» بأنه فظٌ غليظ القلب!!
فأقول: نعم، هذه هي الحقيقة، ولكن مع من يكون «محمد مشتهري» فظًا غليظ القلب؟!
مع المنافقين الضالين الذين يُضلّون الناس بغير علم:
«وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ»
وإضافة إلى مئات البراهين التي حملتها مقالات هذه الصفحة منذ إنشائها، والدالة على أن الذين يقولون إن الله لم يفرض على المسلمين خمس صلوات:
أضيف اليوم برهانًا يجب أن يدفن هؤلاء الملحدين أنفسهم بعد قراءته في أقرب مقبرة لهم:
# أولًا:
لم يحدث أن أمر الله «الذين آمنوا» بصيغة تشريعية «مباشرة» تحمل أمرًا بفعل شيء يتعلق بـ «أحكام الصلاة»، إلا في آية واحدة هي قوله تعالى «الجمعة / ٩-١١»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»:
* «إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ»
١- لاحظ، أننا إذا فهمنا هذه الجملة على ظاهرها بمعزل عن:
«منظومة التواصل المعرفي»
يصبح هذا «النداء للصلاة» متعلقًا بأي صلاة يُنادى لها «مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ»، ويكون المطلوب:
* «فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
* «وَذَرُوا الْبَيْعَ»
* «ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ»
* فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ»:
* «فَانتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ»
* «وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»
٢- ثم يُبيّن السياق بعد ذلك أن الرسول كان في هذه الصلاة «قائمًا»:
* «وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا»:
* «وَتَرَكُوكَ قَائِماً»
٣- ومما يؤكد أن «المرجعية الأم» لأحكام الصلاة هي الآيات «الجمعة / ٩-١١»، قول الله تعالى «النور / ٣٧»:
* «رِجَالٌ * لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ * وَإِقَامِ الصَّلاَةِ»
«وَإِقَامِ الصَّلاَةِ»: في يوم الجمعة.
٤- وعليه نفهم قول الله تعالى «المائدة / ٥٨»:
* «وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ * اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ»
أن هذا النداء هو نداء يوم الجمعة، لقول الله تعالى «الجمعة / ٩»:
* «إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ»
# ثانيًا:
وبناء على نظرية «التفسير الموضوعي للقرآن»، وأن القرآن يُبيّن نفسه بنفسه، ونلاحظ أن هذه النظرية لا علاقة لها بوجود معاني «مدلولات» كلمات القرآن خارجه:
تصبح الآيات «الجمعة / ٩-١١» هي المرجعية الرئيسة التي ترد إليها كل آية وردت فيها كلمة «الصلاة»، ويصبح علينا أن نفهم كل آية بالرجوع إلى هذه «المرجعية الأم».
مثال:
يقول الله تعالى في سياق بيان نكاح ملك اليمين «النساء / ٢٥»:
* «فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ (نِصْفُ) مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ (الْعَذَابِ)»
فأين «المرجعية الأم»، التي نرجع إليها، لمعرفة هذا «العذاب»، الذي تستحق «الأمة» نصفه؟!
سنجدها قول الله تعالى «النور / ٢»:
* «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي * فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا (مِئَةَ جَلْدَةٍ) …»
* «وَلْيَشْهَدْ (عَذَابَهُمَا) طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ»
فتجلد الأمة (خمسين جلدة).
١- عندما نقرأ قول الله تعالى «هود / ١١٤»:
* «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ»:
* «طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ»
وقول الله تعالى «الإسراء / ٧٨»:
* «أَقِمِ الصَّلاَةَ»:
* «لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ»
* «وَقُرْآنَ الْفَجْرِ * إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً»
فإن السؤال الذي يفرض نفسه:
أين القرينة التي حملتها هذه الآيات، الدالة على أن هذا الأمر «أقم» يتعلق أيضا بـ «الذين آمنوا» المخاطبين في الآيات «الجمعة / ٩-١١»، وليس برسول الله وحده؟!
والجواب:
لا توجد قرينة مطلقا يحملها سياق هذه الآيات، دالة على أن الخطاب يشمل «الذين آمنوا» أيضا، ولا تقول إن ذلك يُفهم «ضمنيًا»، لأن هذا العلم «المفهوم ضمنيا» موجود خارج القرآن وليس بداخله.
إلا إذا كنت ستؤمن بأن حجية «منظومة التواصل المعرفي» التي حملت هذه العلوم من حجية «القرآن»، وهنا أقول لك:
إذن فـ «القرآن» ليس «تبيانًا وتفصيلًا» لكل شيء.
٢- وعندما نقرأ قول الله تعالى «النساء / ١٠١»:
* «وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ»:
– وكان ذلك في يوم جمعة:
* «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ»
* «إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ»
٣- وعندما نقرأ قول الله تعالى «النساء / ١٠٢»:
* «وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ»:
ـ في يوم جمعة:
* «فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ»
* «فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ …»
بقرينة قول الله تعالى بعد ذلك «النساء / ١٠٣»:
* «فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ»:
* «فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً …»
وعلاقة هذه الآية بقول الله تعالى «الجمعة / ١٠»:
* «فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ»:
* «فَانتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ»
* «وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»
٤- وعليه نفهم قول الله تعالى «مريم / ٥٩»:
* «فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ»:
* «أَضَاعُوا الصَّلاَةَ * وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ * فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً»
«أَضَاعُوا الصَّلاَةَ»: من يوم الجمعة، لقوله تعالى «الجمعة / ١١»:
* «وَإِذَا رَأَوْا * تِجَارَةً أَوْ * لَهْواً * انفَضُّوا إِلَيْهَا * وَتَرَكُوكَ قَائِماً»
٥- وعليه نفهم قول الله تعالى «البقرة / ١٥٣»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»:
* «اسْتَعِينُواْ * بِالصَّبْرِ * وَالصَّلاَةِ – إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ»
من باب «الاستحباب»، وليس فرضًا.
وكذلك قول الله تعالى «البقرة / ٢٣٨»:
* «حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ»:
* «والصَّلاَةِ الْوُسْطَى»
لأنها ستكون في وقت انشغال المسلمين بـ «اللهو والتجارة».
ونفهم قول الله تعالى «
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»:
* «إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ»
أي من يوم الجمعة:
* «فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ …»
# ثالثًا:
ووفق هذا «التفسير الموضوعي»، بقراءته التنويرية الإلحادية المعاصرة، التي لم يسبق إليها أحد في العالمين، يصبح «يوم الجمعة» هو يوم «صلاة المسلمين»:
فليسعد المسلمون بهذه القراءة التنويرية التي تجعلهم يتفرغون لتربية أولادهم منذ الطفولة على الإلحاد، وتعليمهم في مدارس اللغات الأجنبية، والاهتمام بأعمالهم وتجاراتهم لتحقيق الملايين:
* «يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ»:
* «فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ»
* «هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ * فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ»
والسؤال:
متى يصلي «الذين آمنوا» الصلوات «من يوم الجمعة»، ولا توجد آية تبيّن وتفصل لهم مواقيت هذه الصلوات؟!
والجواب:
عندما يكون «إبليس» هو الآمر الناهي المتحكم في قلوب «المسلمين»، فلا تسأل عن صلاة ولا عن هيئة ولا عن مواقيت …، وإنما اسأل عن:
١- أين «الذين آمنوا»؟!
٢- أين «المسلمون» الذين أسلموا وجوههم لله تعالى؟!
٣- أين «المتقون» الذين لن يدخل الجنة غيرهم؟!
٤- أين الذين يعلمون الفرق بين الأسلوب «الخبري» والأسلوب «التشريعي» في القرآن؟!
٥- أين «العلماء» الذين يعلمون استحالة فهم كلمة واحدة من القرآن بمعزل عن «منظومة التواصل المعرفي» التي حملت لشعوب العالم «مدلولات» كلمات اللغات التي تنطق بها ألسنتهم؟!
وصدق من قال: «رزق الهبل على المجانين»
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى