نحو إسلام الرسول

(160) 9/4/2014 (الكتاب والفرقان)

إن المتدبر لقوله تعالى في سورة البقرة: “ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ”، يعلم أنه يستحيل أن يبدأ الله تعريف الناس بـ (الكتاب)، مشيرا إليه باسم الإشارة (ذلك)، ومبينا أنه (لا ريب فيه)، وأنه (هدى للمتقين)، ثم يكون هذا الكتاب غير (القرآن)، أو أن يكون (القرآن) جزءا من (الكتاب)، وقد قال تعالى عن (القرآن): “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ (الْقُرْآنَ) وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً”!!
إن القضية، التي غابت عن أصحاب القراءات المعاصرة للقرآن، هي الفرق بين الذات والصفات!! فمن حيث الصفات، لا شك أن (الكتاب) غير (القرآن) وغير (الذكر) وغير (الفرقان)، وغير (النور): “فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا”، وغير (الحق): “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ”. أما من حيث الذات، فالذي يجمع كل هذه الكلمات ذات واحدة هي (المنزل) من عند الله!!
إن من أبجديات الفهم القرآني، أن (المنزل) على رسول الله، (نور) يهدي به الله من اتبعه، و(فرقان) يفرق به الله بين (الحق) والباطل، وأنه سيدون في (كتاب)، ويكون (قرآنا) يقرأ على الناس…، فكل هذه الصفات، وإن اختلفت في الأسماء إلا أنها تجتمع على مسمى واحد يربطها ببعضها هو (المنزل).
فإذا ذهبنا إلى اجتهادات أصحاب القراءات المعاصرة، وجدنا أن معظمها لا يقوم على منهج علمي، ولا على أدوات مستنبطة من ذات النص القرآني، لذلك، يحتار [أو يفتن] بين أيديهم، من ليسوا على دراية، بأصول المنهج العلمي، في التعامل مع النص القرآني.
أنا لا أعلم، كيف يجرؤ باحث مسلم، أن يتعامل مع النص القرآني، باجتهادات من وحي خياله، ثم يعتبرها حقائق علمية، ومسلمات ثابتة، يقيم عليها قراءته المعاصرة للنص القرآني؟!
والحقيقة، التي قد تغضب البعض، أن هذه الأزمة العلمية، كما تقع مسئوليتها على المتبوعين، فإنها تقع أيضا على التابعين، الذين يتابعون اجتهادات أصحاب هذه القراءات، ويسعدون بها، دون معرفة المنهج العلمي الذي أقام عليه صاحب القراءة مشروعه الفكري!!
فهل سأل التابعون المتبوعين: أين هي البراهين القرآنية الدالة على صحة هذه القراءات المعاصرة؟! هل في كتاب الله، آية واحدة، تبيّن أن (القرآن) جزء من (الكتاب)، وأن (الفرقان) هو الوصايا العشر التي آتاها الله موسي، ثم انتقلت إلى عيسي، ثم إلى محمد، وهذه الوصايا هي التي وردت في سورة الأنعام، الآيات [151- 153]؟!
إنني أدعو القارئ إلى تدبر آيات سورة الأنعام، ثم يقارنها بآيات سورة الإسراء [22- 38] التي جاء في عقبها قوله تعالى: ” ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ (الْحِكْمَةِ) وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً [39]، ليعلم كيف أن أصحاب هذه القراءات المعاصرة قد ضلوا طريقهم إلى القراءة الصحيحة…، والضحية هم التابعون!!
لقد وصف الله تعالى التشريعات التي وردت في سورة الإسراء بـ (الحكمة)، ولم يصفها بـ (الفرقان)، وجاء بكلمة (مما) في قوله تعالى (مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ)، لبيان أن ما ذُكر في هذه السورة من تشريعات (حكيمة)، ليست هي كل آيات (الحكمة) التي في كتاب الله!!
فإذا ذهبنا إلى الآيات [151- 153]، من سورة الأنعام، وجدناها قد ذكرت التشريعات التي وردت في سورة الإسراء، إذن فعلي أي أساس (منطقي)، أو (قرآني)، نخصص العام (المنزل) الذي هو (الفرقان)، والذي سُمّيت سورة به، بآيات من سورة الأنعام؟! ألم تقرأوا وصف الله لهذا (المنزل): “تَبَارَكَ الَّذِي (نَزَّلَ) (الْفُرْقَانَ) عَلَى عَبْدِهِ”؟!
إنه ليس من منهجي، الرد على اجتهادات أصحاب المشاريع الفكرية المختلفة، كما يعلم أصدقاء الصفحة، إلا ما جاء في سياق الرد على تعليقاتهم، وبصورة مختصرة، وموجزة.
إن معظم أصحاب هذه المشاريع [القرآنية] لا يتعاملون مع القرآن باعتباره “آية قرآنية”، ولا يفهمون نصوصه من خلال هذه “الآية القرآنية”!!

“أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى