نحو إسلام الرسول

(1584) 25/10/2020 «ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ»

من هم «الْمُتَّقُون»، ولماذا كانت «التَّقْوَى»، مفتاح دخول الجنة؟!
قف أمام المرآة، وإياك أن تستغفل نفسك وأنت تسألها:
«من أنا»؟!
وما الذي يوجد في «مستودع العلوم والمعارف» الذي يحمله قلبي؟!
وما الذي أعلمه عن «لغة القرآن» التي بدونها يستحيل أن أفهم أحكامه التي أتقي بالعمل بها نار جهنم؟!
هنا، وأنت تقف أمام المرآة، ستعلم قيمتك الإيمانية والإسلامية عند الله تعالى.
فاحذروا الغرور واللامبالاة، وقفوا على حقيقة تدينكم، ولا تغتروا ببدعة «العقل» الذي لا وجود له أصلًا بين أعضاء أجسامكم، وإنما هو إغواء إبليس الذي نجح في إقناع أئمة سلف الفرق الإسلامية لإسقاط «تقوى الله» من أصول الإيمان والإسلام.
# أولًا:
من معاني التقوى:
«التقوى»: من «وَقى»: الواو والقاف والياء: كلمة واحدة تدل حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره، ومن ذلك:
حفظ النفس بترك ما حرّم الله تعالى في القرآن، الأمر الذي لن يتحقق إلا:
١- بطاعة الله في كل ما أمر به، الأمر الذي لن يتحقق إلا:
٢- بالوقوف على معنى الكلمات التي حملتها آيات الأحكام، الأمر الذي لن يتحقق إلا:
٣- بأن يكون المؤمن المسلم التقي على علم باللغة العربية التي نزلت بها هذه الأحكام، فتدبر ولا تكن من الغافلين:
* «وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً»:
– «وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ»:
– «لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً»
فكيف تتقي «الوعيد» وأنت لا تعلم معاني كلمات الآيات التي حملته؟!
وكلما عاش قلبك «مقام العبودية» وارتفع إلى مقام «الخشية والخوف» من الله تعالى، زادت تقواه، ولذلك جاء أول أمر للناس بعبادة الله مصحوبًا بـ «تقوى الله» في أول سورة بعد فاتحة الكتاب، فتدبر:
* «يَا أَيُّهَا النَّاسُ»:
– «اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ»
وكان لابد من بيان سبب ذلك:
– «الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ»
لماذا؟!
– «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
وكيف يطلب الله من الناس جميعًا التحلي بـ «التقوى» ومعظمهم لا يعلمون لغة القرآن العربية؟!
(أ): الوقوف على دلائل الوحدانية، من آيات الآفاق والأنفس، لا يحتاج إلى أي لغة من لغات العالم، لأنه تفاعل بين آليات عمل القلب، آليات التفكر والتعقل والنظر …، وفعالية أسماء الله الحسنى في هذا الوجود المشاهد لكل ذي بصيرة، ومن ذلك:
* «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً – وَالسَّمَاء بِنَاء – وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً – فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ»:
والمطلوب:
– «فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ»
(ب): ثم بعد الإقرار بـ «الوحدانية»، سيشعر القلب بضرورة أن تكون هناك «مقتضيات» لهذه الوحدانية التي آمن وأقر بها، وهنا يصل إلى حتمية وجود وسيط «وحي» بين الله تعالى وبين الناس، فيؤمن ويُقر بحجية «النبوة».
(ج): ولقد اقتضت مشيئة الله تعالى، أن تكون رسالته الخاتمة للناس جميعًا، بأفضل لغات العالم «بيانًا وبلاغة» إلى أن تقوم الساعة، فنزل القرآن بـ «اللغة العربية»، وعليه وجه الله تعالى الخطاب أيضا للناس جميعا، فتدبر:
* «وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ – لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»:
– «قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ»
– «لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
* لاحظ العلاقة بين «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» الأولى و«لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» الثانية، ولا تكن من الغافلين.
# ثانيًا:
وبناء على أنه لا مفر من أن تكون رسالة الله الخاتمة للناس جميعًا باللغة العربية «لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»، قال الله تعالى لهم:
* «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا»:
أي «القرآن الكريم»:
– «فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ»
– «وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»
١- يستحيل أن يفعل الناس ذلك دون أن يكونوا على علم بلغة القرآن العربية وأساليبها البيانية، ومع ذلك قال الله تعالى لهم:
* «فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ – وَلَن تَفْعَلُواْ»:
– «فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»
٢- لاحظوا مورد «التقوى» هنا: «فَاتَّقُواْ النَّارَ»:
أي احفظوا أنفسكم بطاعة الله في كل ما أمر به، وفي كل ما نهى عنه.
٣- ذلك أن «التقوى» هي صمام الأمن والأمان الوحيد الذي يضمن للذي آمن وأسلم وجهه لله ألّا يتعدى حدود الله، لأنه لو تعدّاها سقط في الدرك الأسفل من نار جهنم.
ثالثًا:
ولقد وردت «التقوى» في سياق بيان أحكام القرآن التي نزلت بـ «اللغة العربية»، وفي سياق الوعد والوعيد، على النحو التالي:
١- «البقرة / ١٨٧»:
* «تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا»:
– «كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ»
– «لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
٢- «الأنعام / ٥١»:
* «وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ»:
– «لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ»
– «لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
٣- «الأنعام / ٦٩»:
* «وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـكِن ذِكْرَى»:
– «لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
٤- «الأعراف / ١٦٤»:
* «وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ»:
– «لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً»
– «قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ»
– «وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
٥- «طه / ١١٣»:
* «وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً»:
– «وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ»
– «لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً»
٦- «الزمر / ٢٨»:
* «قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ»:
– «لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
# رابعًا:
إذا غابت «التقوى» لحظة عن القلب، يمكن أن يحدث ما لا يُحمد عقباه، فكيف بأمة خلعت لباس «التقوى» ولبست لباس «شرك التفرق في الدين» وسفك الدماء بغير حق، في فتن كبرى دفعت ثمنها الأجيال جهلًا دينيًا وتخلفًا حضاريًا وإلحادًا شيطانيًا باسم التنوير؟!
والغريب، عند النظر في حياة المسلمين ومعايشهم:
نجدهم يعيشون سعداء بحياتهم، يتزوجون ويُولد أولادهم على ما وجدوا عليه آباءهم دينيًا مذهبيًا، يتعلّمون ويَعْمَلُون ويُحققون الملايين والمليارات، فإذا ماتوا «بغتة» لا يعلمون ماذا حدث لهذه الأموال بعد موتهم؟!
هل سمعتم عن ملياردير أو مليونير مسلم «اتقى الله» فأنفق معظم أمواله على مشروع يُعيد «نور القرآن» إلى حياة المسلمين؟!
لم يحدث، والسبب:
غياب «التقوى»، لأن القرآن «هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ»، وهو ليس منهم.
لقد كانت هذه الغيبوبة سببًا في أن تطفح شبكات التواصل الاجتماعي بـ «إلا رسول الله»!!
والغريب أن الذين ينشرون ذلك لم يدخلوا في «دين الإسلام» أصلًا، إنهم من «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»، سنّة – شيعة – إباضية – معتزلة … وما تفرع عن هذه الفرق من مذاهب عقدية وفقهية!!
«أَفَلاَ تَتَّقُونَ»؟!
ونتابع.
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى